رووداو ديجيتال
أعلنت الشبكة الكوردية لحقوق الإنسان في سوريا والمنظمات الحقوقية والمدنية الكوردية عن رفضها القاطع لـ "الإعلان الدستوري" الذي جاء "دون مراعاة مبادئ المشاركة الشاملة والتمثيل العادل لمكونات الشعب السوري كافة"، داعية إلى إعادة تشكيل اللجنة المكلفة بصياغته.
وأكدت الشبكة والمنظمات في بيان مشترك تلقت شبكة رووداو الإعلامية نسخة منه، اليوم السبت (15 آذار 2025)، أن "الإعلان، بصيغته الحالية، يتجاهل التنوع القومي والثقافي لسوريا، ولا يعكس التضحيات التي قدمتها مختلف الأطياف السورية في سبيل الحرية والديمقراطية"، كما "يفتقر إلى الضمانات الدستورية الكافية لحماية الحقوق اللغوية والثقافية والسياسية للمكونات غير العربية".
تسلّم الرئيس السوري أحمد الشرع يوم الخميس (13 آذار 2025)، الإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية، بعد ثلاثة أشهر من الإطاحة بنظام بشار الأسد.
حدّد الإعلان مدة الفترة الانتقالية بخمس سنوات تبدأ بتاريخ نفاذه وتنتهي بعد إقرار دستور دائم للبلاد وتنظيم انتخابات وفقاً له. كما حدّد الإسلام ديناً لرئيس الجمهورية والمصدر الرئيسي للتشريع، واللغة العربية "اللغة الرسمية للدولة" التي تكفل "التنوع الثقافي للمجتمع السوري بجميع مكوناته والحقوق الثقافية واللغوية لجميع السوريين".
إقصاء الكورد وانتهاك المعايير الدولية
اعتبرت الشبكة والمنظمات أن إقصاء الكورد ومكونات رئيسية أخرى من العملية الدستورية يشكل انتهاكاً واضحاً للحق في المشاركة السياسية، الذي يكفله العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما يتعارض مع مبادئ العدالة الانتقالية، التي تقتضي إشراك جميع الأطراف في رسم مستقبل البلاد دون تمييز أو إقصاء.
وأضافت: "يُفترض أن يكون الإعلان الدستوري المؤقت وثيقة تعكس مبادئ العدالة والمساواة، وتمهد لعملية دستورية ديمقراطية شاملة تضمن حقوق جميع السوريين دون تمييز، إلا أن هذا الإعلان، بدلاً من أن يكون خطوة نحو التأسيس لدولة القانون والمواطنة المتساوية، جاء ليكرّس الإقصاء والتهميش، متجاهلًا التنوع القومي والثقافي والديني في سوريا".
الشبكة الكوردية لحقوق الإنسان في سوريا والمنظمات الحقوقية والمدنية الكوردية حذرت من أن "استبعاد الكورد وغيرهم من المكونات القومية والدينية من عملية إعداد هذا الإعلان يشكل خرقًا واضحًا لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اللذين يؤكدان على حق المشاركة المتساوية في الحياة السياسية والعامة".
تمييز ضد المرأة وتجاهل للتعددية الثقافية
البيان المشترك انتقد أيضاً تجاهل الإعلان الدستوري لمبدأ المساواة بين الجنسين، معتبراً أن هذا التجاهل "يعيد إنتاج قوانين الأحوال الشخصية التمييزية التي تتعارض مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، ويهمل ضمان مشاركة المرأة في عملية صنع القرار السياسي".
كما لفت إلى أن الوثيقة لم تتضمن أي "ضمانات لحماية وتعزيز اللغات والثقافات غير العربية، بما في ذلك اللغة الكوردية، ما يشكل انتهاكًا للمعايير الدولية، ولا سيما الإعلان العالمي لحقوق الأقليات والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اللذين يكفلان حق الشعوب الأصلية والأقليات في الحفاظ على لغاتها وهوياتها الثقافية وممارستها دون قيود".
وأكد البيان أن هذا الإقصاء "يعزز من سياسات الصهر القسري، ويهدد التنوع الثقافي في سوريا، الذي ينبغي أن يكون عامل قوة لا مصدر تمييز أو تهميش".
إعادة تشكيل لجنة الصياغة
وشددت الشبكة والمنظمات إلى أن "الإعلان الدستوري الصادر حديثًا لا يستوفي المعايير الدولية للإعلانات الدستورية الانتقالية، إذ يتعارض مع المبادئ الأساسية الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الأقليات".
وبناء على ذلك، أعلنت رفضها "القاطع" لهذا الإعلان، لأنه "لا يعبر عن إرادة جميع السوريين، بل يكرّس سياسات الإقصاء والتمييز، ويخالف مبادئ العدالة الانتقالية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2254"، والذي أكد على "ضرورة صياغة دستور جديد عبر عملية سياسية شاملة تشمل جميع الأطراف".
دعت الشبكة الكوردية لحقوق الإنسان في سوريا والمنظمات الموقعة إلى إعادة تشكيل اللجنة المكلفة بصياغة الإعلان الدستوري، بحيث تضم خبراء قانونيين ودستوريين يمثلون جميع مكونات الشعب السوري، لضمان توافق الوثيقة مع معايير لجنة فينيسيا التابعة لمجلس أوروبا بشأن الدساتير المؤقتة.
وبناء على المبادئ القانونية الدولية والممارسات الدستورية المعتمدة في الفترات الانتقالية، أكدت الشبكة والمنظمات الموقعة على البيان، على ضرورة الالتزام بالضوابط التالية لـ "ضمان عدالة وشرعية المرحلة الانتقالية في سوريا".
"1. عدم الاعتماد على الدستور السوري السابق كمرجعية قانونية للمرحلة الانتقالية، حيث إنه صيغ في ظل نظام استبدادي، ويتعارض مع متطلبات العدالة الانتقالية والمبادئ الديمقراطية المعترف بها دولياً.
2. إخضاع الإعلان الدستوري المؤقت لمبادئ القانون الدولي، لا سيما المعايير الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية والأقليات، لضمان حماية حقوق جميع المكونات السورية.
3. تحديد مدة المرحلة الانتقالية بما لا يتجاوز المدد القانونية المتعارف عليها دولياً، حيث يجب ألا تزيد عن أربع سنوات، مع ضرورة حصر الفترة الأولى من المرحلة الانتقالية بسنتين فقط، بحيث تكون بمثابة بوابة للانتقال إلى وضع دستوري دائم ومستقر، وفقًا لممارسات العدالة الانتقالية المنصوص عليها في تقارير المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
4. اعتماد نظام اللامركزية السياسية خلال المرحلة الانتقالية، كآلية لضمان مشاركة جميع المكونات السورية، ومنع تكرار سياسات التهميش والتطهير العرقي والإبادة الجماعية، بما ينسجم مع المبادئ الواردة في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948.
5. تسمية الدولة بـ"الجمهورية السورية"، بما يضمن إرساء الاطمئنان الدستوري لجميع القوميات والمكونات، ويعكس التعددية والتنوع الثقافي السوري، انسجامًا مع المبادئ الواردة في إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية.
6. تقييد دور الإعلان الدستوري ضمن إطار مرحلي مؤقت، بحيث لا يتحول إلى دستور دائم أو أداة لمصادرة إرادة السوريين، أو تكريس الإقصاء والتهميش بحق المكونات القومية والأقليات، الأمر الذي يتنافى مع الإعلان العالمي للديمقراطية الصادر عن الاتحاد البرلماني الدولي.
7. ضمان مشاركة المجتمع المدني السوري في جميع مراحل العملية الانتقالية، نظراً لدوره الأساسي في تعزيز الشفافية، المساءلة، وضمان حقوق الإنسان، وفقًا لما نص عليه إعلان الأمم المتحدة بشأن المدافعين عن حقوق الإنسان.
8. ضرورة وجود نصوص واضحة حول تشكيل السلطة القضائية، بحيث يتم فصل السلطات بشكل تام، ومنع أي تدخل من السلطة التنفيذية، لا سيما رئيس الجمهورية، في تعيين أو تشكيل المحكمة الدستورية العليا، بما يتوافق مع المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية الصادرة عن الأمم المتحدة.
في ختام بيانها، حذرت من أن تجاهل هذه المبادئ في أي إعلان دستوري مؤقت "سيؤدي إلى تقويض العملية الانتقالية، وزعزعة الاستقرار، وخلق بيئة قانونية غير عادلة"، ذلك يستدعي "مراجعة شاملة لهذه الوثيقة، وإشرافا دولياً مباشراً لضمان توافقها مع الشرعية الدولية ومعايير حقوق الإنسان".
المنظمات الموقعة على البيان:
1.الشبكة الكوردية لحقوق الإنسان في سوريا
2.منظمة حقوق الإنسان في سوريا - ماف
3.المنظمة الكوردية لحقوق الإنسان في سوريا (DAD)
4.اللجنة الكوردية لحقوق الإنسان في سوريا - راصد
5.منظمة الدفاع عن معتقلي الرأي في سوريا (روانكه)
6.مبادرة جيان لمناهضة العنف ضد المرأة
7.الحركة النسوية الكوردية / Tevgera Femînistên Kurd
8.آسو Kurdische Gemeinde Herne e.V. Aso
9.منظمة المجتمع المدني الكوردي في أوروبا
10.منظمة المرأة الكوردية الحرة
11.قوى المجتمع المدني الكوردستاني
12.الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكورد في سوريا
13.اللجنة الحقوقية في اللقاء الوطني الديمقراطي
14.الاتحاد النسائي الكوردي في سوريا
15.منظمة صقور الميتان
16.منظمة المرأة الكوردية النمساوية للفن والثقافة
17.التجمع الكوردي السوري في روسيا
18.منظمة الجيوستراتيجي للمجتمع المدني الكوردي
19.تجمع منظمات المجتمع المدني لكورد روجافا في أوروبا
20.أصوات نسوية كوردية
21.مركز رشيد حمو الثقافي
22.ممثلية اتحاد كتاب كوردستان سوريا في أوروبا
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً