لا أسباب واضحة أو إحصائية.. السرطان يفتك بالمئات من مواطني كوردستان سوريا سنوياً

02-12-2020
شيرين أحمد كيلو
الكلمات الدالة مرضى السرطان كوردستان سوريا
A+ A-

رووداو ديجيتال

ليست الحرب التي ساقت خيرة شبابها إلى جبهات القتال، فقط، ولا الجوع الذي يفتك بالفقراء الذين تمكنت منهم البطالة وغياب مصادر الرزق، ولا حتى عدوى كورونا التي تفشت في كل المناطق والتي لا تكشف أرقام الموقف الوبائي اليومي 10% من الحالات الحقيقة، حسب مواطنين. بل إن ما يقتل المواطنين في كوردستان سوريا منذ قرابة 20 سنة هو مرض السرطان الذي يستشري في كل مدينة وقرية.

تقول شهناز أحمد، الشاهدة على الحدث، حين كنت أزور مستشفى البيروني المجاني، لعلاج السرطان في دمشق مع أحد أفراد عائلتي من المصابين بهذا المرض، كانت الممرضات يقلن لي بعد رؤية ملابسنا الكوردية، إن قرابة 90% من مرضانا هم من مناطقكم، لدرجة أنهن حفظن أسماء المدن الكوردية.

شهناز أحمد مواطنة، من مدينة عامودا بكوردستان سوريا، قالت لشبكة رووداو الإعلامية، "فقدتُ والديَّ في عمرٍ مبكر (والدي 43 ووالدتي 50 سنة) بسبب السرطان، ولاحقاً فقدت أخي بعمر 37، بل فقدت أغلب أفراد عائلتي بهذا المرض منهم 3 عمات، خالان، وخالتان، عدا عن المصابين الآن، وهنا لا أتحدث عن كبار السن، وإنما من ماتوا في عمرٍ مبكر".

تضيف أحمد، "فقدنا من عائلة أبي شابين أحدهم بعمر 20 و40 سنة، ولا تزال سلسلة الموت المبكر مستمرة حيث فقدنا خلال عامين 5 آخرين من نفس العائلة، عدا خوفنا المستمر عند أي عارضٍ صحي، فقد أقرباء آخرون لنا فردين من العائلة خلال أشهر، وهكذا الحال مع المعارف والجيران".

هكذا بينت شهناز حجم المأساة التي تعيشها منطقة تواجه معارك الموت وحدها في مواجهة مرضٍ لم يتمكن العالم من إيجاد لقاحٍ أو دواءٍ له، وقلما ينجو منه أحد إلا فيما ندر.

وتابعت، "هنا أتحدث عن عائلتي، لأختصر لكم ما يحدث ضمن كل عائلة هناك، والغريب هنا أن المرض لا يستهدف نفس الأعضاء من الجسد، بين مريض وآخر، بل تختلف الحالات من شخص إلى آخر، لتلغي عامل المرض الوراثي"، وتنفي الدراسات الطبية حول العالم هذه الصفة عن مرض السرطان.

ومضت شهناز في القول، "لا أحد يعلم سبب كثرة الإصابات بالسرطان في المنطقة، منذ أن كنا أطفالاً كان هناك حديث متداول عن دفن نفايات نووية في جبل عبدالعزيز وأن الاشعاعات التي تصدر عنها هي ما يتسبب بتلك الإصابات، أتذكر أن المنطقة تعرضت لغبارٍ أحمر في إحدى الليالي حين كنا صغاراً ما تسبب بذبولٍ فوري للنباتات المنزلية، وكل ما هو أخضر من الحشائش والنباتات في منازل المدينة".

ويعاني مرضى السرطان في كوردستان سوريا، من مشقة السفر لخارج مناطق شمال وشرق سوريا، لعدّة أسباب منها التكاليف المادية العالية في تلقي العلاج والسفر، حيث يضطرون للتوجه إلى دمشق أو إقليم كوردستان، لعدم توفر العلاجات اللازمة في المنطقة، وفقدان الأدوية إلى جانب غلاء أسعارها.

أكثر الأمراض السرطانية انتشاراً بين النساء في مناطق إقليم الجزيرة هو سرطان الثدي، وبين الرجال سرطان الرئة. بهذا الصدد، قال الطبيب دانيش حاج إبراهيم - المتخصص في الأمراض الداخلية وأمراض الدم والأورام والذي يستقبل أسبوعياً عشرات الحالات المرضية بالسرطان في عيادته، لشبكة رووداو الإعلامية، إن "أمراض السرطان انتشرت على نطاق واسع في المنطقة في الآونة الأخيرة، ورجّح السبب إلى التلوث البيئي، واستخدام الآلات والسيارات التي تعمل على مادة المازوت بشكل كبير ضمن المدينة، إضافة للحرّاقات البدائية في حقول النفط بالقرب من المناطق السكنية، وقلة الرقابة على الأطعمة التي تحتوي على المُلوّنات، والتدخين والكحول".

وأكد الطبيب دانيش، عدم وجود أي إحصائية دقيقة حول عدد المرضى حتى الآن، كما لم يؤكد وجود أي دليل على وجود أي اشعاعات نووية في المنطقة، غير نافٍ احتمالية تسببها بنشر المرض، ومعللاً كلامه بأن المواد الكيماوية عادةً ما تتسبب بانتشار الأمراض.

طبيب آخر من كوردستان سوريا،  غيفارا حمو، أكد لرووداو تحول الإصابة بالسرطان في كوردستان سوريا إلى ظاهرة ملحوظة، بالنظر إلى عدد السكان وطبيعة المنطقة.

وفي تقريرٍ لشبكة رووداو الإعلامية، عن انتشار المرض وارتفاع أسعار الأدوية، طالب المواطنون زيادة عدد المرضى المسموح بدخولهم لإقليم كوردستان أسبوعياً، نظراً للحاجة الماسة.

وحسب سجل مستشفى البيروني في دمشق، كان عدد المراجعين من المناطق الشرقية وخاصةً محافظة الحسكة لأخذ جرعات الكيماوي في ازديادٍ دائم، ففي عام 2013 زار المستشفى أكثر من 1350 شخص، ما عدا الذين حاولوا الحصول على العلاج في الدول المجاورة أو في مستشفيات أخرى، وذلك بحسب منظمة روج لحماية البيئة في تقريرها البيئي لعام 2015.

وترى المنظمة بأنّ انتشار حرّاقات النفط (وهو اسمٌ بات معروفاً في المنطقة، يعتمد على حرق كمياتٍ كبيرة من النفط لتسخين النفط الخام، وتكثيفه وفرزه، وتعدّ هذه الطريقة من الطرق البدائية لتكرير النفط) يعدّ أحد العوامل التي تساهم في زيادة انتشار مرض السرطان في المنطقة، وبشكلٍ خاص بين العمّال الذين يعملون في التكرير، فقد ظهرت أعراضٌ وأمراضٌ للسرطانات الجلدية، فمحافظة الحسكة الغنية بالنفط تدفع ضريبة تلويث الهواء والبيئة بالغازات والإشعاعات المنبعثة من عمليات التكرير، وخاصة في ظلّ غياب إحصاءاتٍ لأمراض السرطانات.

وكانت الطبيبة بلندا عبدالرحمن المتخصصة في تشخيص أمراض السرطان، قالت في تقرير صحفي، بأنّه "لا يمكن الجزم بشكلٍ قاطع بأنّ ازدياد حالات السرطانات في محافظة الحسكة ناتجٌ عن سببٍ معيّن، كتكرير النفط أو غيره، وذلك لغياب إحصاءات ومراكز خاصة لمعرفة أسباب الزيادة ومتابعتها ومقارنتها مع السنوات"، مع أنّ المنظمات المدنية قد شهدت انتشاراً واسعاً وخاصةً في مدينة قامشلو التي تفتقر إلى الدعم الكافي من المنظمات الدولية، وغياب مشاريع حقيقية للعمل عليها.

مرض السرطان هو أحد الأسباب الرئيسة للوفاة في العالم الغربي، لكن احتمالات الشفاء من مرض السرطان آخذة في التحسن باستمرار في معظم الأنواع، بفضل التقدم في أساليب الكشف المبكر عن السرطان وخيارات علاج السرطان.

تشخيص مرض السرطان في مراحله المبكرة يوفّر أفضل الفرص للشفاء منه.

إذا كان المريض يشعر بأعراض مثيرة للشكوك، فعليه التشاور مع طبيبه حول أي من الفحوصات والتفريسات هي الأنسب له للكشف المبكر عن السرطان.

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

المتهون الخمسة

القبض على عصابة تحتال على المواطنين بأساليب تبديل العملة في أربيل

أعلنت الجهات الأمنية في أربيل، عن إلقاء القبض على عصابة مكوّنة من خمسة أشخاص يحملون الجنسية السورية، بعد تورطهم في عمليات احتيال على المواطنين من خلال الترويج لعمليات تبديل العملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.