معتقلة كوردية في سجن بعفرين: في كل زنزانة مقبرة بسبب التعذيب والجوع

15-10-2022
الكلمات الدالة سجن الزراعة سجن معراته عفرين
A+ A-
رووداو ديجيتال 

لونجين محمد خليل عبدو، فتاة عفرينية، اعتقلت مع والدها محمد خليل عبدو وشقيقتها روجين محمد خليل عبدو في حزيران 2018 بمنطقة عفرين، على يد المخابرات التركية، حيث بقيت معتقلة في سجون الـ(ميت) التركي وفصائل معارضة مسلحة لأكثر من عامين. 
 
وقالت لونجين عبدو، في مقابلة أجرتها معها رووداو الإعلامية، السبت (15 تشرين الأول 2022)،  "تعرضنا لضغوط كبيرة في سجون المخابرات التركية، فقد أصدقاؤنا حياتهم بسبب التعذيب والجوع". 
 
أطلق سراح لونجين عبدو في كانون الأول 2020، بعد عامين و7 أشهر من البقاء في سجون فصائل معارضة مسلحة. 
 
جدير بالذكر أن "لونجين" وصلت رفقة عائلتها إلى فرنسا منذ بضعة أشهر، وأجرت أول مقابلة لها مع شبكة رووداو الإعلامية متحدّثة عن قصّة سجنها. 
 
وذهبت الفتاة الكوردية المعتقلة سابقاً في قولها عن معاناة السجن: "قضينا فترة طويلة وصعبة في تلك السجون. سجونهم كانت متشابهة وتقبع تحت الأرض، وتملؤها الحشرات، بشكل لا يتصوّره العقل". 
 
وعقب سيطرة تركيا وفصائلها المسلحة الموالية لها، على منطقة عفرين عام 2018، وغيرها من المناطق التابعة لروجافآي كوردستان، هاجر قسم كبير من الكورد الأصليين، فيما تعرض الباقون، غالبيتهم من كبار السن، للاضطهاد والاعتقال والاختطاف والقتل، إلى جانب ممارسة التغيير الديمغرافي وتوطين عوائل سورية مستقدمة، وقطع عشرات الآلاف من الأشجار التي تشتهر بها عفرين. 
 
لونجين عبدو، روت حيثيات تعذيبهم من قبل سجّانيهم، قائلةً "كنّا في البداية معتقلين لدى الاستخبارات التركية، ثم تم تسليمنا إلى فرقة (الحمزة / الحمزات)". 
 
وأردفت "بقينا قرابة 8 أشهر في تعذيب مستمر، منه الجسدي بواسطة الكهرباء إلى جانب النفسي،  ففي كل معتقل كانت هناك مقبرة جماعية للمعذّبين، وأحد تلك الأمثلة، هو صديق لي يدعى كاوا، كان رفقة والدي في سجن الزراعة، وبعد تأزم وضعه الصحي، قتلوه ودفنوه هناك".  
 
سجنت لونجين رفقة مجموعة من النساء، حيث ذكرت بأن السجّانين "لم يفرّقوا في تعاملهم بين النساء والرجال"، وبيّنت أن عدد النسوة اللاتي كن معها قبيل خروجها قد بلغ "27 امرأة و7 أطفال".
 
وأكدت "لونجين" أنهم لم يتلقّوا أي رعاية صحية طيلة سنتين من الاعتقال، وحتى أن احتياجات الأطفال كانت ضيئلة للغاية وغير كافية. 
 
إضافة لذلك، لم يكن المسجونون على تواصل مع ذويهم للتعاقد مع محامٍ من أجل الدفاع عنهم، ولا حتى بينهم أنفسهم في السجن، كما أوضحت لونجين أنهم لم يمتثلوا أمام أي محكمة وقضاة خلال تلك الفترة. 
 
كان يتناوب على تعذيب النساء 3 من عناصر الفصائل، الأمر الذي يدفع بعضهن إلى محاولة الانتحار والإضراب عن الطعام، سعياً منهن بالحصول على الحرية، وفقاً لـ"لونجين". 
 
فضلاً عن ذلك، لم توجّه أي تهم أو جرم إلى لونجين والمسجونات معها، لافتة إلى أن بعضهن ربّات منزل، وأخرى طالبة وإحداهن ممرضة، في إشارة إلى أن الاعتقال تمّ بشكل عشوائي دون أي سبب: "كنا سنقبل بأي حكم، أردنا فقط الامتثال لمحكمة ما". 
 
الأحداث الأخيرة في عفرين، ساهمت في فرار بعض السجناء من سجن "معراته"، وهو ما تؤكده "لونجين" بأن قرابة 170 سجيناً استطاعوا الهروب من السجن، مشيرة إلى أن قسماً من الفارّين ألقي القبض عليهم مرة أخرى. 
 
وبالتالي، بلغ عدد السجناء الذين استطاعوا الفرار من سجن معراته "104 رجال و4 نساء"، بحسب "لونجين". 
 
بخصوص آلية التحقيق معهم، كشفت أنه كان يتم في غالب الأحيان بحضور الاستخبارات التركية، إلى جانب عناصر من الفصائل. 
 
أما بشأن إمكانية السماح بزيارتهم من قبل أي منظمة أو جهة حقوقية أو انسانية، أكدت "لونجين" أنهم لم يلتقوا بأي أحد خلال فترة السجن، مشيرة إلى اعتقالهم في زنازن معزولة ومخفية. 

 

وفيما يلي نص المقابلة:

رووداو: خلال اليومين الماضيين انتشر مشهد سجن تابع لفصيل الحمزات في بلدة الباب، وبما أنك مكثت في تلك السجون ولديك تجربة فيها، ماذا اعادت تلك المشاهد لذهنك؟ ماذا كان يمارس في تلك السجون؟

لونجين: قضينا في تلك السجون وقتاً طويلاً، لكن كل السجون التابعة لهم يمارس فيها الاسلوب ذاته، لا تمكن المفاضلة بين واحدة وأخرى منها، كلها تحت الارض ونسبة رطوبتها عالية، وتكثر فيها الحشرات، فالبشر لا يتقبل البقاء فيها، كلها نفس الشيء تلك السجون، كنا في سجن الزراعة الذي كان يديره أبو عبدو الكادري.

رووداو: كيف كان التعامل مع المعتقلين في تلك السجون؟ كيف كانت تمضي حياتهم اليومية؟

لونجين: تنقلنا بين عدة سجون ليس فقط لدى الحمزات، فقبلها كنا لدى الاستخبارات التركية، وبعدها تم تحويلنا إلى الحمزات لكن قبل ان نحول إليهم. أمضينا قرابة 8 أشهر كان التعذيب بحقنا مستمراً بأدوات تعذيب مختلفة، فالتعذيب لم يكن فقط نفسياً بل جسدياً أيضاً، لم نكن نصدق أننا سنخرج سالمين من هناك، كانت هناك مقبرة جماعية في كل سجن، قمنا بدفن الكثير من أصدقائنا، أحدهم كان في سجن الزراعة يدعى كاوا الذي عانى كثيراً هناك، فقد كان مريضاً ونتيجة للتعذيب والمرض توفي ودفن في مقبرة الزراعة، وفي سجن الاستخبارات التركية هناك أيضاً توفي الكثير من أصدقائنا نتيجة التعذيب والجوع وكل تلك الوسائل.

رووداو: لا شك انك التقيت الكثير من المعتقلات، كيف كان يجري التعامل معهن في السجن؟

نولجين: لم يكونوا يفرقون بين النساء والرجال والاطفال، خلال عامين كنا جميعنا نساء وطفلين، بعدها أصبحنا 21 امرأة و 7 أطفال، التعامل لم يختلف بين النساء والرجال، أي المعاملة هي نفسها.

رووداو: قلت انه كان معكم اطفال أيضاً هل كانوا يسمحون لأمهاتهم بالاهتمام والاعتناء بهم عندما يمرضون؟

نولجين: على مدى عامين في سجن الحمزات لم نر أي طبيب، ومستلزمات الاطفال والحليب كان قليلاً جداً.

رووداو: كانوا يسمحون لكم أن توكلوا محامين للدفاع عنكم؟ هل كان لكم أي حق قانوني بهذا الخصوص؟

نولجين: طوال عامين و7 اشهر لم نستطع التواصل مع أهالينا، حتى كانوا يخبروننا انهم قتلوا أفراداً من عائلتنا أو أنهم اعتقلوهم، أي كان التواصل مقطوعاً من اهالينا، لم نر أي محكمة او قضاة، فقط كنا محتجزين في غرفة ونتعرض للإذلال والإهانة على الدوام، حتى ان بعض زملائنا كانوا ينتحرون، فكانت محاولات الانتحار موجودة كل يوم، كنا نضرب عن الطعام، كنا ننتظر أن يحاكمونا لكن لم يحصل ذلك، حتى كنا نطلب منهم أن يُعلمونا بالتهم التي اعتقلونا على اساسها لكن لم يكن لديهم جواب مقنع، فلم يكن في السجن اي شخص ارتكب جرماً فعلياً، كانت الممرضة او الطالبة او الام لأطفال هن المعتقلات.

رووداو: يقال ان نزلاء سجن معراته قد هربوا منه بعد الهجوم الاخير لهيئة تحرير الشام ضد الجبهة الشامية والفيلق الثالث، ماهي معلوماتك عن ذلك السجن؟ وعن الذين هربوا؟

نولجين: كان يوجد في ذلك السجن نحو 170 معتقلاً؛ وكان بينهم نساء. هرب قسم منهم، وألقي القبض على القسم الآخر مرة أخرى، وعددهم يبلغ نحو 40 شخصاً. قسم من هؤلاء هم بالتأكيد من أهالي عفرين وريف عفرين وأسماؤهم معروفة.

رووداو: عندما كانوا يحققون معكم، هل كانت الفصائل المسلحة وحدها تفعل ذلك أم جهات اخرى كانت تحضر التحقيق، فيجري الحديث أحياناً عن التعاون بين الأتراك والفصائل المسلحة. من كان يتواجد في التحقيق؟

نولجين: كل فترة كانوا ينقلوننا من سجن إلى آخر، وفي كل مرة كان يتم التحقيق معنا من البداية، احياناً كان التحقيق من قبل تركيا وأحيانا الفصائل، الاتراك حضروا نحو 3 مرات خلال جلسات التحقيق، وفي كل فترة كانوا يأتون إلى السجون التي نحن فيها لتفقد اوضاعنا، لكن مع الأسف لم يقدموا لنا أي شيء.

رووداو: وماذا عن منظمات حقوق الإنسان، هل سمحوا لهم بان يزوروا السجون لتفقد اوضاعكم فيها؟

نولجين: كلا طوال فترة تواجدنا في السجون لم نر أحداً منهم، فقد كنا في مكان مخفي جداً، لم يستطع أحد حتى الاستفسار عن مكان تواجدنا، وخاصة ان المعتقلين في عفرين يضعونهم في اماكن مخفية أكثر، الوضع في سجن الزراعة كان سيئاً جداً.

 
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

معد فياض وعدنان المفتي

عدنان المفتي لرووداو: قصة حب أدت لتجميد عضوية مسؤول (البارتي) في الجامعة المستنصرية

هل كانت بغداد بالنسبة لعدنان المفتي هي "الجنة الموعودة"التي شكلت الهدوء الذي يسبق العاصفة، ام كانت هذا العاصفة ذاتها التي صقلت الموهبة القيادية والتجربة النضالية الحقيقية له..وربما هي كل هذا تداخلت في مزيج من الفعاليات التي انتجت مرحلة من التحديات الحياتية والسياسية؟