قصة المسلحين الخليفانيين في الحركة "الجهادية"

07-06-2015
رووداو
الكلمات الدالة كوردستان، خليفان، أنصار الإسلام، الجهاد
A+ A-

مهدي محمد رواندزي

رووداو – خليفان

لم تكن طموحات الشيخ زانا تختلف كثيرا عن طموحات خليفة تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بداعش، فهو أيضا كان يسعى إلى تأسيس إمارة إسلامية شبيهة بالدولة الإسلامية في العراق والشام، من خلال زرع الخوف والرعب في قلوب الاخرين، ولتحقيق حلمه، عمل الشيخ زانا في صفوف حزب إسلامي بناحية خليفان بعد الانتفاضة الكوردية، إلا أن المؤسسات الأمنية والاستخباراتية في الإقليم أجهضت حلمه قبل أن يتحقق.

تأسيس أول جماعة متطرفة:

وعمدت الجماعات "الجهادية" خلال التسعينيات إلى جعل ناحية خليفان مقرا لتحركاتهم، وانتشر الفكر المتطرف بين قسم كبير من أهالي الناحية.

ويعتبر الملالي الأربعة (الملا فتح الله، والملا أحمد روستايي، والملا محمد مولود، والملا محمد أمين حسن شركاني)، من مؤسسي فكر الإسلام السياسي في قضاء خليفان بإقليم كوردستان، جيث لايزال يقيم الأخير في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكان في السابق ضمن صفوف أنصار الإسلام.

وتشير المعلومات التي حصلت عليها المؤسسات الأمنية والاستخباراتية، إلى أن الملالي الأربعة لعبوا دورا كبيرا في نشر فكر الإسلام السياسي، والتأثير على عقول الشباب وجذبهم إلى صفوف الحركة الإسلامية.

وبعد انتفاضة ربيع 1991، كانت الحركة الإسلامية أول تنظيم فتح مقر له في خليفان، وكان ذلك سببا في انتشار الفكر "الجهادي" في المدينة.

وكان مقر الحركة الإسلامية في جامع صلاح الدين الأيوبي، وكان لديهم مجلس للشورى خاص بهم، ويضم كل من الملا فتح الله والملا أحمد روستايي والملا محمد أحمد مولود سيناويي والملا أمين والشيخ زانا والملا محمد أمين حسن شركاني.

وكان مجلس الشورى يمتلك 500 مسلحا، أغلبهم من سوران وخليفان ومحيطها، وقسم منهم من أهالي أربيل، وكان مسلحو أربيلي تحت قيادة مباشرة من الملا أمين والشيخ زانا.

وكان الشيخ زانا نصرت الشيخ عبد الكريم برزنجي، المعروف بـ(الشيخ زانا)، مدرسا لمادة التربية الدينية واللغة العربية في ثانوية باويان بخليفان، وكان في الوقت نفسه مدربا للتايكواندو، ما ساعده على جذب عدد كبير من الشباب إلى الفكر المتطرف.

الإنقلاب الأبيض:

لم يمضي الكثير من الوقت، حتى وقع خلاف فكري كبير بين أعضاء شورى الحركة في خليفان، أسفر عن قيام الملا أمين والشيخ زانا، بإعلان "حركة الجهاد الإسلامي"، وتمكنوا من الاستيلاء على مقر الحركة الإسلامية، دون إطلاق رصاصة واحدة، والتحق بالحركة الجديدة نحو 150 شخصا، واستمرت اجتماعات الحركة في منزل الملا فتح الله.

ويمكن أن نعتبر حركة الجهاد التي أسسها الشيخ زانا والملا أمين، الجماعة المتطرفة الكوردية الأولى، التي عملت على تأسيس الدولة الإسلامية من خلال القتل وسفك الدماء.

وأكد مصدر أمني، أن "الشيخ زانا والملا أمين، كانا يمتلكان فكرا متطرفا أكثر من غيرهما من الإسلاميين، وخلال الإجتماعات كان يتحدثان كثيرا عن الجهاد"، موضحا: "الملا أمين كان يعمل على تجنيد الشباب من خلال الخطابات الحماسية، والشيخ زانا من خلال الدروس الدينية والرياضة".

رأي إسلاميي خليفان:

كانت للحرب الداخلية التي اندلعت في البداية بين الحركة الإسلامية والاتحاد الوطني الكوردستاني في 1994، ومن ثم بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني، تأثير كبير على الإسلاميين، دفعت بقسم كبير منهم إلى مغادرة خليفان.

وقامت حركة الجهاد الإسلامي بنقل مقرها من خليفان إلى قرية هنارة بالقرب من ناحية بستورة، إلا أن عددا قليلا جدا من المسلحين رافقوا الملا أمين والشيخ زانا، وتشير المعلومات إلى أن عددهم لم يكن يتجاوز العشرة مسلحين.

وقتل الملا أمين في ظروف غامضة في العام 1995، بمقر الحركة بقرية هنارة، وتم اعتقال الشيخ زانا في العام 2005، حيث اعترف بأنه قتل الملا أمين.

الشيخ زانا وحلم الإمارة الإسلامية

وكشف الشيخ زانا، وهو من مواليد عام 1971، وتخرج من كلية الهندسة الميكانيكية، خلال الإعترافات التي أدلى بها، وتم نقلها على الهواء مباشرة، أنه كان يحلم بتأسيس الإمارة الإسلامية.

وكان الأعضاء البارزون في حركة الجهاد التي أسسها الشيخ زانا برزنجي، هم: (يوسف عزيز (عامل)، كارزان اسماعيل، الملازم دلير، أجي معتصم برزنجي (ابن عم الشيخ زانا)، هفال برهان محمد، مروان كريم، يعقوب عزيز استاذ جامعي).

وكانت النشاطات التي تقوم بها مجموعة الشيخ زانا، تقتصر على قتل وذبح المواطنين دون أي ذنب، فقط للتعود على القتل وقطع الرؤوس، واعترفوا بأنهم قاموا بقتل مواطنين أبرياء وتقطيعهم ومن ثم إلقاء جثثهم المقطعة خارج أربيل.

وتحدث الشيخ زانا بشكل واضح وصريح عن علاقات مجموعته مع باقي الفروع في بغداد والموصل وعموم العراق، وكان الهدف من تلك العلاقة، هو جمع المعلومات ورصد مواقع المراكز الحكومية والحزبية في الإقليم ونقلها إلى أنصارهم في الموصل وبغداد، وتمت الإستفادة من تلك العلومات فيما بعد، خلال العمليات التي استهدفت وزارة الداخلية وحي شورش وعدد من المناطق الأخرى.

وعمد الشيخ زانا إلى سلاح فعال للحيلولة دون خيانة أعضاء مجموعته، عن طريق تسجيل أسرارهم الجنسية، وقام بممارسة الجنس مع أغلب أفراد المجموعة وتصويرها، ومن ثم تهديدهم بكشف شريط الفيديو إن حاولوا الخروج من المجموعة.

وصدر حكم الإعدام على 10 من أفراد مجموعة الشيخ زانا في العام 2005، وتم تنفيذ الحكم في شهر نيسان من العام 2006، في حين حكم على كارزان اسماعيل بالسجن المؤبد.

الهجرة إلى هورامان

بعد انتقال الشيخ زانا والملا أمين من خليفان إلى هنارة، انضم معظم الباقين في خليفان إلى القوة الثانية في سوران، ومن ثم هاجروا إلى هورامان، ويقول مصدر أمني، أن "هؤلاء هاجروا إلى هورامان بهدف تأسيس إمارة إسلامية، ووقتها كان تأثير الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني ضعيفا على منطقة هورامان".

وبدلا من تأسيس إمارة إسلامية نشبت خلافات عميقة بينهم، ما دفع علي بابير إلى الانشقاق من الحركة الإسلامية في عام 2001، وقام بتأسيس الجماعة الإسلامية، وانضم إليه المعتدلون في القوة الثانية (سوران)، ومنهم الملا فتح الله الذي يشغل منصب مستشار علي بابير حاليا.

وأسس القسم الاخر من المسلحين الذين كانوا يؤمنون بـ"الفكر الجهادي" جماعة جند الإسلام باشراف الملا كريكار، وتم تعيين عبد الله الشافعي مسؤولا أولا للجماعة والملا عبد الله الخليفاني نائبا له.

وتم تغير إسم جند الإسلام بعد عدة أشهر إلى أنصار الإسلام، وأصبح الملا كريكار أميرا للأنصار، وكانت تتبع لهم قوة مؤلفة من 700 مسلح، بينهم عرب وأفغان، وتشير المعلومات إلى أن 100 مسلح منهم ينحدر من خليفان.

العودة إلى خليفان:

واستهدفت القوات المريكية منطقة هورمان، بهدف القضاء على مسلحي أنصار الإسلام، إلا أن القصف شمل أيضا مقرات الجماعة الإسلامية في خورمال، وأسفر عن مقتل عدد من مسلحي الجماعة، لذلك قررت الجماعة الإسلامية نقل مقراتها إلى قرية دارشمانة في بشدر، وعاد معها عدد كبير من الخليفانيين الذين كانوا قد انتقلوا إلى هورامان، في حين هرب المسلحون الناجون من القصف الأمريكي إلى إيران.

الانضمام إلى أنصار السنة والقاعدة

أدى تخفيض عدد السيطرات ونقاط التفتيش في حدود إقليم كوردستان بعد سقوط نظام البعث، إلى وصول تسهيل انتقال عدد من مسلحي أنصار الإسلام من إيران إلى مدن الموصل وكركوك وبغداد والانضمام إلى تنظيمات كأنصار السنة والقاعدة.


وبعد فترة قصيرة من انضمامهم إلى تلك التنظيمات، قام المسلحون الخليفانيون بالتواصل مع عائلاتهم بشكل سري، في حين أن قسما اخر من هؤلاء المسلحين، والذين يبلغ عددهم 20 شخصا كانوا ضمن جماعة أنصار الإسلام، سلموا أنفسهم إلى الأمن في الإقليم، والان هم يزاولون اعمالهم وحياتهم اليومية، في حين تم اعتقال خمسة منهم، من قبل المؤسسات الأمنية الكوردستانية في الموصل وباقي المناطق، وتم إطلاق سراحهم في وقت لاحق.

يخجلون من أنفسهم:

وتحولت خليفان في العام 1967 إلى ناحية تتبع لها 64 قرية، ويسكن بها 40 ألف شخص، ويمارس أهالي الناحية الزراعة وتربية الحيوانات.

وبرز في الناحية جيل جديد يخجل من الماضي الإسلامي المتطرف للناحية، حيث يقول كاميران، البالغ من العمر 37 عاما، وهو من أهالي خليفان وانضم لفترة إلى إحدى الأحزاب الإسلامية في كوردستان: "الشخص يحاول إيجاد بديل ومتنفس، في المجتمع العشائري المنغلق على نفسه".

ويضيف كاميران أنه يخجل عندما يتذكر ماضيه، مستدركا بالقول: "كان هناك دافع لانضمامي إلى الإسلاميين"، وموضحا: "كان تعامل والدي سيئا معي للغاية، وكان يشتمني على الدوام ويجبرني على الصلاة، ويجبرني على الذهاب إلى المسجد، حيث تعرفت هناك على الإسلاميين، إلا أنه ولحسن الحظ تمكنت من التخلص من ذلك الفكر، بمساعدة احد أخوالي".



تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب