المعارضة السورية الموالية لتركيا تتاجر بزيت زيتون عفرين

08-12-2019
الكلمات الدالة عفرين سوريا تركيا
A+ A-

رووداو – أربيل

عاد (زيت عفرين) ليكون موضوع نقاش في البرلمان التركي، فللمرة الأولى يقر المسؤولون الأتراك بأن هناك تجارة غير شرعية بزيت زيتون عفرين، ويقول برلمانيو حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي: "ليست عائدات تهريب الزيت معلومة" وأنه "يجري التعامل بهذا الزيت بمنطق (الغنيمة)".

تشير إحصائيات غير رسمية إلى أن هناك أكثر من 20 مليون شجرة زيتون في عفرين، وحتى احتلال المدينة في بدايات 2018 كان إنتاج زيت الزيتون وصناعة الصابون يمثلان مصدر الدخل الرئيس لسكانها.

الاتجار بزيتون عفرين

بعد احتلال عفرين من قبل تركيا والمسلحين التابعين لها (الجيش الوطني السوري)، بات تهريب زيت عفرين إلى تركيا موضوعاً ساخناً في الإعلام العالمي والتركي. ففي 16 كانون الأول 2018، نشر موقع (ألمونيتور) تقريراً أشار فيه إلى أن "سرقة الزيت والزيتون بعد احتلال عفرين ألحق بالمنطقة خسائر تقدر بـ100 مليون دولار"، وذكر موقع ODAtv.com في تقرير له في 7 شباط 2019 نقلاً عن سياسيين إسبانيين وإيطاليين: "تركيا حصلت على الزيت بطرق غير مشروعة وتبيعه للدول الأوروبية على أنه منتج تركي"، وفي 23 آذار 2019، كشفت إذاعة صوت ألمانيا في تقرير لها باللغة التركية أنه تم خلال أربعة أشهر نقل 13 طناً من زيت عفرين بطرق غير شرعية إلى تركيا.

ورغم التقارير الإعلامية، فإن المسؤولين الأتراك نفوا تلك المعلومات في كل مرة حتى انعقاد اجتماع لجنة الميزانية في البرلمان التركي في 19 تشرين الثاني 2019. حيث أقر المسؤولون الأتراك للمرة الأولى، خلال محادثات اللجنة، بأن (الجيش الوطني السوري) نقل زيت عفرين إلى تركيا. نوقش هذا الموضوع عندما قال نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، أونال جفيك أوز: "سرقت عناصر الجيش الوطني السوري زيت عفرين وهرّبوه إلى تركيا بطرق غير شرعية"، ورد عليه برلماني حزب العدالة والتنمية، أوغور آيدمير: "نعم يتم توريد الزيت إلى تركيا ونحن نقبل بهذا". لكن وزير الخارجية، مولود جاووش أوغلو، الذي كان حاضراً في اجتماع مناقشة ميزانية 2019-2020، قال: "الزيتون والزيت السوريان يتم تصديرهما من جديد عن طريق تركيا، وتعود عائداتهما إلى أصحابهما، أي أنه ليس في الأمر سرقة أو ما شابه ذلك. هذا جزء من حملة لتشويه صورة تركيا".

كيف تستولي المعارضة على زيت عفرين

قبل احتلال عفرين، كان فيها 300 معمل لإنتاج زيت الزيتون، لكن بعد ذلك، تم نهب قسم من تلك المعامل بحيث لم يعد عددها يتجاوز 150 معملاً، ويقول الصحفي العفريني المقيم في حلب، شكري دهدو، إن سياسات الميليشيات الإسلامية تؤدي إلى هدر 60% من العائدات السنوية لعفرين.

وأعلن دهدو لشبكة رووداو الإعلامية أن: "الميليشيات تسرق جزءاً كبيراً من الزيتون بعد جنيه، واستولوا على عدد من بساتين الزيتون بعد احتلال عفرين بزعم أن مالكيها يتبعون وحدات حماية الشعب، كما أن المجالس المحلية تفرض أتاوات وتصادر الزيت بحجة عدم انصياع مالكيها للقانون، وهذا ما ألحق ضربة قاصمة بعائدات الزيتون في عفرين".

وحسب دهدو، فإن عفرين تنتج سنوياً ثلاثة ملايين تنكة صفيح من زيت الزيتون (حجم تنكة زيت الزيتون هو 16 لتراً ما يعادل 14.65 كغم)، و"يشرف فريق تركي على شراء زيت الزيتون بأثمان بخسة".

في هذا السياق، يقول الإعلامي العفريني أحمد قطمة: "مع نضج الزيتون، يتجه أقارب وذوو مسلحي الميليشيات إلى بساتين الزيتون، ويسرقون كميات كبيرة من الزيتون ويبيعونه".

وأخبر قطمة شبكة رووداو الإعلامية بأنه بعد احتلال عفرين: "قسمت الميليشيات عفرين فيما بينها إلى عدة قواطع، وفازت كل ميليشيا بقاطع، واستولت على قسم من بساتين الزيتون تفرض عليها الأتاوات وفقاً لهواها".

ويضيف الإعلامي قطمة: "تتم جباية دولارين عن كل شجرة زيتون من مالكها. كما يفرض على مالك البستان أن يعصر زيتونه في معمل الميليشيا التي تسيطر على منطقته".

ويبين أحمد قطمة أن الضرر الذي لحق العام الماضي بأصحاب بساتين الزيتون بلغ نحو 100 مليون دولار، وعن خسائر 2019 يقول: "لم يتم الإعلان عنها، لأنه ليس ممكناً جمع معلومات عن عمليات السرقة والمصادرة والهدر في مركز واحد".

كما يتحدث قطمة عن قيام الميليشيات الإسلامية بقطع أشجار الزيتون: "يقومون بقطع أشجار الزيتون في بعض القرى ويصنعون منها الفحم"، و"قد فرضت ميليشيا السلطان سليمان أتاوة قدرها 300 دولار على المزارعين الكورد في ناحية (شيا) كبدل عن حمايتها لهم، وعاقبت عدداً من مزارعي المنطقة بفرض أتاوات إضافية بحجة أنهم أخفوا عنها العائد الحقيقي لزيتونهم".

وذكر قطمة أن أسواق عفرين في الموسم الحالي متخمة بزيت الزيتون بسبب إغلاق طرق تسويق الزيت إلى بقية المدن السورية "بهذه الطريقة يعمل شركاء تركيا على احتكار سوق زيت الزيتون، لشرائه بثمن بخس من المنتجين، حيث تراجع سعر تنكة الصفيح من زيت الزيتون من 19000 ليرة سورية (نحو 37.5 دولار أمريكي) إلى 12000 ليرة (نحو 23.5 دولار أمريكي)".

زيت عفرين يثير استياء المزارعين الأتراك

تنتج تركيا سنوياً نحو 200 ألف طن من زيت الزيتون الذي ينتج أغلبه في منطقة أنطاكيا. يعاني هذا القطاع في تركيا ومنذ خمس سنوات مشاكل في انخفاض الإنتاج وتراجع الأسعار. لهذا فإن تهريب زيت الزيتون من عفرين إلى تركيا يضر المزارعين الأتراك كما يضر أهالي عفرين.

ويتحدث رئيس جمعية منتجي الزيت والزيتون في أنطاكيا، علي كردشاد، عن تراجع سعر الزيتون رغم أن موسم الإنتاج بدأ منذ شهرين فقط، ويعزو ذلك إلى سببين: "هناك مراكز تتحدث عن زيادة في كميات الزيت في هذه السنة، وهذا يؤدي إلى تراجع الأسعار. الثاني، هو تهريب كميات كبيرة من الزيت من سوريا إلى تركيا، حيث نتوقع أن هذه الكمية تراوحت منذ بداية الموسم بين 7000 و8000 طن. مازال موسم جني ثمار الزيتون مستمراً في أنطاكيا وسوريا، وإذا لم تتخذ إجراءات نتوقع دخول ما بين 30 و40 ألف طن إضافي من الزيت إلى تركيا".

وفي هذا الصدد، قال الرئيس السابق لغرفة زراعة أنطاكيا، جلال جيفيليك، لشبكة رووداو الإعلامية: "سيكون لاستيراد زيت الزيتون من سوريا تأثير سلبي على أسواق تركيا. في السنوات العشر الأخيرة، شهدت سوريا استثماراً ملحوظاً في زراعة الزيتون، ويبلغ انتاجها السنوي من الزيتون 150 ألف طن، في حين أن 100 ألف طن تكفي لتغطية الحاجة المحلية السورية. أما الباقي فكان يصدر إلى إسبانيا وإيطاليا، لكن بعد الحرب الأهلية السورية توقفت إيطاليا وإسبانيا عن شراء الزيت من سوريا، فأصبح يهرب إلى تركيا".

ويتحدث جيفيليك عن طريقة نقل الزيت من عفرين إلى تركيا: "يتم إخفاء الزيت في عبوات بلاستيكية أو تنكات صفيح في شاحنات حمل فلا يكتشف في نقاط التفتيش، وأحياناً تنتفي الحاجة إلى إخفائه، ويتم نقله عبر النقاط الحدودية في هاتاي إلى معامل الزيت في المنطقة، ثم يتم استخراج أوراق مزيفة بأسماء منتجي الزيت في هذه المنطقة ويباع على أنه منتج تركي".

بعد إقرار المسؤولين الأتراك بأن زيت عفرين يدخل إلى تركيا بطرق غير شرعية، ليس مستبعداً أن يطفو هذا الموضوع إلى السطح من جديد في وسائل الإعلام العالمية وهو ما يزعج الحكومة التركية.

وقد قال رئيس غرفة زراعة آمَد، عبدالصمد أوجامان، لشبكة رووداو الإعلامية: "الأشخاص الذين استولوا على ممتلكات الكورد في عفرين، اتفقوا مع وزارة الخارجية التركية بخصوص الاتجار بزيت وزيتون عفرين. هناك من يتحدث عن ورود 30 ألف طن من الزيتون، ويتم الاستيلاء على هذه الكمية باعتماد منطق الغنيمة، ويؤتى به إلى تركيا. ليس لهذا الاتفاق أي أساس قانوني. فلا تستطيع الدولة عقد اتفاق مع مجموعة لصوص، فهذا لا يقر به على المستوى الدولي، وينعكس سلباً على السلطة على الصعيد الدولي، لذا أتوقع أن يقوموا بصبغه بصبغة قانونية".

"استيراد الزيت انتهاك لسيادة سوريا"

في اتصال هاتفي مع شبكة رووداو الإعلامية، قال البرلماني ونائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، أونال جفيك أوز: "شركة الثقة الزراعية مطلعة على استيراد الزيت من إقليم عفرين إلى تركيا. هناك معلومات تشير إلى بيع هذا الزيت إلى 41 شركة تجارية، لكن لا يجري الكشف عن سعر التعامل بهذا الزيت بذريعة الحفاظ على الأسرار التجارية، كما أعلن الاتحاد التعاوني التجاري أنه يخطط لاستيراد الزيت من سوريا في موسم 2019-2020 الإنتاجي. في 2018 دخل إلى تركيا وبطرق غير قانونية 26 ألف طن من الزيت قادماً من سوريا".

ويضيف برلماني حزب الشعب الجمهوري: "بما أن عملية (الاستيراد) لا تجري بموافقة الدولة السورية، ولأن أهالي المنطقة قد شردوا من ديارهم، تعد هذه العملية انتهاكاً لسيادة سوريا".

"التعامل مع زيت عفرين قائم على منطق الغنيمة"

يشبّه البرلماني من حزب الشعوب الديمقراطي وعضو لجنة الميزانية في البرلمان التركي، تولاي حميد أوغلو، إقرار المسؤولين الأتراك بالاتجار بزيت وزيتون عفرين بمنطق "غنيمة الحرب".

وقال حميد أوغلو لشبكة رووداو الإعلامية: "يجري الحديث عن جلب 52 ألف طن من الزيت، أي ما يعادل نحو 250 ألف طن من الزيتون. لكن ليس بين أيدينا رقم دقيق. وافقت السلطة منذ أيام قليلات على جلب الزيت والزيتون، ولمعرفة الأرقام الحقيقية وجهنا أسئلة إلى الجهات الرسمية، وسنستمر في طرح الأسئلة حتى نتوصل إلى الحقيقة".

ورداً على التساؤل:  هل تسعى الحكومة لقوننة هذه العملية؟ يقول حميد أوغلو: "لجعل هذا قانونياً باتت السلطة في دوامة. فعليها أن تثبت بأن الزيتون والزيت الذي دخل تركيا إنما جاء بموافقة أصحابه وأن عائداته ستذهب إليهم. نحن نعلم أنهم لن يتمكنوا من ذلك. سنواصل متابعتنا لنعرف ما هي المعايير المعتمدة لجلب هذا الزيت من عفرين".

وعن عائدات هذه التجارة، يقول هذا البرلماني: "ليس معلوماً إلى أين تذهب عائدات هذه التجارة. فهي غير مثبتة في الميزانية. فهل ذهبت إلى خزينة الدولة؟ إن كانت قد ذهبت إلى خزينة الدولة فما الذي حل بها؟ وإن لم تكن قد ذهبت إلى خزينة الدولة فإلى أين ذهبت؟ الإجابات عن هذه التساؤلات ليست معلومة".

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب