مفتش سابق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية لرووداو: لم يتم القضاء على البرنامج النووي الإيراني

30-06-2025
شهيان تحسين والمفتش السابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية يسري ابو شادي
شهيان تحسين والمفتش السابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية يسري ابو شادي
الكلمات الدالة ايران أميركا
A+ A-
رووداو ديجيتال

يشكك مفتش سابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أن إيران ستعيد بناء القواعد التي تم قصفها، ويقول إن إيران قادرة على مواصلة تخصيب اليورانيوم في مواقع غير معروفة وسرية في المستقبل القريب.
 
أعلن يسري أبو شادي، الذي كان أحد كبار مفتشي الوكالة، في مقابلة مع شبكة رووداو الاعلامية، أجرتها معه شهيان تحسين: "وفقاً للتقديرات، تم تدمير منشأة أصفهان لأن معظم معداتها كانت فوق سطح الأرض، أما منشأة نطنز فأشك في أنها أصيبت بالكامل، وربما تم تدمير منشأة فوردو بهجوم أمريكي، لكن لا يوجد تأكيد كامل لذلك".
 
حول ما إذا كانت إيران قادرة، إذا أرادت، على الوصول إلى يورانيوم مخصب بنسبة 90% في وقت قصير، قال المفتش السابق في وكالة الطاقة الذرية: "بالتأكيد تستطيع، لأنه من المؤكد أن لديها وحدات تخصيب أخرى، وربما تكون قد صنعت المزيد منها".
 
وأدناه نص المقابلة:
 
رووداو: بصفتك خبيراً ومفتشاً سابقاً في الطاقة الذرية، إلى أي مدى تعتقد أن الهجمات الأميركية والإسرائيلية أضرت بالبرنامج النووي الإيراني؟

يسري أبو شادي: في الحقيقة، أوقفت الهجمات البرنامج الحالي لفترة من الوقت، لأنها استهدفت مباشرة المنشآت المعلنة التي كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تفتشها في إيران، أي منشآت نطنز وفوردو وأصفهان. لذا، لا شك أن البرنامج واجه عقبة، لكنه لم يُقضَ عليه. لأن إيران صنعت أكثر من 23 ألف جهاز طرد مركزي. في فوردو وحدها يوجد 3 آلاف جهاز، وإذا افترضنا أن هذه الثلاثة آلاف قد دُمرت، فلايزال لديها حوالي 15 إلى 16 ألف جهاز آخر. هذه لم تُدمر بعد، ولا أعتقد أنها دُمرت بالكامل، لأن منشأة نطنز تقع على عمق 80 متراً تحت الأرض. على الرغم من أن الإعلام والأميركيين لم يعيروها اهتماماً كبيراً، إلا أن إيران تلقت ضربة قوية في أصفهان، التي تعد المصدر الرئيسي لتطوير عملية التخصيب. هناك يتم إنتاج اليورانيوم الغازي ثم إرساله إلى نطنز وفوردو للتخصيب. هذا المصدر تعرض لضرر كبير. بالنسبة لسؤالك عما إذا كانت إيران لا تزال قادرة، فالجواب هو نعم؛ لديها القدرة، لأنها كانت تمتلك سابقاً حوالي 500 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%. كما أن لديها 10 أطنان من اليورانيوم المخصب بنسب تتراوح بين 2% و 20%، والتي يمكن استخدامها على الفور.
 
رووداو: كم من الوقت تحتاج إيران لإصلاح منشآتها النووية؟

يسري أبو شادي: أشك في أن إيران ستعيد بناء المنشآت التي تم قصفها، لأن إيران، منذ بداية الصراع، أنهت علاقتها مع الوكالة الدولية ومفتشيها. وفي الأيام الأخيرة قرروا عدم التعاون مع الوكالة ومنع مديرها من دخول الأراضي الإيرانية. هذا يعني أن المنشآت النووية المعروفة، تعرف الوكالة جيداً أين تقع، وبالتالي تعرف إسرائيل وأميركا أيضاً. إعادة بنائها، أنا أشك في ذلك. تمتلك إيران العديد من المواقع تحت الأرض التي لا يعرف أحد عنها شيئاً. إذا بدأت من جديد، فلديها عشرات المصانع التي يمكنها إنتاج وحدات تخصيب جديدة. أي أنها ستتجه إلى تلك القواعد غير المعروفة للجميع. ولن تتمكن الوكالة من تفتيشها، وبهذه الطريقة يمكن لإيران في فترة قصيرة، قد لا تتجاوز بضعة أشهر، أن تعود إلى وضعها السابق. لكن يمكن لإيران الاستفادة من المواد التي لديها والتي تمكنت من إنقاذها من الضربات. كما أعلنوا، تم نقلها إلى أماكن آمنة، خاصة الـ 500 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي جاهزة ويمكنها العمل بها مباشرة.
 
رووداو: قال ترمب إننا محونا البرنامج النووي الإيراني، هل تعتقد أن هذا صحيح؟

يسري أبو شادي: بالطبع هو تقرير فارغ ومليء بالغطرسة الأميركية الهائلة. بكل وضوح، لا يُتوقع أن تكون إيران غافلة إلى هذا الحد وتراقب سيناريو الأحداث كيف يتطور؛ منذ تقرير المدير العام للوكالة في 31 أيار الذي كان مليئاً بالاتهامات المسيسة والغريبة والواضحة، إلى قرار مجلس المحافظين بإدانة إيران على قضايا بسيطة ولا أساس لها، وصولاً إلى بدء الهجوم الإسرائيلي. كل هذا حدث في غضون 12 ساعة بين قرار الوكالة والهجوم الإسرائيلي. هل من المنطقي أن تجلس إيران مكتوفة الأيدي وتشاهد هذا السيناريو حتى يتم الهجوم عليها، خاصة فيما يتعلق بـ 500 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب؟ هذه الكمية يمكن نقلها بسهولة.
 
رووداو: هل كان تقرير الوكالة قبل الهجوم مبنياً على معلومات مفتشي الوكالة، أم أن معلومات دول مثل إسرائيل وأميركا تؤثر على تقرير الوكالة بشأن إيران؟

يسري أبو شادي: بالتأكيد هو تقرير مسيس، لأن أي شخص يقرأه بفهم تقني سيضحك منه. يعتمد على أشياء تعود إلى عام 2003. كل الأدلة التي تُتهم بها إيران تتعلق بمنشآت قديمة كانت المخابرات الأميركية تشك في عام 2003 أنها تستخدم لبرنامج عسكري. في كانون الأول 2015، أصدرت الوكالة تقريرها وقالت إن جميع المشاكل القديمة والجديدة مع إيران قد انتهت وأن إيران بريئة من أي برنامج عسكري. كان هذا شرطاً أساسياً لاتفاقية 2015 مع مجموعة 5+1. فجأة، بعد كل هذه السنوات وبعد كل هذا التعاون الكبير من إيران التي أصبحت، حسب الإحصائيات، الدولة الأكثر خضوعاً للتفتيش، حتى أكثر من اليابان وألمانيا وكندا، يظهر هذا التقرير. هذا يعني أن التقرير كان مسيساً بالكامل.
 
رووداو: أعلنت إيران أن الوكالة الدولية للطاقة ليست محايدة وأوقفت التعاون معها، ما هو تأثير ذلك؟

يسري أبو شادي: لا، الأمر يتطور أسرع من ذلك، لأنهم لا ينتظرون. قصة اليوم هي أن إيران، من خلال حظر المفتشين ومدير الوكالة، وحظر الرقابة على منشآتها النووية، ترتكب انتهاكاً واضحاً لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. لذا، يجب إحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن لإصدار عقوبات. هل ستنتظر إيران كل هذا وهي تعرف السيناريو؟ هناك قرار من البرلمان الإيراني بالانسحاب من المعاهدة عندما يراه المجلس الأعلى للأمن القومي مناسباً. توقعي هو أنه إذا استمر الوضع على هذا النحو، اليوم أو غداً، سيصدر مجلس المحافظين والوكالة قرار إدانة وإحالة الملف إلى مجلس الأمن. في هذه الحالة، لن تكون الاعتراضات كثيرة، لأنها تنتهك فعلاً. لكن الأهم من ذلك هو أن إيران قد تنسحب من المعاهدة ولا تعلن عن أي معلومات عن أنشطتها ومنشآتها النووية ولن يعرف أحد عنها شيئاً؛ مثل السيناريو الذي حدث سابقاً في كوريا الشمالية ومثل الوضع الحالي لإسرائيل التي لا يفتشها أحد.
 
رووداو: هل تتوقعون وتعتقدون أن إسرائيل تمتلك أيضاً أسلحة نووية؟

يسري أبو شادي: بالتأكيد، إسرائيل تمتلك برنامجاً نووياً عسكرياً منذ الخمسينيات؛ منذ أن بنوا منشأة ديمونا عام 1958 بمساعدة فرنسا. بدأت العمل في عام 1964 وصنعت قنبلتها الأولى في عام 1967. في عام 1973، بعد بدء هزيمتها أمام مصر وسوريا، أعدت 11 طائرة فانتوم محملة بقنابل نووية. إذن، تمتلك إسرائيل عشرات، إن لم يكن المئات، من القنابل النووية، سواء بشكل رئيسي من منشأة ديمونا، أو من مصانع التخصيب والمنشآت الأخرى التي لا يعرف أحد عنها شيئاً ولا يفتشها أحد. بالتأكيد، إسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك هذه الأسلحة.
 
رووداو: لماذا لا تعلن إسرائيل عن ذلك ولا تخضع للتفتيش؟

يسري أبو شادي: والله، كان هذا اتفاقاً بين إسرائيل والرئيس الأميركي جونسون، بعد اغتيال الرئيس كينيدي، الذي تحيط به الكثير من الأسئلة. لأن الرئيس كينيدي كان يشك تماماً في أن منشأة ديمونا تستخدم لصنع قنابل نووية ولم يكن يقبل بهذا الأسلوب. على أي حال، بعد مقتل كينيدي، جاء جونسون وكان الاتفاق الأميركي -الإسرائيلي هو عدم الكشف عن هذا الموضوع. لكن اليوم، لا توجد دولة أو شخص في العالم لا يعتقد أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية. بالتأكيد لديها، ولديها الكثير منها. مؤخراً في غزة، قال أحد الوزراء: "ليتنا استخدمنا قنبلة نووية وطهرنا كل غزة، بدلاً من هذا الجهد الكبير والخسائر التي نتكبدها". لذا، فإن استخدام الأسلحة النووية احتمال وارد؛ ألم تُستخدم من قبل في هيروشيما وناغازاكي؟
 
رووداو: هل زرت كمفتش سابقاً منشآت نطنز وأصفهان وفوردو؟

يسري أبو شادي: نعم، لقد ذهبت إلى إيران وتابعت عن كثب، في ذلك الوقت كنت مسؤولاً عن تقييم نتائج عمليات التفتيش. قد تكون الأضرار كبيرة.
 
رووداو: برأيكم، ما هو حجم الضرر الذي قد تكون لحق بتلك المنشآت؟

يسري أبو شادي: حسب تقديري، تم تدمير أصفهان ومعظم مصانعها ومنشآتها، لأن معظمها كان فوق سطح الأرض. ربما تم تدمير منشأة فوردو بهجوم أميركي، لكن لا يوجد تأكيد لذلك، فوردو تضم 3 آلاف جهاز تخصيب من أصل 23 ألف جهاز. تم تدمير منشأة نطنز التي هي فوق سطح الأرض، لكن الجزء الموجود تحت الأرض، والذي يضم معظم الأجهزة، ربما 16-17 ألف جهاز، أشك في أنه قد أصيب بالكامل. لكن الأهم من كل هذا هو المواد النووية. كما قلت، تلك الـ 500 كيلوغرام. هناك شبه يقين بأنها نُقلت. بالنسبة للـ 10 أطنان الأخرى من اليورانيوم المخصب، أشك في أن إيران نقلتها كلها، لكنها بالتأكيد نقلت جزءاً منها. هذا هو حجم الأضرار تقريباً.
 
رووداو: كخبير، هل تعتقدون أن إيران، إذا أرادت، يمكنها الوصول إلى يورانيوم مخصب بنسبة 90% في وقت قصير؟

يسري أبو شادي: نعم، تستطيع، لأنه من المؤكد أن لديها وحدات تخصيب أخرى، وربما تكون قد صنعت المزيد منها، لأن الدولة ليست ملزمة بالإعلان عن تصنيع هذه الوحدات إذا لم تكن تحتوي على مواد نووية. الأهم من ذلك، يمكنها استخدام نفس اليورانيوم المخصب بنسبة 60% لصنع قنابل، لكن حجمها سيكون أكبر قليلاً، ووزنها أثقل، وقوتها التدميرية أضعف. لكن إذا لم يكن لديها خيار آخر، فيمكنها القيام بذلك، إنه ليس أمراً صعباً.
 
رووداو: هل تستطيع إيران، إذا أرادت، صنع قنبلة نووية بمفردها وبدون مساعدة روسيا؟

يسري أبو شادي: والله، القول بأن صنع قنبلة نووية أمر صعب. كوريا الشمالية صنعت عدة قنابل، وجنوب أفريقيا صنعتها، وإسرائيل صنعت المئات. إذن، التكنولوجيا ليست صعبة، التكنولوجيا موجودة وتصميمها ليس مستحيلاً. لو لم يستعجل صدام حسين، لكان العراق قريباً جداً من صنعها. تصميم القنبلة ليس أمراً مستحيلاً، الأمر الصعب حقاً هو المادة التي تُصنع منها، أي اليورانيوم عالي التخصيب أو البلوتونيوم. هذا هو المطلوب.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب