رووداو ديجيتال
رجح الشيخ الدرزي، فادي بدرية، تجدد المعارك في محافظة السويداء "خلال الأيام المقبلة"، جراء "الحصار" الذي يعانيه أهالي المحافظة الجنوبية، التي أكد أنها "تطالب بالاستقلال".
وخلال مشاركته في نشرة "نوروج" على رووداو، اليوم الأربعاء (27 آب 2025)، أكد بدرية أن الدروز بقيادة الرئيس الروحي للطائفة في سوريا "طالبوا بالاستقلال والانفصال، لعدم قدرتنا على تحمل هذه الطغمة الفاسدة"، في إشارة إلى السلطة في دمشق.
وذكر أن لدى المحافظة "ما يكفي من الشخصيات البارزة"، لقيادة هذه المرحلة، مشيراً إلى أن "جبل العرب قادر على أن يحمي نفسه بنفسه".
وبيّن أن قرارهم بإقليم منفصل في السويداء يحظي بـ"دعم دول"، دون تحديدها، مشدداً على "فتح ممر إنساني من الكرمل إلى السويداء".
كما ذكر الشخصية الدينية الدرزية أن "المصاب جمعهم مع الكورد والعلويين".
حول حصيلة ضحايا أحداث السويداء خلال تموز، كشف أن عدد قتلى الدروز بلغ أكثر من ألفي قتيل، دون تحديد ما إذا كانوا مسلحين أم مدنيين.
فيما لفت إلى أنهم رصدوا مهاجمة 70 ألف مسلح لمناطقهم "قُتل منهم ما يقارب 17696 بالعدد المرصود"، وفق قول بدرية.
وأدناه نص الحوار:
رووداو: لماذا الشيخ حكمت الهجري، طرح مسألة إقليم منفصل في السويداء، في هذه الفترة، إلى أي مدى شروط هذا الإعلان مناسبة بالنسبة لكم؟
فادي بدرية: طبعاً، كل العالم لا بد أنه رأى هذه الهجمة الشرسة التي استهدفت محافظة السويداء، جبل العرب الأشم. هجمة شرسة، اجتياح. ومسمى الاجتياح يكون من دولة إلى دولة، أي دولة عدو لدولة عدو. جبل العرب الأشم، محافظة السويداء، محافظة وديعة، ذات تاريخ وأصالة وعراقة، منبع الثورات والبطولات والقامات والشخصيات العريقة. عندما استهدفت السلطة المتسلطة، القابعة في الشام، مغتصبة دمشق، السويداء بالقتل الممنهج والإبادة العرقية والطائفية، من الطفل الرضيع ابن السنة، قُطعت رؤوس بالسكين، طفل ابن سنة يقطعون رأسه، ويتباهون به ويسيرون به في الشوارع ويعلقونه على جوانب السيارات ليرعبوا الناس. الرجل العجوز الكبير لم يشفقوا عليه، ولا رحمة لديهم ولا إنسانية لمنظر هذا الرجل الذي خرج يستقبلهم وهو لا يعرف ما الذي يجري في الكون كله. هذا الرجل العجوز، وبغير المنهجية التي يعملون بها، لم يفكر للحظة أن يدخل عليه شعب همجي بهذه الطريقة، أهانوه وقصقصوا شواربه وكان قد خرج ليسقيهم القهوة، وأمام الإعلام يقولون له: "نحن لن نؤذيك". وبعد أن انصرفت كاميرات الإعلام، عادت كاميرات أخرى لتصور كيف يعذبونه وكيف يقتلونه وكيف يذبحونه، وإلى ما هنالك. وكذلك الحرائر، أعراضنا، سُبيت. فهذه الطغمة الفاسدة، هذه السلطة المتسلطة، أجبرت حتى من كان منتمياً وأساس الانتماء على طلب الانفصال عن هؤلاء القذارة، قذارة التاريخ، الذين أتوا بمشروع تقسيم واضح وممنهج. هذا العمل ممنهج، لم يأتِ فجأة، أي أنه ليس خلافاً بسيطاً تطور إلى هذا الحد، لم يعتلوا سدة الحكم في ظاهر الأمر إلا ليكونوا منفذين لمشروع ممنهج ويعملون عليه. فنعم، لا بد من حماية أنفسنا بأنفسنا. فتكّون في السويداء جسم عسكري وهو الحرس الوطني، وعندما تكوّن هذا الجسم، ونحن نُصبّح من خلالكم ومن خلال كل المشاهدين على البطل المرابط سماحة الشيخ حكمت الهجري الذي أسس هذا الجسم، وانضوت كل المقومات ضمن هذا الجسم. ليس لدينا فصائل، ولا يوجد لدينا تشتت. اليوم جبل العرب واحد موحد، قادر على أن يحمي نفسه بنفسه. كل حدود الجبل أصبحت تحت المراقبة ومحمية، ولكننا حتى هذا التاريخ نحترم رأي سماحة الشيخ (حكمت الهجري) في القرارات الدولية، فكل يوم لديهم خروقات تجاهنا ونحن ما زلنا ملتزمين بآدابنا مع شيخنا. لا نريد القيام بأي حركة، وإلا فنحن قادرون على تحريرهم في ساعة، إذا أتى الأمر، في ساعة نحررهم ونخرج من تبقى منهم في قرانا الغالية على قلوبنا.
رووداو: بعد ما حدث في السويداء من هجوم همجي، كيف هو الوضع الأمني والسياسي؟ وما هو مستقبل دمشق؟
فادي بدرية: تم تكليف لجنة عليا، هذه اللجنة مكونة من قضاة ومحامين لديهم خبرة وباع طويل، ولديهم من النزاهة ما يكفي لانتمائهم لكرامة جبلهم. فمن خلال هذه اللجنة التي كُلّفت، وُضعت الثقة فيها وأصبح ينبثق منها أيضاً شكل سياسي واقتصادي وكل ما يحتاجه الجبل ليكون مدافعاً مرابطاً، إذا صح التعبير، كي يلتقي الجسد بالروح لتتحقق أهداف الجبل في حماية كرامته.
رووداو: هل هناك دعوات أو رغبة بالانفصال عن سوريا، وهل هذا مطلب شعبي أم موقف للقيادات السياسية والعسكرية، وما هو الهدف، دولة فيدرالية أم استقلال تام؟
فادي بدرية: نحن بدايةً، إذا عدنا إلى سلطان باشا الأطرش والثورة السورية الكبرى، عندما عُرضت عليه السلطة رفضها في سبيل أن يكون هناك استقلال معين، رفض نتيجة أننا سوريون وطنيون عروبيون. فكان الانتماء لسوريا، صالح العلي وهنانو وغيرهم، كانت كل منطقة تفرز قامات وهامات مترابطين متحابين. ولكن عندما أتت هذه الطغمة الفاسدة التي شرذمت وقتلت وذبحت وسبَت وفعلت كل ما فعلته، نعم نحن طلبنا الاستقلال، طلبنا الانفصال، طلبنا أننا لم نعد نستطيع تحمل هذه الطغمة. تربة وطننا لا نبيعها بالذهب، ولكن كرامتنا أغلى من الذهب. فهؤلاء باعوا كرامتنا ببعض الذهب، هم وذهبهم إلى مزابل التاريخ.
رووداو: هل تؤمنون بالحل السياسي أم أن الخيار العسكري هو الحل الوحيد؟
فادي بدرية: نحن بالدرجة الأولى لم نتعامل مع الأمر كسياسة منذ البداية، كنا نطالب بدستور يحمي هذا الشعب. لأنه اليوم للأسف الشديد وحضراتكم أخبر، يعملون على فتوى ابن تيمية. وكلنا نعرف بماذا أفتى ابن تيمية. قال: "الدروز درجة عالية من الكفر". وضعنا في درجة عالية من الكفر إلى جانب ارتدادهم، وبالتالي هم ليسوا جديرين بالثقة. وأمر بالقتل والسبي وألا تُقبل توبتهم، وما إلى هنالك من هذه الفتوى. اليوم هذه الفتوى تُطبق على الأرض. فنحن اليوم، يجب على العالم كله الذي لم يرَ أن يرى أننا لم نصل إلى هذا الخيار إلا لأننا كنا مرغمين ومجبرين عليه. فما يأتي به الغد، فإن غداً لناظره قريب. نحن طلاب حق، هذه أرضنا وندافع عن عرضنا، لم نتعدَّ على أحد، لم نخرج من مكان إلى مكان، شعارنا "نحرّم التعدي منا أولاً، ثم نحرّم التعدي علينا، ومن لا يرد التعدي فليس منا". هؤلاء الجماعة تعدوا علينا، فصار لا بد من طلب الانفصال. لذلك، ما سيقدمه الغد.
رووداو: هل هناك أي دعم دولي لمطالبكم، سواء من روسيا أو دول أخرى، بتأسيس دولة أو حكم ذاتي، أم أنكم وحدكم في هذا المطلب؟
فادي بدرية: لا بد، ونعم هناك دول داعمة، ونعم هناك شعوب تشعر بالإنسانية وتحس بهذا الخطر المحدق بهذه المنطقة. نعم، هناك عالم لن يسكت عن الجرائم. نعم، اليوم هناك أناس يريدون عقد صفقات على دماء الناس الأبرياء لكي يحققوا مكاسب، ولكن لا بد من وجود دول ترعى السلم والسلام وتكون هي التي تنقذ المنطقة من غرق محتم.
رووداو: هل يمتلك جبل العرب القدرات السياسية والاقتصادية والعسكرية اللازمة لتأسيس دولة، وهل تتوفر الكوادر المطلوبة لذلك؟
فادي بدرية: نعم، نحن لدينا ما يكفي من الشخصيات البارزة التي قادت سوريا سابقًا. والجبل وَلُود، وإذا أجريت مسحاً في العالم ستجد أن غالبية الفكر والثقافات هي من جبل العرب الأشم ولكنها كانت تُدفن على الدوام. هذا الجبل كفيل بأن يبني نفسه بنفسه وأن يرابط، وأن يكون لديه ضباط مخلصون وقضاة مهمون وسياسيون ومحللون واقتصاديون. كل هذا يتم تنظيمه، أي أن هناك ولادة جديدة اليوم، نحن نبارك لأنفسنا الخلاص من هذه الطغمة لكي نعتمد على أنفسنا ونبني أمورنا بنظافة ونزاهة وبمعرفتنا ببعضنا البعض.
رووداو: ماذا تحمل الأيام القادمة؟ هل تتوقعون تصعيداً عسكرياً وهل أهل السويداء مستعدون له؟
فادي بدرية: نعم، في الساعات والأيام القريبة القادمة، نعم سيكون هذا الأمر محتماً. لأن الحصار المفروض على جبل العرب الأشم من هذه السلطة المتسلطة ومعاونيها وداعميها من الدول الداعمة للإرهاب، قد خنق السويداء بكل المعطيات. حتى الممر الذي سمحت به الدول من بصرى الشام، إذا كنتم تعرفون بالفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد التي كانت ذات سمعة سيئة في الابتزاز وسلب أموال الناس وأرزاقهم، هذا الممر اليوم مخنوق، معدوم، ومغتصب من قبل أربع شخصيات هم الدالاتي المسؤول عن "اللاأمن العام"، أو "أمن العار" بالمنطقة الجنوبية، وشاهر معروف الذي كلفه الدالاتي، والباكور، وشخص يُدعى أبو البراء في وزارة "اللادفاع"، لأن هؤلاء همج. فلا بد من بديل، طُلب من الأردن، فرفضت. فلا بد من بديل يكون بين أهلنا في الكرمل وبين السويداء جبل العرب الأشم، لأنه من المستحيل أن يرى العالم بقعة على الأرض مستهدفة في كرامتها ولقمة عيشها وغذائها ويبقى متفرجاً. فلا بد لبعض الإنسانيين أن يقوموا بواجبهم الإنساني.
رووداو: كيف هي علاقتكم مع الأقليات الأخرى في سوريا مثل الكورد والعلويين؟ هل هناك تنسيق لمشروع سياسي مشترك أم أن كل طرف يعمل بشكل مستقل؟
فادي بدرية: طبعًا، لقد جمعنا المصاب. نحن في حياتنا لم نتحدث بالطائفية ولم ندخل فيها. شعارنا هو شعار سلطان باشا الأطرش "الدين لله والوطن للجميع". ولكن عندما استُهدف الكورد في قضيتهم وكانت مشابهة للقضية التي نمر بها اليوم، وكذلك إخواننا العلويون في الساحل استُهدفوا وانتُهكت أعراضهم وكل مقوماتهم، أصبحنا متشابهين من حيث الاستهداف. استهدفونا بشكل عام فجمعونا ضمن رأي واحد بأننا أقليات مهمشة، ومتى أرادوا يهاجموننا أو يذبحوننا أو يفعلون بنا أي شيء. لا، ولكننا أرينا العالم من خلال السويداء أننا دافعنا عن كل من هو مستهدف في قضية وجودنا بثباتنا ودفاعنا عن كرامتنا. فنحن نوجه تحيتنا وسلامنا لكل من ذكرت لأنهم غالون علينا بالقضية التي يدافعون عنها.
رووداو: ما هي حصيلة الضحايا في الأحداث الأخيرة من شهداء وجرحى وأسرى؟
فادي بدرية: نعم، على وجه التقريب لا التحديد، هناك أكثر من 2000 شهيد ارتقوا دفاعاً عن كرامة جبل العرب الأشم وكرامة أهلهم، غيرةً واندفاعاً بدون أي مطلب وبدون أي توجه. فلهم الرحمة عند الله تعالى. وهناك جرحى بأعداد لم نستطع إحصاءها حتى اليوم، ولكن نعم كان الاستهداف ممنهجاً، إبادة، إبادة بمعنى الكلمة. وهناك ما يقارب 34 إلى 36 قرية قد نُهبت وسُرقت وحُرقت. لدينا مآسٍ كثيرة في الجبل والحمد لله على كل حال. ولكن في المقابل، لكي أعطيك فكرة، يعتقد العالم أننا ضعفاء ولكننا أقوياء لأننا أقوياء بالحق، نحن أصحاب أرض وأصحاب عقيدة، مرابطون وندافع. كان عدد عدونا الذي هجم علينا 70 ألف مقاتل. لدينا رصد سيرعب العالم بعد هذه الهجمة. رصدنا 70 ألف مقاتل، قُتل منهم ما يقارب 17696 بالعدد المرصود. هذا حتى تاريخ الرصد لمن هجموا علينا بهذه الهجمة الشرسة، وكان لديهم أيضاً ما يقارب 22 ألف جريح. لذلك نحن لم نقصر في الرد عليهم دفاعاً عن عرضنا وأرضنا وكرامتنا. لا يظنن أحد أننا ضعفاء، ولكننا ندافع عن استهداف مباشر لنا، لم نكن نتوقع أن تُطبق سوريا بهذه الطريقة على هذه المنطقة. واليوم يُطبقون علينا باتهامنا بأننا انفصاليون، وقليلون هم من يقولون إنكم معذورون لأننا لم نتحمل مسؤولياتنا، ولم نمنع هذه الهمجية التي حدثت، ولم نمنع أولادنا من الحرب. نحن في وقت حرب بشار الأسد سابقًا منعنا شبابنا من أن يكونوا في المحرقة السورية عندما كانت حرباً سورية-سورية، منعناهم ولم نقبل أن نكون جزءاً من هذه الدموية، وأبقينا أولادنا في بيوتنا فأصبحنا مستهدفين أمنياً نتيجة أننا حيّدناهم. اليوم للأسف الشديد، غالبية المحافظات قبلت أن تزج بأولادها، وليس هذا فحسب، بل وتصدر فتاوى وتكبيرات "الله أكبر على السويداء"، يا لطيف! ماذا فعلت السويداء بهم؟ ماذا تركت في قلوبهم؟ لقد تفاجأنا كما تفاجأ العالم الحر بأن سوريًا يهجم على سوري في عقر داره، فكانت هذه صدمة حقيقية للأسف الشديد.
رووداو: للتوضيح، هل كان المهاجمون مسلحين من تنظيم داعش وفصائل أخرى؟
فادي بدرية: هؤلاء ليسوا بمسلحين. هؤلاء "أمن عار" ووزارة "لا دفاع"، ما تسمى وزارة دفاع. غيروا لنا المصطلحات. هؤلاء هم الذين أمرهم من يقبع على الكرسي بأن يهجموا، بكل المكونات التي شكّلها بدعم من استخبارات تركية واضحة. نعم، كان هناك شيء ممنهج، كانوا يدخلون، تخيل أن إنساناً في بيته، امرأة تجلي الصحون وأخرى تكنس أرض بيتها، فيأتي أحدهم ويقتادها ويأخذها. بالتأكيد ستكون رهينة وسبية. لم تكن تحمل سلاحاً على جبهة. هذا كله خرق للقوانين والأعراف الدولية، ونحن نأسف كيف يُسمح بالتعدي على القوانين الدولية. نحن نعتبر أنه قبل أن تُغتصب النساء، اغتُصبت القوانين الدولية، أي أنهم اغتصبوا أكبر شخصية في العالم ضمن هذا العمل الذي قاموا به. فيجب أن يدافعوا عن كرامة وقضية القوانين الدولية، وبذلك تُحصّن كرامة كل الناس في ديارهم وهم يعيشون مسالمين.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً