رووداو ديجيتال
أظهر تحقيق أجرته شبكة رووداو الإعلامية حول زيوت محركات السيارات المتوفرة في أسواق إقليم كوردستان أن أغلب أنواعها غير مطابق لشروط السيطرة النوعية، والسبب هو جشع التجار وغياب الرقابة الكفوءة على استيراد وتصنيع الزيوت في الداخل.
ذهب مراسل رووداو في السليمانية نزار جزا إلى ميكانيكي، لإجراء تحقيق عن تأثير استخدام الزيوت ذات النوعية الرديئة على محركات السيارات، ولدى إعداد التقرير، فتح (أسطة زانا) محرك سيارة وقال: "لدي خبرة 17 سنة وأفتح في كل شهر العديد من المحركات، إن كانت نوعية الزيت جيدة فإن المحرك يقاوم لعشر سنوات، لكن إن كان الزيت رديئاً فسينقص من عمر المحرك أربع أو خمس سنوات".
إن كان زيت المحرك رديئاً فسيحترق ويسبب الصدأ في داخل محرك السيارة، وهذا بالنتيجة يؤدي إلى التآكل وحدوث خدوش وشقوق، وانبعاث دخان أسود ذي رائحة كريهة من السيارة، وكل هذا ينقص من عمر محرك السيارة، بل يدمر المحرك بحيث يجب استبداله.
وعن طريقة اختيار الزيت المناسب للسيارة قال أسطة زانا عزيز إن "النقطة الأولى هي البحث عن الزيت في غوغل، وأن يكون للعلامة التجارية موقع وبيانات (أي أن تورد نتائج فحص الزيت في الموقع) قم استخدام منقيات ذات نوعية جيدة، وعدم شراء الزيوت الرخيصة، النقطة الأخرى المهمة جداً قبل تغيير الزيت هي إفراغ الزيت الموجود في السيارة في عبوة مدرجة لمعرفة ما إن كان هناك نقص حصل في الزيت الذي أضيف للمحرك في المرة السابقة أم أن الزيت لم ينقص منه شيء، لأن وجود النقص يعني وجود مشكلة في الزيت أو في المحرك".
يذكر أن كلفة تصليح محرك سيارة أو استبداله تتراوح بين 300 دولار وصولاً إلى 3500 دولار، وإن كانت السيارة غالية الثمن فقد تبلغ الكلفة أحياناً 7500 دولار، في حين أن أعلى كلفة لتغيير الزيت باستخدام أفضل الزيوت تبلغ نحو 100 دولار.
يرى الميكانيكي أسطة هريم مارف أن "95% من زيوت المحركات ذات نوعية رديئة، لهذا نجد مشاكل كبيرة في السيارات. هذا محرك سيارة صنعت سنة 2017 يعاني من الزيت الرديء، فاضطررنا إلى فتح المحرك وقد وجدنا أجزاء تالفة في داخل المحرك ونخراً في جدار المحرك، كما تدهورت إسطوانات المحرك. تأتينا في الأسبوع الواحد سيارتان أو ثلاث تعاني من نفس المشكلة".
سواق سيارات الأجرة الذين يلجأون إلى استخدام الزيوت الرخيصة الثمن لغرض تقليل النفقات، هم أكثر من يعاني من مشاكل مع زيت المحرك، فالزيوت الرخيصة هي بطبيعتها رديئة، وكل الذين تحدثوا قالوا إنهم يغيرون الزيت من منطلق الثقة بالشخص الذي يغير الزيت لسياراتهم.
وقال سرور صابر الذي يعمل سائق سيارة أجرة: "في كثير من المرات ذهبت إلى مغير الزيوت وقلت له اعطني زيتاً جيداً، لكنه أعطاني زيتاً رديئاً ألحق الضرر بمحرك سيارتي ثم اضطررت إلى فتح المحرك أو استبداله".
أما زميله دانا آلان فيقول: "حدث أن عانيت من مشاكل في المحرك بعد تغيير الزيت، لأن الزيت تحول إلى مادة لاصقة داخل المحرك".
ويتجنب كثير من مالكي السيارات مراجعة الميكانيكي أو لا يرغبون في ذلك، ولهذا يستخدمون زيوتاً ذات جودة عالية، ويقول المواطن هونر جزا: "غيرت زيت محرك هذه السيارة بـ 146 ألف دينار، لكني اشتريت في السابق سيارة استخدم فيها زيت رديء كان يصدر من السيارة في الصباح دخان وصوت غريب".
ليست أسواق الخارج هي المصدر الوحيد لزيوت المحركات في إقليم كوردستان، فالزيت ينتج في الداخل أيضاً، وبعضه عبارة عن إعادة تدوير الزيوت المستعملة، ويقول برزان محمد، وهو تاجر زيوت محركات: "تكتب على عبوات الزيوت مواصفات ليست موجودة في الزيوت، كأعلام وأسماء بعض الدول لكن ذلك غير صحيح. يتم إنتاج الزيت في كوردستان لكن لا يكتب على العبوات أنه منتج في العراق وإقليم كوردستان".
لغرض التحقق من الأمر، حمل مراسل رووداو 11 صنفاً من زيوت المحركات إلى مختبرين في إقليم كوردستان، وتم أولاً فحص هذه الزيوت في قسم السيطرة النوعية بمديرية التنمية الصناعية ووفقاً لمعايير الجودة العراقية، ومن بين الزيوت الـ11 تبين أن "نوعين ليسا صالحين للاتسخدام، وخمسة أنواع تحمل الدرجة 5W-30 لم تكن مدرجة في السيطرة النوعية في العراق وهذه الدرجة تستخدم في السيارات الحديثة، لذلك لم نخرج بنتيجة بشأنها، وظهر أن أربعة أنواع فقط كانت صالحة للاستخدام".
ولغرض فحص الزيوت غير الواردة في معايير السيطرة النوعية العراقية، ولمعرفة عمر كل زيت ودرجة مقاومته، حمل مراسل رووداو عينات من الزيوت إلى مختبر كلية العلوم في جامعة صلاح الدين، وأظهرت النتائج المختبرية عدم صلاحية أربعة أنواع إما لأنها تنقص بعد وقت قصير من الاستعمال بسبب رداءة النوعية، أو لأنها تسبب تناخر بواطن المحركات، لكن الأسوأ كان نوعاً وضع على عبوته العلم الألماني، لكنه بدون أوليات ويباع اللتر الواحد منه بثلاثة آلاف دينار وتستخدمه السيارات القديمة ويمكن استخدامه لمسافة 1000 كم فقط.
وعن مشاكل الزيوت المتوفرة في أسواق إقليم كوردستان، قال رئيس قسم الكيمياء في كلية العلوم بجامعة صلاح الدين، سنكر صالح: "بصورة عامة، كانت عندنا مشكلتان، الأولى هي أن أربعة أنواع لم تكن مطابقة لمعايير السيطرة النوعية العراقية، والثانية هي أن الزيوت التي بها نسبة عالية من الكبريت تسبب تآكل المحرك من الداخل، وكان بينها نوع كارثي ربما لن يمكّن السيارة من السير 1000كم وقد يسبب مشاكل للمحرك".
تتبع المنافذ الحدودية تعليمات العام 2019 عند فحص نوعية الزيوت، وهي تعليمات تضم مجموعة مؤشرات من بينها مؤشر الدرجة 5W-30 والذي يفتقر إلى بعض الفحوصات الضرورية، وهذا هيأ الفرصة لبعض التجار لاستيراد زيوت رديئة.
ونتيجة للتحقيق الذي أجرته رووداو تبين أنه يجب تغيير نوعية الفحوصات في المنافذ الحدودية قبل استيراد الزيوت، وفرض رقابة أشد على أسواق إقليم كوردستان والمصانع المحلية.
وهكذا من بين 11 صنف زيت في الأسواق تم فحصه، تبين أن لخمسة أنواع فقط صفحات رسمية على الشبكة العنكبوتية، وهذه أيضاً لم تكن نتائج الفحص الذي أجري عليها مطابقة للمواصفات والبيانات المنشورة في الصفحات، أي أن الزيوت هذه صنعت بجودة أدنى لتصديرها إلى العراق وإقليم كوردستان، أو تم تقليدها وتزييفها في مصانع غير مصانعها الحقيقية.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً