رووداود ديجيتال
حاوره: معد فياض
أكد السياسي العراقي، النائب الأسبق لرئيس الجمهورية، طارق الهاشمي، زعيم حركة "تجديد"، عن استعداده "للمثول أمام القضاء العادل المستقل وفق الدستور، وإن تحقق ذلك غداً أعود لوطني في اليوم التالي"، مشدداً على احترامه "القضاء العادل وأعتبره صمام أمان للسلم المجتمعي، وأتمنى مخلصاً أن يتعافى القضاء ويتخلص من الضغوط والتدخل".
الهاشمي، الذي لم يدل منذ أكثر من عامين بأي حوار أو تصريح إعلامي، ولم يظهر بأية فضائية، أدلى بحوار مهم لشبكة رووداو الإعلامية، اليوم الأربعاء، (27 نيسان 2022)، قال فيه حول موقفه من الاستفتاء على استقلال إقليم كوردستان عام 2017: "لا يمكن تفسير موقفي بأنه مضاد (للاستفتاء)، سمه موقفاً موضوعياً أو مسؤولاً، وأقولها بمنتهى الصراحة والوضوح أنا كنت ولازلت وسأبقى أتعاطف مع تطلعات الشعب الكوردي"، مشيداً بمواقف الرئيس مسعود بارزاني خلال وجوده في أربيل، والأسباب التي دعته إلى ترك العراق.
الهاشمي، المولود في محلة البارودية، في بغداد عام 1942، ينتمي إلى الطبقة الوسطى التي ساهمت في تأسيس الدولة العراقية الحديثة. إذ تقلد والده منصباً حكومياً رفيعاً حتى عام 1957، وكان عمه محمود الهاشمي مدرس الملك غازي في مادة التاريخ، كما أن خاله ياسين الهاشمي كان رئيساً لوزراء العراق لفترات متعاقبة، إضافة إلى طه الهاشمي الذي كان وزيراً مخضرماً للدفاع لفترات متعاقبة أيضاً، ومن ثم أصبح رئيساً للوزراء إبان العهد الملكي 1941. وهو(طارق الهاشمي) خريج الكلية العسكرية العراقية عام 1962 وحاصل على شهادة ماجستير في العلوم الإدارية والعسكرية من كلية القيادة والأركان العراقية عام 1971، وعلى شهادة ماجستير في الاقتصاد بدرجة امتياز عام 1978.
وفي انتخابات كانون الأول 2005، تزعم طارق الهاشمي (جبهة التوافق العراقية)، التي حصلت على (44) مقعداً في مجلس النواب، ورشح لمنصب نائب رئيس جمهورية في (22 نيسان 2006)، وفي 30 كانون الأول (ديسمبر) عام 2013 أعلن استقالته من منصبه.
وفيما يلي نص الحوار:
رووداو: بداية لماذا تعرضتم للاستهداف كما لم يتعرض سياسي آخر، وهل تشعرون أنكم تعرضتم للخذلان أو الغدر من قبل جهات كنتم معها على وفاق داخل العراق؟ وهل وقفت معكم الأحزاب أو القيادات السنية عندما تم اتهامكم بالإرهاب وحكم عليكم بالإعدام ثلاث مرات؟
طارق الهاشمي: سيأتي اليوم الذي أتحدث فيه بالتفصيل، وأكتفي الآن بإجابات قصيرة، وأعتذر لكم عن ذلك.. نعم، تعرض العديد من السياسيين للاستهداف، لكن استهدافي كان مختلفاً تماماً، ولم ينفذ في كانون أول (ديسمبر) عام 2011، بل يعود إلى بواكير التحاقي بالعملية السياسية أواسط عام 2004، إذ استهدفت مبكراً، وإلا كيف تفسر اغتيال ثلاثة من أشقائي في المدة من نيسان إلى تشرين الأول عام 2006، اغتيالات بدوافع سياسية لم يتعرض لها غيري، كان غرضها إبعادي عن المسرح السياسي بأي ثمن، وكانت هناك محاولة أخرى عام 2009 بتقديم ملف جرائم رفضها الرئيس الراحل جلال طالباني ووصفها في حينها بأنها اتهامات لامنطقية وغير معقولة، وأخيراً تحقق المراد في استهدافي نهاية عام 2011 وبطريقة لاإنسانية، تعرضت لها وأفراد حماياتي وموظفي مكتبي، لقد كانت مصيبة، سيأتي الوقت لكشف أبعادها الكارثية في وقت لاحق. لقد وقع علي ظلم لم يقع على أحد ودون أدنى مبرر... لماذا؟ لا تفسير لدي سوى حرمان الوطن من رجل حاول أن يخدمه بصدق. الصدمة الثانية جاءت بسبب تجاهل رئيس مجلس القضاء السابق المادة (93) الفقرة (6) من الدستور والقاضية بتسمية المحكمة الاتحادية النظر بالاتهامات الموجهة لكبار موظفي الدولة والتي تنص على (المادة 93، اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا/ سادساً: الفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء وينظم ذلك بقانون) وخلاف ذلك حوكمت من قبل المحاكم الجنائية العادية دون أي اعتبار لمنصبي، وهذه بحد ذاتها تشكل مخالفة دستورية. أنا ضحية مؤامرة مكتملة الأركان، ساهمت فيها أطراف عدة داخلية وخارجية، كما خذلني أقرب المسؤولين مني، والظرف الحالي لا يسمح بسرد التفاصيل، وأقول بصراحة لو طبق الدستور والقانون بعناية، قدر تعلق الأمر بمحكمة الاختصاص وحقوق المتهم، لما تعرضت لكل هذا الكم من الأذى.
أما موقف القائمة العراقية، فقد وقفت معي وآزرتني وقررت عقد عدد من الاجتماعات في أربيل تضامناً معي، ومضت إلى سحب الثقة من حكومة نوري المالكي، وهذا موقف مشرف، أما جمهوري، فهو الآخر كان مصدوماً لشدة الاستهداف ولم أتوقع منهم الثورة على الظلم الذي لحق بي دون حق ولم أطالبهم إلا بالسكينة والهدوء وأن تأخذ القضية مجراها ضمن السياقات القانونية المعتادة.
موقف الرئيس بارزاني مشرف
رووداو: كنتم في أربيل، التي وصلتم إليها في ديسمبر 2011، إثر اتهامات بتورطكم بالإرهاب من الحكومة العراقية آنذاك، وقد ضمنت القيادة الكوردية أمنكم، ما الظروف التي دفعت بكم لترك إقليم كوردستان؟
طارق الهاشمي: أولاً، أنا جئت إلى كوردستان واصلاً من بغداد إلى السليمانية بدعوة رسمية من رئيس الجمهورية حينذاك الراحل جلال طالباني، بقيت عدة أيام ضيفاً عليه ثم انتقلت بناءً على نصيحة إلى أربيل ضيفاً على سيادة الأخ مسعود بارزاني الذي أمر مشكوراً بتوفير مستلزمات حياة طبيعية وأمارس مهامي الوظيفية كالمعتاد، بل ذهب إلى أكثر من ذلك ليتحمل بشجاعة تبعات وجودي في إقليم كوردستان ودافع عن عدالة قضيتي، وهو موقف نبيل ومشرف. شكري له ولأخوتي الكورد مسؤولين ومنظمات وأهالي، الذين حموني وعبروا عن جميل مشاعرهم ومناصرتهم لقضيتي. ثم غادرت إقليم كوردستان بناءً على دعوة مشتركة في حينها من أمير دولة قطر الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة، رافقتها دعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأبلغت سيادة الأخ، رئيس الإقليم، مسعود بارزاني ورئيس الجمهورية الراحل جلال طالباني، من خلال كتاب رسمي لكليهما أخبرهما بقيامي بهذه الزيارة والعودة بعد إتمامها، وفي نهاية الزيارة التقيت في إسطنبول بسيادة الأخ مسعود بارزاني الذي كان يقوم بزيارة لتركيا، وأبلغته بنيتي العودة خلال أيام ورحب كثيراً، لكني بعد ذلك شعرت أن المصلحة تقتضي تمديد بقائي في الخارج لحين انجلاء الموقف بعد أن تصاعدت الضغوط السياسية في سحب الثقة من الحكومة، وأصبحت أربيل حينها محطة صنع القرار واستقطاب جهود الكتل المؤيدة لسحب الثقة. تعقّد المشهد أكثر بعد أن فشلت المحاولة، وشعرت أن وجودي في أربيل بات محرجاً للأخوة الكورد، رغم أنهم لم يصرحوا بذلك، وأن ضغوطاً من أطراف كوردية بارزة تضغط على الرئيس بارزاني كي لا أعود لأربيل وهكذا قررت البقاء في الخارج مؤقتاً، من باب الاضطرار لا غير، رغم اني أعلنت مراراً أن مكاني الطبيعي كعراقي مسؤول هو على أرض وطني.
رووداو: رغم تحمل كوردستان لضغوطات كثيرة بسببكم، مثلما ذكرت، كان لكم موقف مضاد لاستفتاء إقليم كوردستان عام 2017 لماذا؟
طارق الهاشمي: على الاطلاق، لا يمكن تفسير موقفي بأنه مضاد، سمه موقفاً موضوعياً أو مسؤولاً، وأقولها بمنتهى الصراحة والوضوح أنا كنت ولازلت وسأبقى أتعاطف مع تطلعات الشعب الكوردي، وأنا قارئ جيد للتأريخ، وأتمنى له الخير والمستقبل الزاهر، لكني سياسي واقعي وأدرك جيداً أي حلم يمكن تحقيقه على أرض الواقع الآن، وأي حلم تقتضي العلاقات الدولية والإقليمية ترحيله للمستقبل، إقليم كوردستان تجربة حكم لا ينبغي التفريط بها أو تضييعها في ظل قراءة خاطئة للمحيط الإقليمي، من جهة أخرى أنا كعراقي أسعى أن يحافظ وطني على هذا التنوع الفريد عرقياً وثقافياً ودينياً ولن يكون هناك عراق بالتنوع الذي نعرفه دون شراكة الأخوة الكورد جنباً إلى جنب مع العرب والتركمان وبقية الأعراق والطوائف. ومن باب التذكرة أعيد كتابة رسالتي وكنت نشرتها على صفحتي قبل يوم واحد من الاستفتاء، قلت فيها:
"يعز علي أن أرى وطني العراق يتشظى، كما يعز عليّ أن أرى البعض وهو يوظف وحدة العراق في الظلم والتمييز والتهميش والنهب وضياع السيادة… هدف نبيل أن يبقى العراق موحداً، لكن وحدة العراق لم تكن لوحدها كافية للحيلولة دون وصول فاشلين يحكمون بسياسة خرقاء، ومن حق الناس في هذه الحالة أن تبحث عن البديل…!! … العراق يواجه أزمة حكم، مع ذلك السياسة فن الممكن ولا بد من نظرة موضوعية وموازنة المصالح والمفاسد واتخاذ القرار المناسب الذي يقربنا للحل ولا يدفعنا لمستقبل مجهول".
أسأل هل في هذا الخطاب موقف سلبي؟
استهداف طائفي
رووداو: منذ أن تركتم العراق، إلى اسطنبول ثم الدوحة، لم تقوموا بأي نشاط سياسي، هل اعتزلتم العمل السياسي بعد هذه المسيرة الطويلة؟
طارق الهاشمي: يتوقف ذلك على المقصود بالعمل السياسي، فأنا أمارس السياسة كمعارض من أوسع أبوابها ولم أتوقف وأجتهد في استثمار الظرف المتاح لي وأنشط في إيصال صوتي ومواقفي إلى الدول والمنظمات والشخصيات وأحضر الاجتماعات والندوات وأقود منظمة (الحملة العالمية للتضامن مع الشعب العراقي) ولديّ صحيفة (تجديد) الإلكترونية، كما أُدير (الجمعية العالمية للدفاع عن العدالة) وهي معنية بملف حقوق الإنسان في العراق، وأكتب الأبحاث وألقي المحاضرات حول العراق في الجامعات ومراكز الأبحاث، وأزور الدول وألتقي بالمسؤولين، وقد أعلن وقد لا أعلن ذلك، وزيارتي لمقر الاتحاد الأوربي في بروكسل وبعد ذلك إلى ألمانيا معروفة، كما أنشط مع لوبيات وجماعات ضغط ومؤسسات إعلامية دولية تعنى بدعم القضية العراقية، أنا حقيقة أعاني من ضيق الوقت لكثرة التزاماتي السياسية، ولدي تجمع سياسي أحضره للمستقبل، كما أن اتصالاتي مع الفاعلين من جمهوري كرئيس (لحركة تجديد) لم تنقطع، شيء واحد تغير عن السابق، هو عزوفي عن الظهور الإعلامي في القنوات الاخبارية الفضائية، وهذا موقف شخصي واجتهاد مني اتخذته في ضوء الأوضاع الراهنة ويمكن أن أعود للظهور مرة أخرى في أي وقت.
رووداو: باعتقادكم ما هي خلفيات اتهامكم، مع بعض القيادات السنية، بالإرهاب، ومن كان وراء هذه التهم وأهدافها؟
طارق الهاشمي: لا يمكن أن أخفي حقيقة الاستهداف أنه طائفيُ بامتياز، والدليل اقتصاره على العرب السنة فقط، لم يستهدف رمزاً أو قيادياً شيعياً ولا كوردياً ولا تركمانياً ولا كلدانياً ولا إيزدياً ولا صابئياً!! حتى بات الانتماء يشكل لوحده اتهاماً، كما أن المادة (4) إرهاب فصلت علينا واستخدمت على نطاق واسع ولم تفرّق بين الإرهابي ورجل السلام، الكل أُخذ بالشبهة وعُومل بموجبها. وقع علينا ظلم كبير دون مبرر، وكأنه جزاء سنمار، بعد أن قررنا المشاركة في نظام حكم ما بعد 2003 وأغضبنا أهلنا وتحملنا في هذا القرار الكثير دون طائل، ولم تنفع مواقفنا المبدئية بالتصدي بحزم للإرهاب الذي كان يضرب بلا رحمة دون تفريق بين مواطن ومواطن، وموقفنا من مشروع الصحوات معلوم، لقد تجاهلوا مناشداتنا بتكريس دولة المواطنة لصالح الجميع، وتحقيق الشراكة الحقيقية بدل المشاركة الرمزية، وحتى عندما انفرد مكون واحد بحكم العراق ناشدنا العقلاء أن يحكموا بالعدل دون تمييز أو تهميش أو إقصاء، كما لم يلتفت أحد إلى العنوان العريض الذي حاولت جاهداً أن أضمنه رسالة الاطمئنان للطرف الآخر بالقول: (لا يهمنا من يحكم بل يهمنا كيف يحكم). ثقافة جديدة لم نألفها سابقاً رافقت الغزو الأميركي - البريطاني للعراق، تحدث عن مراميها الحاكم المدني الأميركي بول بريمر، وفرقت بين أبناء الوطن الواحد، ومزقت نسيجه الاجتماعي وساعدت أجندات دول مجاورة في تعميقها، وهنا خسر الجميع، والمشهد السياسي الحالي والتراجع المريع في مختلف جوانب الحياة خير دليل على ما أقول، ولا بد من استيعاب الدرس، وصحوة تبدأ بالعدل وإزالة المظالم والشروع ببناء دولة المواطنة وليس المكونات.
سأعود إلى العراق
رووداو: هل تفكرون بالعودة إلى العراق، خاصة وأنكم أبديتم استعدادكم في (17 حزيران 2020) المثول أمام القضاء العراقي، في أي وقت من أجل تبرئة ساحتكم من جميع التهم المنسوبة لكم، وطلبتم "ضمانات بالتقاضي العادل ووفقاً للدستور"، هل هناك شكوك بنزاهة القضاء العراقي؟
طارق الهاشمي: أحترم القضاء العادل وأعتبره صمام أمان للسلم المجتمعي، وأتمنى مخلصاً أن يتعافى القضاء ويتخلص من الضغوط والتدخل، وقد طالبت مراراً أن توفر الدولة حماية تامة للقضاة، ومتى تخلص القضاء من الضغط والابتزاز، لا شك سوف يتمتع بالاستقلالية المطلوبة التي تمهد لإصدار أحكام عادلة.
نعم أكرر موقفي كأي مواطن وأعلن عن استعدادي للمثول أمام القضاء العادل المستقل على وفق الدستور، وإن تحقق ذلك غداً أعود لوطني في اليوم التالي، ولا انتظر فضلاً أو عوناً من أحد.
رووداو: إذا ما عدتم إلى العراق هل ستعودون للعمل السياسي؟
طارق الهاشمي: لكل حادث حديث، أنا سياسي، ومع ذلك ليست الأسبقية والاهتمام للعودة للنشاط السياسي كسابق عهدي، قدر اهتمامي بخدمة وطني وشعبي بأنشطة متنوعة أخرى، ولدي مشاريع خطط عديدة لمنظمات مجتمع مدني يمكن من خلالها أن أنشط متطوعاً في خدمة الناس والأسبقية للقيم والعدالة.
رووداو: كيف تنظرون لقرار وزير المالية الأسبق رافع العيساوي بالعودة إلى العراق؟
طارق الهاشمي: تحصيل حاصل لرجل رفعت عليه قضايا وذهب للعراق بشجاعة ومثل أمام المحاكم وهي من تقرر مصيره ومستقبله، أنا سعيد لعودته وتبرئته من عدد من التهم وآمل انجاز البقية في الأسابيع القليلة القادمة.
ضد التدخل التركي
رووداو: كنتم دائماً ضد التدخل الخارجي في الشأن العراقي، كيف تنظرون إلى الهجوم والتوغل التركي الواسع داخل الحدود العراقية في إقليم كوردستان؟
طارق الهاشمي: لا يسرني ذلك، وكنت أعلنت موقفي في أكثر من مناسبة، وأنا من أقنع الرئيس رجب طيب أردوغان شخصياً عام 2007 بتعليق عمليات كان ينوي القيام بها الجيش التركي في إقليم كوردستان رداً على هجمات (PKK) الإرهابية وقتل فيها على ما أتذكر خمسة عشر جندياً، اتصل بي حينها الأخ الرئيس مسعود بارزاني وكنت في عمان عائداً من الحج، وبناءً عليه غيّرت وجهتي من بغداد إلى أنقرة واقناع الرئيس أردوغان بوقف الهجوم مقابل تعهد بقيام الإقليم بتنظيف أراضيه من الإرهابيين.
موقف إقليم كوردستان من الإرهاب معروف، فإن كان عبء التصدي له فوق طاقته فلا بد من الاستعانة بدول الجوار، إنه خيار لا مفر منه، حتى يضمن الإقليم أن لا تكون أراضيه مقراً أو ممراً للإرهاب بما يهدد الأمن القومي لدول الجوار، لكن لا بد من اتفاقية منظمة لهذا التعاون، وهي موجودة منذ زمن النظام السابق وربما يستدعي الظرف تحديثها.
أمارس نشاطي كمعارض
رووداو: كيف تقيمون الأداء السياسي للسنة أو أبناء المحافظات السنية اليوم؟
طارق الهاشمي: يجتهدون ما وسعهم والظرف صعب والاستقطاب السياسي سيد الموقف، والخيارات محدودة، مصابنا كبير ومطالب جماهيرنا أكبر، ملفات التحري عن مصير المغيبين قسرياً وتحرير الأبرياء خلف السجون والمهجرين والنازحين والملاحقين ظلماً من كبار السياسيين… وحالة الفقر والخراب في محافظاتنا على طاولة تحالف السيادة، ما يجعل الاهتمام والأولويات ذات طابع إنساني وليس سياسي.
رووداو: هل تنسقون مع أحزاب أو شخصيات سياسية داخل العراق؟
طارق الهاشمي: قلت كسياسي أمارس نشاطي كمعارض، وأتواصل مع النخبة وكذا مع الجماهير ولم أنقطع، ووسائل التواصل الاجتماعي تسهل ذلك بالطبع.
رووداو: ألا تشعرون أن العراق بحاجة لكم في الظروف الراهنة؟
طارق الهاشمي: بصراحة وبدون مبالغة، بالتأكيد نعم، الوطن أحوج لي ولغيري، هذا رأيي وأرغب أن أسمع رأي الآخرين أيضاً، الوطن أحوج لي ولأمثالي من أي وقت مضى، أنا صاحب تجربة ورؤية في الحكم، ولي همة ورغبة في إكمال مهمتي في خدمة وطني وأهلي العراقيين، وآمل صدقاً أن تتوفر لي هذه الفرصة اليوم وليس غداً، مع أني أعلم جيداً بتعقيدات المشهد الراهن، وقد أساعد في التوصل إلى حل مناسب يمنع الانزلاق للعنف والفوضى.
حكومة أغلبية وطنية
رووداو: برأيكم هل سوف يصمد التحالف الثلاثي وسوف تكون هناك حكومة أغلبية وطنية أو سوف نرى من جديد حكومة توافقية بين الأطراف الشيعية وبمشاركة السنة والكورد؟
طارق الهاشمي: حتى الآن، الصراع السياسي لازال سيد الموقف، ومن الصعب التنبؤ بمآلات هذا الصراع، رغم أني أُرجح خيار الأغلبية والخروج عن العرف السياسي؛ وأقصد التوافق الذي ساد تشكيل الحكومات السابقة، وها نحن اليوم نحصد سلبياتها في الانسداد السياسي والفشل في إدارة الدولة، لماذا لا نتواضع ونتعلم من التجارب الديمقراطية حول العالم، ونترك الخيار لتشكيل حكومة أغلبية، وتتجه باقي الكتل البرلمانية للمعارضة ومراقبة ومحاسبة حكومة الأغلبية، ومن خلال هذه التجربة نتقدم بخطى مدروسة نحو بناء نظام ديمقراطي رصين، أعتقد النتائج ستكون أفضل، مع ذلك هذه مجرد أمنيات، ولا شك علمتنا التجارب السابقة الهروب من المناكفات السياسية باللجوء للتوافق كخيار اللحظة الأخيرة وأظن هذا ما سيحصل في نهاية المطاف، ومتى حصل ذلك، فينبغي هذه المرة أن يتركز التوافق على حل المشاكل والأزمات وليس ترحيلها كما جرى في المرات السابقة.
رووداو: باعتقادكم ما السيناريوهات الكفيلة بإنقاذ العملية السياسية في العراق من أزماتها الراهنة؟
طارق الهاشمي: العراق يعاني من أزمة حكم، وهي أكبر من الخلاف السياسي بين الإطار التنسيقي والتحالف الثلاثي، الأزمة تعني الجميع وتطال الجميع، ولا بد أن يساهم بها الجميع، والسيناريو الذي أقترحه هو التمديد لحكومة تصريف الأعمال بين ستة أشهر إلى سنة، يجري خلالها الدعوة إلى حوار وطني يساهم فيه عراقيو الداخل والخارج، غرضه تقييم ومراجعة تجربة فاشلة أمدها 19 سنة بهدف تقويمها، ثم كتابة عقد اجتماعي، وتعديل الدستور، وتحديد العلاقة بين الإقليم والمركز ثم الدعوة إلى انتخابات جديدة، وتشكيل الحكومة مع ملاحظة توثيق هذه الفعاليات دولياً، ومن أجل حصانة القرار العراقي لا بد من وضع حد للتدخل الأجنبي، دون ذلك لا أمل في التغيير. أقصد بالعقد الاجتماعي، رسم العلاقات بين المواطنين العراقيين وكذا بين الفاعلين سياسياً وهنا لا بد من مشروع مجرب ناجح، على سبيل المثال مشروع نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا، وأن نأخذ بخطوطه العريضة ونتفق على التفاصيل بما يناسب مجتمعنا وطبيعة أزماتنا.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً