رووداو ديجيتال
بعد غرق قارب مطاطي يحمل 31 أو 33 مهاجراً يحاولون العبور من فرنسا إلى بريطانيا، في مساء 24 من الشهر الجاري في القناة البحرية بين فرنسا وبريطانيا، توفي حتى الآن 27 من هؤلاء المهاجرين، ونجا منهم اثنان فقط بطريقة هي أشبه بالمعجزة.
في هذا الحوار الخاص، تصبح شبكة رووداو الاعلامية، القناة الإعلامية الوحيدة في العالم التي تحاور الناجي الكوردي الوحيد من الحادث، وهو من كوردستان إيران ويقيم في إقليم كوردستان.
محمد إبراهيم زادة، شاب من كوردستان إيران يقيم في قلعة دزة بإقليم كوردستان، هو الناجي الكوردي الوحيد من الحادث.
وأدناه نص الحوار:
رووداو: محمد، شكراً جزيلاً لك، هل أنت بخير؟
محمد إبراهيم زادة: أنا بخير والحمد لله. بداية باسم الله، الحمد لله كثيراً على نجاتي في خضم ذلك البحر. أنا الناجي الكوردي الوحيد.
رووداو: محمد، كم تبلغ من العمر بالتحديد، هل تعرف؟
محمد إبراهيم زادة: عمري 21 سنة.
رووداو: عائلتك من كوردستان إيران؟
محمد إبراهيم زادة: أجل، نحن من كورة شير.
رووداو: منذ متى تقيمون في قلعة دزة؟
محمد إبراهيم زادة: انتقلنا إلى قلعة دزة منذ مدة ونقيم هناك.
رووداو: هل تذكر منذ متى غادرت كوردستان؟
محمد إبراهيم زادة: غادرت كوردستان منذ شهر ونيف.
رووداو: من طريق بيلاروسيا؟
محمد إبراهيم زادة: أجل، استخدم الطريق المار ببيلاروسيا.
رووداو: اليوم الذي انطلقتم فيه، 23/24 من تشرين الثاني، عندما ركبتم البحر. هل تذكر كم كانت الساعة؟
محمد إبراهيم زادة: كان الظلام قد خيّم، ونقلونا بحافلات إلى البحر، ثم ركبنا قارباً مطاطياً، لا أذكر الوقت بالتحديد، فقد نسيت كم كانت الساعة حينها، لكن الظلام كان قد حل وكانت الساعة في حوالى السابعة أو الثامنة عندما وصلنا إلى البحر، ومكثنا هناك نصف ساعة أو ساعة ثم انطلقنا.
رووداو: الركاب الذين ذهبوا إلى البحر بالحافلة، هل ركبوا كلهم نفس القارب؟
محمد إبراهيم زادة: أجل
رووداو: ألم يأت آخرون غيرهم ويركبوا القارب معكم؟
محمد إبراهيم زادة: لا، كنا في حافلة واحدة وكنا 33 شخصاً.
رووداو: كنتم 33 شخصاً؟
محمد إبراهيم زادة: أجل.
رووداو: البعض يقول إن عددكم كان 31 شخصاً، ولكن المعروف حتى الآن هو أن 27 شخصاً فارقوا الحياة، وأن الناجين هم اثنان، أنت والآخر صومالي. هذا يعني أن هناك آخرين يجب أن يعرف إن كانوا أحياء أم لا.
محمد إبراهيم زادة: نعم، هناك آخرون، لكن عندما قاموا بتعدادنا عند ركوب القارب كان عددنا 33 شخصاً. قالوا إن عدد الركاب هو 33 راكباً بالتحديد، وقالوا على من لا يرغب أن يترجل من القارب. لكننا كنا 33 شخصاً وقلنا سنذهب جميعاً نحن الـ33 فعددنا قليل.
رووداو: أنتم الـ33 الذين ركبتم القارب، كم من الوقت مضى عليكم في القارب قبل أن ينهار؟
محمد إبراهيم زادة: بقي القارب صامداً حتى النهار التالي، لكن عندما أضاء النهار انهاروا ويئسوا من الحياة.
رووداو: على ما تذكر، بعد كم من الوقت غرق القارب، أو أصبحتم في الماء ولم تعودوا على متن القارب؟
محمد إبراهيم زادة: كنا في الماء منذ الليل. لكن كل واحد منا يمسك القارب بيد، ولم يغرق أحد منا في الليل.
رووداو: كيف وقع الحادث؟ هل تذكر يا محمد كيف غرق القارب وهل انفجر أو اصطدم بشيء؟
محمد إبراهيم زادة: في البداية، كان الماء يتسرب إلى القارب من الجهة الخلفية حيث يوجد المحرك، وكنا نفرغه من الماء باستمرار. شاهدنا سفينة وقلنا لنتجه نحوها، لكن الركاب قالوا لن نذهب ويجب أن يصل هذا القارب إلى بريطانيا الليلة. ثم عندما مضينا في طريقنا لم تعد هناك بواخر أو سفن وبقينا وحدنا في عرض البحر، كان قاربنا المطاطي هو الوحيد في البحر فانخفض الهواء الذي في القارب وانفجرت بالوناته، كان الهواء يخرج من البالونات التي على الجانب الأيمن للقارب. كان في القارب منفاخ، وكان بعض الركاب يعيدون نفخ القارب والبعض الآخر يفرغ القارب من الماء. ثم وبعد أن قطعنا مسافة إضافية اتصلنا بالشرطة الفرنسية وطلبنا منهم نجدتنا فقد تعطل المنفاخ الذي معنا، وعندما زودناهم بموقعنا، قالت لنا الشرطة الفرنسية إنكم الآن في المياه البريطانية، وبينما نحن في المياه البريطانية اتصلنا ببريطانيا وقالوا لنا اتصلوا بالشرطة الفرنسية. كان اثنان يجريان الاتصالات أحدهما يتصل بفرنسا والثاني ببريطانيا. لم تنجدنا الشرطة البريطانية، وكانت الشرطة الفرنسية تقول إنكم في المياه البريطانية ولا نستطيع أن نصل إليكم. بعد ذلك، وبينما كنا نغرق بالتدريج، فقد الركاب الأمل وتخلوا عن المحاولة فدفعتنا الأمواج إلى فرنسا حيث غرق القارب وأصبح كل الركاب في الماء، قررنا أن يمسك أحدنا بيد الآخر لكي لا نغرق في الماء. ثم عندما طلع النهار، وكان الوقت فجراً لم يعودوا يطيقون الإمساك بأيدي بعضهم البعض وأفلت كل القارب من يده وتخلى عن الحياة.
رووداو: هل كنت تمسك بطرف القارب؟
محمد إبراهيم زادة: كنت حتى اللحظة الأخيرة ممسكاً بطرف القارب.
رووداو: محمد، لا نعرف حتى الآن بالتحديد كم من الركاب كانوا كورداً وما هي جنسيات الركاب. هل تعرف كم كوردياً كان بينهم؟
محمد إبراهيم زادة: كنا قرابة 15 عشر كوردياً، نعم 15.
رووداو: قرابة النصف؟
محمد إبراهيم زادة: كان نصفهم من الكورد
رووداو: الكورد الذين كانوا معكم، هل عرفت من خلال لهجاتهم من أي منطقة هم؟
محمد إبراهيم زادة: أغلب الذين كانوا معنا كانوا من أهالي بشدر وبيتوين (محافظة السليمانية).
رووداو: هل كان معك أي من أصدقائك وركب القارب معك؟ وقد فارق الحياة الآن.
محمد إبراهيم زادة: كان معي شاب من رانية، حلفني بالله أن لا نفارق بعضنا، فلم نفارق بعضنا، لكن وبينما كنت ممسكاً بيده حلفني بالله أن أفلت يده. قلت لن أفلت يدك. قال أفلت يدي. قلت لن أفلت يدك. ثم قال لي دعني أذهب للمقدمة، فكان أن لم أره بعدها وغرق.
رووداو: هل لي أن أعرف اسمه؟
محمد إبراهيم زادة: لا أتذكر اسمه
رووداو: هل كان في مثل عمرك أم أكبر منك؟
محمد إبراهيم زادة: كان في مثل عمري، وقد رأيت صورته وهو غارق، عندما عرضوها.
رووداو: هل عرضوا عليك صوراً وسألوك إن كان هؤلاء معك في القارب؟ الشرطة فعلت ذلك؟
محمد إبراهيم زادة: أجل، عرض علي الشرطة صوراً وقد تعرفت عليه وقلت هذا من أهالي رانية.
رووداو: محمد، كم من النساء كن في القارب؟ هل تذكر؟
محمد إبراهيم زادة: لا أذكر، لكن كانت معنا عدة عوائل، كان معنا الكثير من النساء.
رووداو: الآخرون الذين كانوا معكم، قرابة 18، من أي الجنسيات كانوا؟
محمد إبراهيم زادة: كان أربعة أو خمسة منهم صوماليين، وكان أربعة منهم يتحدثون الفارسية، وكان معنا فيتنامي واحد ومصريان، والأربعة الآخرون لا أدري من أين كانوا.
رووداو: هل كان معكم أطفال؟
محمد إبراهيم زادة: كانت معنا طفلة في الثالثة أو الرابعة.
رووداو: هل كان هناك أطفال أكبر في الثانية عشرة مثلاً، لأنهم يقولون وما أعلن حتى الآن يقول إن ثلاثة أو أربعة أطفال في العاشرو أو الثانية عشرة كانوا هناك.
محمد إبراهيم زادة: أنا رأيت تلك الطفلة الكوردية فقط وكانت في الثالثة أو الرابعة من العمر.
رووداو: هل كانت معكم فتاة شابة وليس معها زوجها أو أخ لها؟
محمد إبراهيم زادة: أجل، كن معنا، كان معنا أزواج وكانت معنا فتيات لوحدهن بدون زوج.
رووداو: محمد، لو عرضت عليك الآن صوراً لبعض الأشخاص، هل تستطيع أن تتعرف عليهم وتعرف إن كانوا معكم أم لا؟
محمد إبراهيم زادة: قدر ما تسعفني ذاكرتي.
رووداو: هذه السيدة، يقال إن زوجها كان في بريطانيا وأنها كانت معكم..
محمد إبراهيم زادة: هذه السيدة، لا أعرف إن كانت معنا أم لا.
رووداو: دعني أعرض عليك صورة أخرى. محمد، يقول البعض إن هؤلاء أيضاً كانوا في القارب. هذه العائلة مع أطفالها، هذه السيدة وأولادها؟
محمد إبراهيم زادة: أجل، كانوا معنا، هذه كانت الطفلة الصغيرة، كانت هذه معنا.
رووداو: هل أنت متأكد أن هذه السيدة كانت معكم.
محمد إبراهيم زادة: بلى، كانت معنا واتصلت بالشرطة البريطانية وبالشرطة الفرنسية.
رووداو: هذه السيدة وأولادها الأربعة من أهالي دربندخان، وقد نشرت رووداو نبأ غرقهم. محمد، كم من الوقت بقيت في تلك الغابة؟
محمد إبراهيم زادة: قرابة أسبوع، ما بين أسبوع وثمانية أيام أو عشرة ليس أكثر.
رووداو: لماذا كنت تريد الذهاب إلى بريطانيا؟ ما سبب توجهك إلى بريطانيا؟
محمد إبراهيم زادة: لي أخت، وعلاجها بحاجة إلى مبلغ كبير من المال، فقلت أذهب إلى بريطانيا وأعمل وأجني المال ثم آخذها إلى الهند وأعالجها. هذا هو السبب الوحيد.
رووداو: كم هو عمر أختك؟
محمد إبراهيم زادة: لا أتذكر.
رووداو: كم هو المبلغ المطلوب لعلاجها؟ ليدفعك لقطع كل هذا الطريق ثم تواجه هذه الكارثة وتنجو بعد ذلك. كم هو عمرها وكم هو المبلغ اللازم لعلاج مرضها؟ هل تعرف المبلغ؟
محمد إبراهيم زادة: المبلغ اللازم يتراوح بين 60 و70 ألف دولار، ولم نجد من قد يعيننا. حاولنا كثيراً ولم يكن هناك من يساعدنا، لم هناك حتى شخص واحد مستعد للمساعدة في علاج أختنا في الهند.
رووداو: هل يقيم والداك الآن في قلعة دزة؟
محمد إبراهيم زادة: نعم.
رووداو: كم أخاً وأختاً أنتم؟
محمد إبراهيم زادة: ثلاث أخوات وأخوان اثنان ووالدتي ووالدي.
رووداو: ألم يكن عندك عمل في كوردستان؟
محمد إبراهيم زادة: كنت عامل بناء.
رووداو: لن أرهقك أكثر من هذا. محمد ما الذي تنوي أن تفعله الآن بعد نجاتك من هذه الكارثة؟ ماذا تريد أن تفعل؟ وأين تريد أن تقيم؟ هل ستعود أم ستبقى في فرنسا؟ وهل أنت مستعد لتخوض في البحر مرة أخرى قاصداً بريطانيا؟ علام نويت؟
محمد إبراهيم زادة: لو أن بريطانيا تدخلت بنفسها وأخذتني إليها سيكون جيداً جداً لكي أجد علاجاً لأختي، أو أن يساعدني أحدهم ويساعد أختي وعندها سأعود إلى أمي وأبي. كان على بريطانيا أن تتدخل وأن تستقبلنا لأننا غرقنا في المياه البريطانية. هي لم تهب لنجدتنا ولم يفعل لنا شيئاً. كما أن حياتي في خطر، حيث أن المهربين يهددونني، ويقولون سنقتلك إن ظفرنا بك.
رووداو: لم تكن تريد التحدث عن المهربين من قبل، لذلك لم أسألك عنهم، لكن دعني أسألك الآن: من هم المهربون؟
محمد إبراهيم زادة: تداولتنا ست أو سبع جماعات منهم، كانوا يتداولوننا من هناك إلى هناك وعن طريق الهاتف، كما احترق نقالي ولم يعد فيه شيء، سقط جوالي في الماء وتسرب الماء إليه واحترق، ولم تستطع الشرطة العثور على شيء.
رووداو: وهل انتشلوا هواتفكم؟
محمد إبراهيم زادة: انتشلوا هواتفنا، نعم. انتشلوا هواتف من كان معه هاتف.
رووداو: عندما يسأل من هم المهربون، أنتم لا تعرفون من هم المهربون؟
محمد إبراهيم زادة: لا نعرف من هم المهربون.
رووداو: والآن هناك خطر على حياتك، وتقول إن المهربين هم هذا الخطر؟
محمد إبراهيم زادة: نجونا أنا وهذا الشاب فقط ويقول إن المهربين يقولون سنقتلكم ولن نترككم أحياء.
رووداو: ما هو السبب؟
محمد إبراهيم زادة: لا أدري ما هو السبب.
رووداو: هل زودتما الشرطة بأسماء المهربين بعد نجاتكم؟
محمد إبراهيم زادة: نحن لا نعرف من هم مهربونا لكي نخبر الشرطة بأسمائهم. لكن يقال الآن إنكم مهددون، وتم الاتصال بنا هاتفياً وأخبرونا بأننا مهددون ولا يمكن أن تذهبوا إلى أي مكان. يجب أن تكونوا في مكان آمن. ونحن ننتظر أن يقدم لنا شيء.
رووداو: الشخص الذي كان يقود القارب، من هو؟ هل كان كوردياً أم من جنسية أخرى؟ رجلاً أم امرأة؟
محمد إبراهيم زادة: قائد المركب؟
رووداو: نعم.
محمد إبراهيم زادة: كان مصرياً.. كان رجلاً مصرياً.
رووداو: كان شاباً أم كبيراً في السن؟
محمد إبراهيم زادة: كان قد بلغ من العمر مبلغاً. هو أيضاً لم يتم العثور عليه.
رووداو: لم يعثر عليه؟
محمد إبراهيم زادة: لم يعثر عليه، نعم.
رووداو: لم يتم العثور على جثته وليس بين الأحياء ولا يعرف مصيره؟
محمد إبراهيم زادة: لا ليس معروفاً. هو ميت بالتأكيد فقد كان معنا، لكن لم يتم العثور على جثته.
رووداو: هنا، في المكان الذي كنتم فيه قبل الرحلة، هل كان هناك من يرافقكم للذهاب للتفاوض، أم كان معكم مهربون، وقبل أن تصلوا إلى هنا، هل تم حسم تلك الأمور. هل يجري التفاوض مع المهربين في دانكغ أو قبل الوصول إلى هناك؟
محمد إبراهيم زادة: عندما ذهبنا إلى دانكغ تداولنا المهربون من يد ليد، أحدهم يسلمنا للآخر وهكذا، لكي لا نعرف اسم المهرب.
رووداو: قرارك الأخير هو أن تذهب إلى بريطانيا أم تعود؟
محمد إبراهيم زادة: إلى بريطانيا، هذا قراري الأخير.
رووداو: أعذرني إذ أطرح عليك هذا السؤال، ولكن هل أنت مستعد بعد أن نجوت هذه الكارثة بمعجرة، أن تعود وتخوض في تلك المياه لعبورها مرة أخرى؟
محمد إبراهيم زادة: أضحي بحياتي من أجل أختي، وهذا كل ما في الأمر.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً