أربيل تنقذ "بلبل الوادي".. من الانقراض إلى العالمية

19-10-2025
رووداو
أربيل تنقذ "بلبل الوادي"
أربيل تنقذ "بلبل الوادي"
الكلمات الدالة إقليم كوردستان أربيل
A+ A-

رووداو ديجيتال

في مشهدٍ يجمع الفنّ بالطبيعة، تحوّلت مدينة أربيل إلى عاصمة لأندر بلابل العالم، بعد أن كادت "بلابل الوادي" تنقرض من مناطق بدرة وجصّان الكوردستانية بسبب الصيد الجائر.
 
يقول فاضل وهاب تاجر بلبل الوادي: "هذه أندر البلابل في العالم، هذه البلابل النادرة ظهرت في مناطق بدرة وجصان الكوردستانية، فكيف أن حيوان الباندا صيني بامتياز، تعدّ هذه البلابل كوردستانية. بلبل الوادي، صنف نادر ومعروف من البلابل، منطقة الأذن عندها بيضاء، وهي مشهورة في العراق والبلاد العربية بفضل صوتها المميز".
 
ويضيف وهاب: "يوجد في منطقة بدرة وجصان بستان، تميزت بلابله بحناجرها العذبة. أداءها مميز عن سائر البلابل في مناطل العراق الأخرى. فعندنا البلبل البغدادي الذي يسمى العلوازي، لسان البلبل العلوازي دقيق في الغالب، وبلبل الوادي تختلف ألحانه وكل شيء فيه لا يشبه ما عند البلابل العراقية الأخرى. عندما عثر أحمد الساعدي على هذا البستان، انتشر هذا الطائر في الأسواق، وطرأ تغيير على سوق بلابل النخيل. من بلبل عادي تحول إلى موضوع دولي مهم وتحولت أنظار البلاد العربية إلى هذا البستان"
 
ويسترسل تاجر الطيور فاضل وهاب: "للأسف، خلال فترة قصيرة، أقل من سنة، انقرض هذا البستان، حيث كان الجميع يذهب لصيد البلابل في البستان، ويحملها إلى السوق ويبيع البلبل بمليون دينار أو مليون ونصف مليون. بعد تربية آباء هذه البلابل وإكثارها، وصل عدد كبير منها إلى أربيل"
 
فاضل وهاب يجزم أن عدد الآباء ثمانية في عموم العراق، "سبعة منهم في أربيل، والآخر في جنوب العراق. اثنان منهم عندي وعند السيد ديدوان، ويعرفان بالاسمين الملكة والحشيشة. هذان ينتجان صغاراً بصورة سنوية، وهذه الصغار تتعلم من الآباء التي هي بمثابة معلمين لهم، من المراحل الأولى حتى الأخيرة. هذه الآباء تعلم الصغار لغة تعرف بـ(البست) أو (التقسيم) والصغار المبتدئة تتعلم أولاً تحريك مناقيرها، ثم بعد ذلك تتلقى من الآباء ألحاناً خفيفة منخفضة الصوت، وبنعومة بالغة. مثلما يتعلم التلميذ الألفباء في المرحلة الابتدائية، بعدها يتعلم الجمل، هكذا تلقن الآباء الصغار. في الأخير، تتعلم اللغات واحدة فواحدة، مثلاً لغة هيديوجي بورش، حيث أن لكل لغة اسمها. هذه واحدة من اللغات الصعبة جداً. أحياناً يستغرق الأمر من الآباء نهاراً كاملاً ليتعلم الصغير. الدروس تلقن للصغار مرتين في اليوم، في الصبح وعند المغرب، حيث يلقنها الآباء ويرددها الصغار. خلال شهرين، تتلقى الصغار كل اللغات، لكننا لا نبيعها قبل أن تبلغ السنة من العمر. عندما تبلغ السنة، ونتأكد من أنها تلقت كل اللغات وتخرجت، نمنحها الشهادة ونودّعها".
 
ويوضح: "من الأمور التي نعتز بها حقاً، أننا استطعنا نقل ملكية بلبل النخيل من الجنوب إلى أربيل. أربيل هي الآن عاصمة بلبل الوادي. أي أنهم يأتون من عموم العراق والبلاد العربية بصورة عامة إلى أربيل لشراء هذا البلبل، ويحملونه معهم إلى ديارهم. نبيع سنوياً ما بين 150 و200 بلبل خريج".
 
أحياناً يتجاوز سعر هذا الطائر عشرة آلاف دولار، فقد كاد ينقرض نتيجة للصيد الجائر، لكن مدينة أربيل أصبحت اليوم عاصمة لتربيته وحفظه.
 
يقول ديدوان محسن تاجر بلبل الوادي: "جلبت نحو 14 من الآباء، ذكوراً وإناثاً. بعتها جميعاً لمن حولي. أرسلتها إلى الجنوب، إلى البصرة، جلبت أعلاها ثمناً من البصرة بسبعة ملايين دينار. هذه التي تتخرج الآن وتباع بذلك السعر هي نسخ عن البلبل الذي بعته. البلبل الذي بعته بسبعة ملايين، يبلغ سعره الآن 25 ألف دولار".
 
ويقول فاضل وهاب في مداخلته: "فيما يتعلق بسعر البلبل، هذا يباع بـ1500 دولار، والآخر بـ15 ألف دولار. الموضوع رهن بأداء البلبل، لأن عندنا الآن 14 لغة، عندنا بلابل تجيد اللغات الـ14 بالتمام. كان عندنا بلبل، وكان مميزاً جداً، اسمه (رابون) وهو عند السيد ديدوان، كان يغرد بـ15 لغة"
 
أما ديدوان محسن فيقول: ""هناك بلابل تباع في السوق بـ15 ألف دينار فقط، لكن هذه تتراوح أسعارها بين 500 و20 ألف دولار، الآباء تبلغ أسعارها 20 ألف دولار، ربما يتساءل البعض هل يعقل هذا، أن يكون سعر البلبل 20 ألف دولار. نعم هذا صحيح، قبل 10 أيام بعت بلبلاً لقاء طائر و7500 دولار، احتسبت الطائر بـ2500 دولار، أي أنني بعت البلبل بعشرة آلاف دولار".
 
الآباء البلابل، تعلم صغارها بصبر وهدوء 14 لغة متنوعة، والآن عندما تصدح بلابل الوادي في أربيل، فإنها ليست مجرد بلابل، بل هي قصة بلد تمكن من إنقاذ أندر بلابل العالم من الفناء وحولها إلى تجارة دولية.
 
قصة بدرة والوادي، هي قصة يد مترعة بالمحبة حالت دون اندثار إرث مميز، وقصة مدينة تعلم العالم كيف يحمي الفن والطبيعة.

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب