رووداو ديجيتال
أثار نبش بعض القبور واستخراج الرفاة منها، في وسط مدينة عفرين، التي تحتلها قوات تركية مع فصائل مسلّحة تنتمي إلى الجيش الوطني السوري المعارض، منذ 18 مارس/أذار 2018، مواقف وردود فعل متباينة. كانت فرق تابعة للسلطات التركية وأخرى تابعة للدفاع المدني التابع للسلطات المحلية التي أنشأتها تركيا بالتعاون مع المعارضة السورية، قد فتحت، يوم الأربعاء الفائت، 14 يوليو/تموز 2021، مجموعة من القبور، في موقعٍ يقع خلف مبنى ثانوية الزراعة سابقاً، والذي يتّخذه المجلس المحلّي في عفرين مقرّاً له، واستخرجت منها رفاة 35 ضحية. وزارة الدفاع التركية، في تغريدة لها في موقعها على منصّة التويتر، وصفت على الفور المقبرة بأنّها (مقبرة جماعية)، واتّهمت وحدات حماية الشعب بارتكاب جريمة واعتبرت أن الجثث تعود إلى مدنييين أعدمتهم الوحدات.
نوري محمود، الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب، ردّ على ما وصفها بالمزاعم التركية وقال: "تُريد الدولة التركية أن ثظهر هذه المقبرة على أنّها مقبرة جماعية وذلك بهدف الإساءة إلى سمعة ثورتنا، ولكن في الحقيقة، هي مقبرة شهداء، مقبرة شهداء عفرين، والذين قام أهالي عفرين بأنفسهم، وفي مراسم وبشكلٍ رسمي، ووفق الأعراف والعادات، وحسب المعايير الدولية، بمواراة جثامين الشهداء الثرى هناك. ولذلك أودّ القول أنّ الدولة التركية تتبع كلّ السبل وتجمع من حولها كلّ القذرين الذين أدخلتهم اليوم إلى الأراضي السورية، وخاصّة في غرب كوردستان، في عفرين وتسلك سبل لا أخلاقية ". محمود، الذي كان أحد قادة وحدات حماية الشعب في عفرين ابّان الهجوم التركي المدعوم بفصائل مسلّحة تابعة للمعارضة السورية وموالية لتركيا، قدّم بعض التفاصيل عن تلك المقبرة، التي قال بأنّها استُحدِثَت في الأيام الأخيرة من وجود قواتهم في المدينة،على مبعدة مئة متر من مستشفى آفرين، بسبب عدم القدرة على نقل الجثامين إلى المقابر الرسمية بسبب اشتداد القصف على محيط المدينة، وقال: " تضمّ المقبرة جثامين 71 شهيداً، منهم 12 مقاتلة من وحدات حماية المرأة، و14 مقاتلاً من وحدات حماية الشعب، و5عناصر من قوات الأسايش و3 مقاتلين من جبهة الأكراد، ومقاتل من واجب الدقاع الذاتي، و5 مواطنين مدنيين، هويتهم معروفة إلى جانب 32 شخصاً هويتهم مجهولة" .
ذكر شاهد عيان (ع. م)، 53 عاماً، وكان يعمل في القطاع الصحي، ولا يزال يقيم داخل منطقة عفرين، وفي تسجيلٍ صوتي، أرسلت نسخة منه إلى شبكة رووداو الإعلامية، وطلب التكتّم على هويّته لدواعٍ أمنية، وقال: "هناك في هذا الموقع، رفاة ما بين 35 و40 ضحية، تمّ دفنهم بعد أن عجزوا عن نقل الجثامين إلى مقابر الشهداء. كانت هناك أرض خالية خلف مبنى المجلس المحلي الحالي، فدفنوهم جميعاً هناك. حفروا تلك الأرض ودفنوهم جميعاً، كان جميعهم ممن فقدوا حياتهم في الحرب، فقدوا حياتهم في بداية الحرب".
مصدرٌ آخر من داخل عفرين، تحدّث يوم الخميس إلى شبكة رووداو الاعلامية من داخل عفرين (ب. ب)، 45 عاماً، طالباً عدم الكشف عن هويته، لما يشكّل ذلك من خطرٍ على حياته، حسب قوله، وأكّد بأنّه قد حضر مراسم دفن الدفعة الأولى من الضحايا، وقال: "كانت هناك جثامين ما يقارب أربعين شخصاً، بعضهم من مقاتلي وحدات الحماية، وآخرون من عناصر الأسايش، بالإضافة إلى مدنيين. ومن بين مقاتلي وحدات حماية الشعب، كان هناك بعض المقاتلين الذين ينتمون إلى منطقة الجزيرة، وتمّ دفنهم ووضعت شواهد لقبورهم تحمل معلومات عن هويّتهم". وأردف المصدر نفسه، قائلاً: " قبل يومين من دخول القوات التركية والمسلحين إلى عفرين، أخرج عاملو الإدارة الذاتية ما يقارب 30 جثّة، ولم يقوموا بدفنها، مخافة التعرّض إلى القصف، لأنّ تلك الأرض كانت مكشوفة، فقام المدنيون بدفن تلك الجثامين، على مقربة من من الدفعة الأولى، من دون شواهد قبور أو تدوين معلومات شخصية عنهم، لأنّ المدنيين كانوا يجهلون هوية الضحايا".
وكان إبراهيم شيخو، الناطق باسم منظمة حقوق الإنسان - عفرين - سوريا، قد خصّ، يوم الخميس، 15 يوليو/تموز، شبكة رووداو الإعلامية بتصريحٍ حول الموضوع ذاته، وقال فيه: "هذه المقبرة استُحدِثَت منذ 15 مارس/أذار 2018 بعد أن تمّت محاصرة عفرين من الجهات الأربع من قبل القوات التركية والجماعات المسلّحة، إذ لم يعد يستطيع أحد أن ينقل جثث موتاه إلى خارج مدينة عفرين، ولذلك، في تلك البقعة المجاورة لمستشفى آفرين، وبجانب مطبعة روناهي، كما يظهر في الصور أيضاً، تمّ دفن الجثامين، ولكنّها ليست مقبرة جماعية، وإنّما مقبرة تمّ دفن كلّ جثة فيها على حدةٍ، ووجود الأكفان هو دليل على ذلك كما تكشف عنها الصور أيضاً" .
وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن السلطات المحلية في عفرين أنّ ما أعلنت عنها تركيا يوم الأربعاء على أنّها مقبرة جماعية، "هي ليست حفرة جماعية، بل مقبرة غير رسمية أنشأتها قوات سوريا الديمقراطية". وذكرت الوكالة أنّ "السلطات المحلية في منطقة عفرين قالت لصحافيين وبينهم مراسل وكالة فرانس برس، إن الأمر يتعلق بمقبرة غير رسمية وليس بمقبرة جماعية".
اتّصلت شبكة رووداو الإعلامية بمصدرٍ داخل المجلس المحلي في عفرين، للتعليق على الموضوع، لكنّ المصدر أبلغ رووداو "بأنّهم لا يستطيعون الإدلاء بأيّ تصريحٍ رسمي قبل انتهاء التحقيقات ومعرفة هوية الضحايا، وأنّ كلّ الاحتمالات بشأن هوية الضحايا واردة".
من جهته، أعلن والي ولاية هاتاي المتاخمة لمنطقة عفرين الكوردية، رحمي دوغان، الخميس، أن عدد الجثث التي تم العثور عليها ارتفع إلى 61 جثّة.
مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، نشر على حسابه على منصّة تويتر، يوم الجمعة، 16 يوليو/ تموز، مقطعاً مصوّراً للمقبرة تلك، يُظهر القبور بشواهدها، مع صورٍ تظهر فيها المقبرة قبل وبعد نبشها، وغرّد: "تدعي قوات الاحتلال التركي ادعاءات كاذبة بأن مقبرة شهداء وحدات حماية الشعب (YPG) الذين سقطوا دفاعاً عن عفرين أثناء الغزو هي (مقبرة جماعية). ندعو المجتمع الدولي للتحقيق في جرائم تركيا والميليشيات في عفرين ووقف الجرائم ضد الإنسانية".
كانت القوات التركية، برفقة جماعات مسلّحة تابعة للمعارضة السورية وموالية لتركيا، قد بدأت بالهجوم العسكري على منطقة عفرين الكوردية في شمال سوريا، والتي كانت تُدار من قبل الإدارة الذاتية، في يوم السبت، 20 يناير / كانون الثاني 2018، في عملية أطلقت عليها تسمية "غصن الزيتون"، وانتهت عملية الغزو باحتلال مركز مدينة عفرين يوم الأحد، 18 مارس /أذار 2018.Turkish occupation forces are making false claims a cemetery of YPG martyrs who fell in the defense of Afrin during the invasion is a 'mass grave'. We call on the international community to investigate Turkish and militia crimes in Afrin and stop crimes against humanity. pic.twitter.com/1hY5lHcSyu
— Mazloum Abdî مظلوم عبدي (@MazloumAbdi) July 16, 2021
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً