خالد مشعل لرووداو: لإقليم كوردستان الحق بتحديد موقفه من القصف الايراني وينبغي بالطرفين معالجة مواضيعهما السياسية

08-04-2022
بيستون عثمان
الكلمات الدالة خالد مشعل حركة حماس اقليم كوردستان فلسطين
A+ A-

رووداو ديجيتال 

رأى رئيس حركة حماس الفلسطينية في الخارج، خالد مشعل، أنه ينبغي على إقليم كوردستان وإيران أن يتفاهما على المواضيع السياسية فيما بينهما، وذلك بما يحفظ مصالح الطرفين، مؤكداً حق كوردستان في تحديد موقفها من القصف الايراني.
 
وقال مشعل في مقابلة مع شبكة رووداو الإعلامية، إنه "ما دامت الحكومة في كوردستان لديها رواية محددة (حول القصف الايراني) فينبغي أن تعالجها مع الجمهورية الإيرانية، بمعنى أن يتم معالجة الموضوع بينكم وبين الإيرانيين بما يحفظ مصالح الجميع".
 
وأوضح أن "الشعب الكوردي لديه مظلومية في العصر الحديث"، متمنياً أن "تتعلق تطلعات الشعب الكوردي نحو مستقبله واعتزازه بشخصيته بأن يكون في إطار الأمة الواحدة ووحدة الأوطان".
 
وأدناه نص المقابلة:
 
رووداو: لنبدأ من كوردستان، قبل أيام من الآن، باتت أربيل عاصمة إقليم كوردستان هدفاً لعدد من الصواريخ التي أطلقت من إيران، والموقع الذي تعرض للضربة كان منزل مواطن وكان قريباً من موقع القنصلية الأميركية الجديدة. ما هو تعليقكم على ذلك الهجوم؟
 
خالد مشعل: أنت تعلم أن هذا الحدث جرى في ظل تجاذب بين الطرف الإسرائيلي الصهيوني والطرف الإيراني، وقيل في الإعلام أن هذا رد إيراني على ما قامت به اسرائيل باستهداف أهداف إيرانية داخل سوريا، وأنتم الان في إقليم كوردستان تملكون معلومات على الأرض، أنا لم أسمع رواية في الإعلام حول ذلك، لكن الذي ترسخ في الإعلام هو أن الإيرانيين ردّوا على العدو الصهيوني، رداً على ما قاموا به من اغتيالات وقتل لأهداف إيرانية في سوريا، ومن حقكم في كوردستان أن تحددوا موقفكم، لأنه بلدكم وأنتم حريصون على أمنه، كما تعلمون تعقيدات وتجاذبات السياسة، ونحن نتمنى الخير لكوردستان، كما أن اسرائيل عدو لنا جميعاً، للمسلمين جميعاً بأعراقهم المختلفة وهي عدو لكوردستان كما هي عدو للعراق والأمة جميعاً، لكن كيف نحافظ على بلادنا واستقرارنا وأمنها، هذا ينبغي أن نتوافق عليه على المستويين العربي والإسلامي. 
 
رووداو: لكن بعض وسائل الإعلام بث شائعات أو أخباراً مفادها أن الموقع كان قاعدة إسرائيلية. لكنه من جهة منزل رجل أعمال معروف في إقليم كوردستان، ومن جهة أخرى كذّب إقليم كوردستان رسمياً أن يكون الموقع قاعدة إسرائيلية. ألم يطّلع العالم العربي على هذه الحقائق؟
 
خالد مشعل: أنا بالنسبة لي لم أسمع بهذه الرواية عندكم في كوردستان، وكان الأصل أن تقال في الإعلام، مشفوعة بالأدلة والحقائق، هذا أولاً، وثانياً، ما دامت الحكومة في كوردستان لديها رواية محددة فينبغي أن تعالجها مع الجمهورية الإيرانية، بمعنى أن يتم معالجة الموضوع بينكم وبين الإيرانيين بما يحفظ مصالح الجميع، وهذا شأن يخصّكما، وبالنسبة لي كفلسطيني فإسرائيل هي العدو الأول لنا وللأمة وأتمنى الخير للأمة العربية والإسلامية بكل دولها وأعراقها وطوائفها ومذاهبها، نحن أمة واحدة عبر التاريخ وأتمنى أن نتّحد لمصلحتنا العامة واستقرار بلادنا وشعوبنا وأن نقف جميعاً بوجه أعدائنا الذين يحتلون بلادنا، ويعتدون على مقدساتنا. 
 
رووداو: ألا ترى أن هذا الاعتداء هو بشكل من الأشكال انتهاك أو اعتداء على الأراضي العراقية؟
 
خالد مشعل: قلت أنه إذا كانت للحكومة في كوردستان رواية محددة، فالأصل أن تعالج ذلك سياسياً بالتواصل مع الحكومة في إيران، وأيضاً أن تبرز روايتها في الإعلام، وهذه مسؤولية الناس في كوردستان، وشخصياً أتفهم حاجة كل دولة لأمنها واستقرارها ومصالحها، عندما تحصل بعض التعارضات أو الروايات المتناقضة والمختلفة، الأصل أن يتم التواصل السياسي بين الأطراف المعنية، ويتبادلون المعطيات وتقدير الموقف ويعالجوا أي خلل من الممكن أن يحصل. 
 
رووداو: لنعد قليلاً إلى الوراء، ونطلع على تاريخ الشعب الكوردي، والحركة التحررية الكوردستانية. هناك نوع من العلاقة والشبه بين الشعب الكوردي والشعب الفلسطيني. في هذا السياق، كيف تنظرون إلى قضية الكورد وكوردستان؟
 
خالد مشعل: أولاً، الشعب الكوردي شعب محترم وجزء من هذه الأمة الإسلامية ونحن نحترمه ونعتز بتاريخه، إذ أن لكوردستان والكورد كانت لهم مواقف عظيمة في التاريخ، وحسبهم أن صلاح الدين الأيوبي انطلق من هذه الأراضي وحرر فلسطين واستعاد المسجد الأقصى وبيت المقدس من الصليبيين ووحّد الأمة في واجهة الصليبيين في بلاد الشام والعراق ومصر، لذا نعتز بالكورد وتاريخهم وبلادهم الكريمة، حيث هناك وشيجة ورابطة بيننا وبين الكورد بهذا التاريخ، وأن صلاح الدين هو الذي استعاد القدس وفلسطين وحررها من الصليبيين وبالتالي هذا التاريخ حاضر في أذهاننا. ثانياً، بالتأكيد أن الشعب الكوردي لديه مظلومية في العصر الحديث ونحن نتفهم مظلوميته، لكن بصراحة، المقارنة من حيث المظلومية لا بأس، ودوماً نعتز بالكورد على أنهم أهلنا الأعزاء، وسبق أن التقيت بعدد من المسؤولين منهم، لكن الفارق هو أننا نواجه عدواً محتلاً هو العدو الصهيوني الذي اعتدى على أرضنا ودنس مقدساتنا وهو عدو للجميع، ليس فقط الفلسطينيين، فهو عدو للعرب والمسلمين بما فيهم الكورد وكوردستان. حالياً، المظلومية لدى الكورد وحقهم في تقرير مصالحهم وأمنهم وسيادتهم، وبالنسبة أنهم جزء من دول سياسية في المنطقة كما أنتم في العراق، أتمنى أن تتعلق تطلعات الشعب الكوردي نحو مستقبله واعتزازه بشخصيته بأن يكون في إطار الأمة الواحدة ووحدة الأوطان، وهذا الأمر لا أتدخل فيه، لأن أريد أن أرى الصورة التالية بوحدة أوطاننا واستقرارها، وتفاهم  كل مكونات الأمة من العرب والكورد والتركمان والمسلمين سنة وشيعة وكذلك المسلمين والمسيحيين، حيث نحن أمة تعايشنا مع كل هذه المكونات، وأتمنى أن هذا يكون النسيج محافظاً عليه في ظل وحدة أوطاننا وفي ظل رفع المظلومية عن أي شريحة من هذه الشرائح.
 
رووداو: ألا ترون أن أرض كوردستان أرض محتلة؟ لماذا ترون أن أرض فلسطين أرض محتلة بينما لا تعدون أرض كوردستان أرضاً محتلة؟
 
خالد مشعل: للامانة، لا أستطيع أن آخذ هذه الرواية كما هي، لأنه كوردستان جزء منها في العراق وأخرى في إيران وتركيا وسوريا، هل هذا أسميه احتلالاً؟، هذه جغرافية سياسية تشكلت عبر عشرات ومئات السنين، وقد يكون للكورد تطلعهم نحو الاستقلال، هذا حقهم بقول ذلك، لكن بالمقابل توجد كيانات سياسية لديها رواية ورؤية أخرى، كيف نجمع بين تطلعات الكورد وحقهم في حريتهم وتحقيق تطلعاتهم والتعبير عن شخصيتهم وهويتهم ضمن المنظومة السياسية والوطنية، لكن هذا ما أتمناه، غير ان حالتنا مختلفة، نحن لم نكن جزءاً من دولة وفلسطين طوال عمرها في قلب الأمة العربية والإسلامية، فنحن لسنا مختلفين مع شريك عربي أو مسلم في العرق أو الدين أو المذهب، هذا عدو غازي أتانا من وراء البحار واحتل أرضنا لأهداف دينية، وبهذه المناسبة اسمح لي أن أعبر بحق ومحبتي للكورد وكورسدتان ولشعبهم الكريم وقيادتهم المحترمة، بأن يكونوا حذرين من الألاعيب الاسرائيلية، كون اسرائيل تحاول أن تكون حاضرة في بلاد شتى، وهي خطر على الأمة، وعندما فتحوا العلاقة مع مصر لم تستفد الأخيرة منها، بل تتآمر على مصر عبر نهر النيل والسد في إثيوبيا، كذلك تحاول ان تحفر قناة بديلة عن قناة السويس للإضرار بالمصالح والامن القومي المصري، إضافة الأردن لم تستفد، هذه الفترة هناك موجة تطبيع في المنطقة، للأسف مع عدد من البلاد العربية في الشرق والغرب، وتحاول اسرائيل أن تقدم نفسها كشريك في المنطقة، وهي جسم غريب عن بلادنا، لذلك رسالتي للشعب الكوردي ولكوردستان والحكومة الكوردية أن تكون حذرة من الألاعيب الاسرائيلية والاختراقات الصهيونية، وكوردستان جزء من أمتنا العربية والإسلامية التي نعتز بها.
 
رووداو: أفهم ذلك. لكنكم تتحدثون عن صلاح الدين الأيوبي والدولة التي أسسها صلاح الدين الأيوبي والتي ضمت بلاد الشام ومصر وكانت القدس وفلسطين جزءاً من تلك الدولة. حين كان الكوردستانيون يديرون دولة بتلك الصورة لم تكن هناك إيران الحالية ولا العراق ولا تركيا ولا سوريا. لو أن أرض فلسطين تم احتلالها في العام 1948 حسب رأيكم، فإن أرض كوردستان تم احتلالها وتقسيمها في العام 1918 أثناء الحرب العالمية الأولى. عندما ترون أن أرضكم محتلة، لماذا لا ترون أنّ أرض أمة أخرى تعرضت للاحتلال أثناء عدد من الأحداث التاريخية، أرضاً محتلة؟
 
خالد مشعل: صلاح الدين الأيوبي عندما حكم دمشق والقاهرة لم يكن هذا كياناً كوردياً.
 
رووداو: لكن الدولة العثمانية أيضاً لم تكن دولة تركية، بل كانت دولة إسلامية، وكذلك الدولة الأموية كانت إسلامية والعباسية أيضاً إسلامية.
 
خالد مشعل: نعم مفهوم، ويا ليت أن نعود إلى الماضي ونكون أمة إسلامية واحدة، سواء كان الحاكم عربياً أو كوردياً أو عثمانياً تركياً، المهم أن نكون في إطار دولة إسلامية واحدة.
 
رووداو: لكن هذا بمثابة حلم اليوم، أليس كذلك؟ هذا ليس الواقع الذي نعيشه اليوم.
 
خالد مشعل: نعم أعلم، لكنني أعلق على الماضي بعد حديثك عنه، لكن إن عدنا للواقع، فمن قسّم المنطقة؟، نحن لم نقسمها.
 
رووداو: البريطانيون والفرنسيون وتركيا وإيران.
 
خالد مشعل: سايكس بيكو بلا شك هي التي قسّمت المنطقة، وتطلعات الكورد أقول أنها يجب أن تعالج بينكم وبين الدول في المنطقة.
 
رووداو: لكن سؤالي واضح للغاية، أريد أن تجيبني عليه بوضوح، هل تعدونها أرضاً محتلة أم لا؟
 
خالد مشعل: وانا أعبر بدقة، لماذا؟ لأنه بالنسبة لنا كشعب فلسطيني، لسنا مختلفين مع جار عربي أو مسلم في العرق أو المذهب أو الدين، هذا عدو صهيوني جاء من وراء البحار واحتل أرضنا، كوردستان كان لها وضع في الماضي، واليوم هي جزء من الكيانات السياسية في المنطقة، هذا لا أستطيع أن أسميه احتلالاً بنفس مفهوم الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، لكن أنا لا أستطيع أيضاً الكورد بأن يكون لديهم مشروعهم وتطلعهم، وأتمنى أن يعالج ذلك في إطار التفاهم مع دول المنطقة، لأن المزيد من تفتيت المنطقة يضعفنا وهذا يجعل الأميركان والاسرائيليين يستغلون هذه الثغرات، وهذا الفارق بالنسبة لي بكل أمانة.
 
رووداو: حق تقرير المصير.. هل من حق الشعب الكوردي أيضاً أن يقرر مصيره؟
 
خالد مشعل: سأعطيكم مثالاً، نحن في عام 1951، جرت وحدة أردنية فلسطينية والأردن أصبح يحكم الضفة الغربية وسميت وحدة الضفتين برضا الشعبين واستمر هذا الأمر، وكانت غزة تحت الحكم المصري، واليوم أنا كفلسطيني اسعى لتحرير كل فلسطين، لكن لا أنظر للحكم المصري لغزة والأردني للضفة الغربية على أنه كان احتلالاً، وهذا تأتي عندما يتعلق بشريك لك في الأمة أرى أن تكون المصطلحات أكثر دقة، أما بالنسبة لنا فموضوع مختلف.   
 
رووداو: لكنكم هناك.. أنتم والشعب الأردني شعبان عربيان، ومع المصري أيضاً كلاكما عربيان. لكنكم مع ذلك لا ترحبون بذلك وتريدون أن تتمتعوا باستقلالكم. أما الكورد، فإنهم من حيث اللغة والتاريخ والهوية القومية، مختلفون عن الأتراك والعرب وحتى عن الفرس.
 
خالد مشعل: من اجل هذا سأعطيك مثلاً في الدولة العثمانية، هناك فريق من العرب اعتبروا الخلافة أو الدولة العثمانية على أنها احتلت الدول العربية لذا أقاموا ثورة ضدها، أنا كفلسطيني وعربي ومسلم، هل أعتبر الحكم العثماني لبلادنا كان احتلالاً، لا أعتبره كذلك، لأنني أعتبر نفسي جزءاً من هذه الدولة الإسلامية الكبيرة، بالرغم من أنه كان في أواخر الدولة العثمانية أخطاء ومظالم في سوريا وفلسطين، لكن لا أعتبره احتلالاً، وهذا هو الفارق والحساسية حينما أختلف مع مسلم في العرق أو المذهب أو غيره أو إذا كان الأمر متعلقاً بعدو مثل العدو الصهيوني أو الصليبيين حين احتلوا بلادنا، وهي فروق في المصطلحات، هذا رأيي، أما أنتم كيف تعبرون عن قناعتكم فلا أحشر عليكم، وأحترم الكورد في كيفية التعبير عن قضيتهم.
 
رووداو: هل للكورد الحق في تقرير المصير؟
 
خالد مشعل: أتمنى أن يحدث هذا ما دامت هذه رغبة الكورد.
 
رووداو: بصفته حقاً.. هل من حق الكورد كأمة أن يقرروا مصيرهم وقد حاولوا ذلك في العام 2017 لكن العالم رفض؟
 
خالد مشعل: نشأت كيانات سياسية في المنطقة، مثلاً يوجد تركمان داخل سوريا، هل نقول بأن للتركمان حق تقرير المصير! 
 
رووداو: لكن هل هم أمة أو مكون عرقي؟
 
خالد مشعل: التركمان قومية تختلف عن القومية العربية
 
رووداو: مكون عرقي؟
 
خالد مشعل: سأعطيك المختصر حتى لا ندور في هذه الحلقة، أنت تعتبر أن لك حق في تقرير المصير وناضلت خلال السنوات الماضية، هذا حقك ولا أجادلك فيه، لكن حينما أنظر للخريطة السياسية، هل أتمنى أن يحصل حق تقرير المصير للكورد والتركمان أو غيرهم في ظل صراعات تفتت المنطقة؟، لا أتمنى ذلك، بل أن يكون بالتراضي العام ونوع من التفاهمات السياسية في الأمة، ونسقط الصورة على العراق التي بها شيعة وسنة، هل أتمنى أن يكون هنالك أقاليم للشيعة وحدهم والسنة وحدهم والكورد وحدهم، لا أتمنى ذلك، بل أرغب أن يعيش الجميع في ظل وحدة الاوطان واحترام خصوصية كل شريحة، هذه رؤيتي، ولا أصادر حقكم ورؤيتكم. 
  
رووداو: لو أخذنا بالنموذج الفلسطيني الإسرائيلي مثلاً.. أنا شخص أجنبي عنكم، وأنتم كفلسطينيين لا تعيشون في سلام مع الإسرائيليين، ولو أنكم تقبلتموهم وهم أيضاً تقبلوكم، يمكن أن تعيشوا معاً في سلام ورخاء. لماذا لجأت حماس إلى السلاح أسلوباً للتعامل مع إسرائيل؟
 
خالد مشعل: أطلنا الحديث في هذا الموضوع، وقلت ما لدي، أنا ليست لدي حساسية في التعامل مع أي طرف عربي أو مسلم أختلف معه في الموضوعات السياسية وغيره، والمنطق في التعامل مع عربي أو مسلم أو مسيحي أو شيعي او كوردي أو سني على أنهم جزء من أمتنا، حساسيتي في التعامل معهم ليست قائمة وأفضل التفاهم السلمي بعيداً عن الصراع، أما حين يتعلق الأمر بعدو أجنبي، ونحن لا نقاتل اسرائيل لأنهم يهود بل ليس لديهم الحق وليسوا جزءاً من المنطقة، وهم غزاة من الخارج، وهناك مسيحيون في فلسطين وهم جزء من الوطن الفلسطيني والأمة، هم مسيحيون ديناً ومسلمون ثقافة، ينتمون للمنطقة وشركاء لنا في الوطن، نحترمهم ونتفهم مطالبهم ونحن في وحدة وطينة عظيمة في فلسطين، ونحن في حركة حماس خلال انتخابات عام 2006، انتخبها مسيحيون، وكذلك اليهود في المنطقة الذين عاشوا في أمان وسلام، إسلامنا عظيم إذ يحترم الأديان السماوية ويمنحهم حق التعبد ولا يعتدي عليهم، لكن حينما يأتيني غازٍ من الخارج بدعوى أن عنده حركة صهيونية هي علمانية لكنها وظفت الدين في معركتنا وعادت إلى التاريخ وزورته لتقول أن هذا الوطن لليهود، لا أقبلهم ولا أتعايش معهم، الصليبيون يأتون من الغرب ليوظفوا الدين المسيحي ضدي، لا أقبلهم، أما شركائي من المنطقة الذين أشرت إليهم حتى لو اختلفت معهم في قضايا سياسية وبعض حقوقي أتعامل بميزان آخر غير تعاملي مع اسرائيل، وطبعاً هذه رؤيتي. 
   
رووداو: بخصوص حركة حماس منذ بدايات تأسيسها، من مطلع التسعينيات إلى أواخر العقد الثاني من الألفية الثانية، كانت للعالم نظرة إلى حماس، كان يرى أن حماس منظمة وطنية فلسطينية إسلامية تحارب في سبيل تحرير فلسطين. هذا القول ليس قولي، لكن ألا يتعبكم مواجهة كل العالم الإسلامي الذي يرى أن حماس انزلقت عن ذلك المسار لتعمل في إطار الستراتيجية الإيرانية لإكمال الهلال الشيعي؟ ألا تتضايقون من أن المسلمين بعد أن كانوا ينظرون إلى حماس تلك النظرة، أصبحوا الآن يفكرون على هذا النحو؟
 
خالد مشعل: النظرة لم تتغير وتنقلب، إنما هناك عتب وملاحظات من أبناء الأمة في ضوء بعض التصريحات التي تصدر من رموز وقادة حماس، صحيح هناك عتب وقد نقع في الخطأ ببعض التصريحات، لكن في الستراتيجية حماس حركة فلسطينية عربية مسلمة وهي سنية لكن نحن لسنا متعصبين، فأنا سني ولست متعصباً ضد الشيعة، أنا عربي ولست متعصباً ضد الأعراق الأخرى، وأتعامل مع الجميع والإنسانية كلها، ليست هناك مشكلة، وحركتنا تقاتل المحتل الاسرائيلي، ولدينا قضية وطنية وإسلامية، وفلسطين قلب الأمة وقبلتها الأولى وأرض الإسراء والمعراج، اليوم حتى أقاتل هذا المحتل وأنتصر عليه، أي حركة مقاومة تحتاج إلى دعم وإسناد فنحن نطرق أبواب الأمة جميعاً والعالم كله، ولم نذهب إلى بلد بعينه، طرقنا البلاد العربية والاسلامية ودول العالم، وكل من فتح لنا بابه قلنا له شكراً وطلبنا الدعم، مالياً وعسكرياً وامنياً وسياسياً، وكذلك تدريب وتسليح، وكل دولة تعطينا ما تستطيع، هناك دول أعطتنا مالاً ولن تعطنا سلاحاً والعكس.
 
رووداو: باستثناء إيران، هل توجد دولة أخرى زودتكم بالسلاح؟
 
خالد مشعل: لا، كدول لا توجد دول أعطتنا سلاحاً.
 
رووداو: إيران فقط؟
 
خالد مشعل: نعم السلاح، لكن المال أخذنا من إيران وغيرها، واليوم مثلاً عندما نذهب لدولة عربية نخبرهم أننا حركة مقاومة ولسنا معارضة ضد نظام حتى تخشوا دعمنا، ادعمونا بالمال وبالسياسة والسلاح ضد اسرائيل، وليس ضد أنظمة عربية أو ضد السلطة الفلسطينية، البعض يخشى بسبب الضغط الأميركي أو قناعاتهم، لكن عندما طرقنا باب إيران منذ مطلع التسعينيات، أي قرابة 30 عاماً، رحبوا بنا بالمال والسلاح والتدريب والتصنيع والأمن، واليوم هل تلقي حماس للدعم من أي دولة يجعلها تابعة لها، لا.  
 
رووداو: لكن في نفس الوقت، هل ترون أن إيران تقدم لكم هذه الأسلحة والدعم من أجل سواد عيونكم؟ أو في سبيل القدس؟ هذه سياسة، وهذا تقليد سياسي، وبالتأكيد يجب أن يكون لديها هدف من ورائه.
 
خالد مشعل: هذا ينطبق ليس على إيران وحدها.
 
رووداو: كل العالم.
 
خالد مشعل: العفو، أنا اليوم أقيم في قطر، ما مصلحة قطر أن تحتضن قيادة حماس وأن تدعم غزة، حيث ترسل شهرياً 30 مليون للكهرباء، ولرواتب بعض الموظفين والعوائل الفقيرة، تركيا أيضاً لديها مشاريعها في غزة والقدس وتحتضن جزءاً من قيادات حماس، وسيطرح نفس السؤال، ما مصلحتهم؟ أنا أقول لك، صحيح أن السياسة والحياة مصالح لكن هناك مبادئ، لا أحرم أي دولة عربية أو إسلامية أن يكون لديها في سلوكها مع حماس دوافع مبدئية، وأنا التقيت بالزعماء، بعضهم محب لفلسطين والآخر يشعر بالغيرة تجاه فلسطين، إذا الدوافع الدينية أو الوطنية أو الرجولة موجودة عند دول وحكام ولا أحرمهم من هذا الأمر، أما المصالح، فأنا سأضرب لك أمثلة، قبل ذهابنا إلى إيران، حماس خاضت عدة حروب، في حرب 2008-2009 كانت قيادة حماس في دمشق، وكانت قبلة العالم في ذلك الوقت نظراً لتواجد قيادة حماس، ماذا استفادت دمشق؟، أصبحت العاصمة السياسية قبلة الحراك السياسي الإقليمي والدولي لوقف إطلاق النار كون حماس كانت موجودة فيها، وهو ما أعطى لسوريا ميزة وورقة إضافية، وفي حرب 2012 ذهبت مع جزء من قيادة حماس ورئيس حركة الجهاد، رمضان شلّح، ذهبنا إلى القاهرة، في أيام الرئيس محمد مرسي، تحولت إلى عاصمة تستجلب كل الحراك الإقليمي والدولي من أجل وقف إطلاق النار، وجاءت هيلاري كلينتون إلى قصر الاتحادية ولم تبرح القصر إلا حين وقف إطلاق النار، وفي حرب 2014 كنت رئيس الحركة وكنا هنا في الدوحة، أيضاً كانت الإدارة الاميركية تفاوضنا بشكل غير مباشر عبر القيادة والمسؤولين القطريين، وهذا أيضاً حصل في حرب العام الماضي 2021. 
 
رووداو: أي أن طهران ستكون مركز الحرب العالمية؟
 
خالد مشعل: الله أعلم، لسنا في إيران الان. 
 
رووداو: الحرب المقبلة.
 
خالد مشعل: لا، ليس بالضرورة. حيث توجد قيادة الحركة، تصبح العاصمة التي تقيم فيها قيادة الحركة أو جزءاً منها وخصوصاً رئيس الحركة، في الماضي أنا العبد الفقير، وحالياً أبو العبد، الأخ إسماعيل هنية، مركز الحراك الدبلوماسي والسياسي، إذاً هذه االدول مستفيدة من وجود حماس، بالرغم أن الدعم المالي والسياسي من بعض الدول لحماس قد يشكل عليها عبئاً، لكن في المقابل، حماس لأنها حركة قوية ومحترمة ولها سمعتها ومقبولة عند الأمة، فإن وجودها في الدول يخدم تلك الدول في صورتها ودروها السياسي. أما إيران، في حوار لي مع وزير خارجية عربي منذ عشر سنوات، وكان لديه موقف من إيران، فقال لي: أبو الوليد، هل إيران جمعية خيرية حتى تدعمكم لوجه الله؟، الحياة والسياسة مصالح، فقلت له صحيح، الدنيا مصالح، فرد علي: إذاً هناك ثمن، فأجبته نعم هناك، لذا سرّ الوزير واعتبر أن حماس تعترف بحاجة تحرجها، ثم أردفت بالقول: هل تعلم ما هو الثمن يا سعادة الوزير؟، قال ما هو، فرددت عليه أن هناك ثمنين تستفيد منهما إيران، الأول، أنها تقول أن مع القضية الفلسطينية التي هي القضية المركزية.
 
رووداو: يقوم بالترويج لنفسه، أفهم كلامك تماماً.
 
خالد مشعل: نعم، وهذا يخدم صورتها وانا لا أدعم فقط حزب الله الشيعي، أنا أدعم حماس السنية العربية، وهذا يحسن صورتها في المنطقة، خصوصاً أن إيران بينها وبين دول المنطقة حساسيات بسبب الخلافات السياسية، وكذلك في ظل البعد الطائفي الموجود، والفائدة الثانية هي أنها تذهب للدول الأوروبية وتقول ماذا تريدون من حماس؟، أنا أستطيع التفاهم معها، وهذا جزء من الذكاء، لذا أخبرت الوزير العربي ما الذي يمنعكم عندما تذهبون إلى أميركا وأوروبا أن تقولوا حماس حركة فلسطينية عربية ونحن قادرون على التفاهم معها، لأن حماس ليست في حجر أي دولة وإننا للأمة جمعاء، وأحد ملوك العرب التقيت به عام 2012 وأخبرني انه ذاهب لأميركا لمقابلة الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما، فماذا لديك لأقوله لهم، فأجبته بأن يقول أن حماس الحركة الفلسطينة العربية المسلمة المناضلة، قادرون على التفاهم معها، وهذه لمصلحة قضيتنا ونحن منفتحون على الجميع، وقاعدتنا هي أننا نشكر كل من يدعمنا، وهذا الدعم حقنا على أمتنا، لكننا لا ندفع من استقلالية قرارنا، ومطلقاً لا نرهن قرارنا بسبب دعم دولة لأخرى، ولا يمكن أن نخضع في قرارنا لأي دولة مهما كان دعمها لنا، ولا أن نغير سياستنا بناءً على ضغطها أو طلبها، وشكري لهذه الدولة أنني أتماهى معها وأتعاطى معها في أجنداتها الأخرى، وهو ما ينطبق على إيران أو تركيا أو مصر أو العراق أو قطر وأي دولة، بمعنى أن حماس لديها استقلاليتها الخاصة، والعتب الذي يحدث احياناً، يكون نتيجة تصريحات فيها زيادات وعدم إحكام لها، لكن هذا لا علاقة له برؤية حماس واستراتيجيتها المستقلة. 
 
رووداو: جيد جداً، هذه رؤيتكم. ليس فقط انزعاجاً ولا تصريحات. الحرب التي بدأت في أيار 2021. كان قسم كبير من المفكرين العرب، قسم كبير من المفكرين الإسلاميين، كانوا يرون أن لا تشارك حركة حماس في حرب من ذلك النوع، وأن تبقى التظاهرات مدنية وأن ذلك يخدم القضية الفلسطينية أكثر. لكنكم فجأة شاركتم في الحرب وتكلّمَت الصواريخ، وبالنتيجة فارقت الحياةَ مجموعة من الفلسطينيين ومجموعة من الإسرائيليين. بصورة من الصور تسببتم في نشوب أزمة، ليس حتماً أن تصب في مصلحة شعب فلسطين. هذا أثار سؤالاً، هو: هل أن إيران هي من دفعكم إلى حرب الصواريخ تلك أم لا؟ لا شك أن هذا السؤال ليس اعتباطياً، يُطرح جزافاً، بل هو سؤال تطرحه مراكز الفكر في الدول العربية. 
 
خالد مشعل: أنت أثرت قضيتين، الأولى أنه لماذا لم تستمر حماس في المواجهة الشعبية ضد القوات الاسرائيلية في القدس وساحات الأقصى بالعام الماضي، حماس والشعب الفلسطيني طوال 100 عام منذ الانتداب البريطاني، وهو يناضل، مارس كل أشكال النضال، مارس الانتفاضة، والثورة الشعبية والإضراب الكبير عام 1936، ومارس الحرب العسكرية والعمليات الفدائية من الخارج عبر الأردن وسوريا ولبنان في الستينيات والسبعينيات، ومارس المقاومة داخل فلسطين ثم دخل مرحلة الحروب رداً على العوان الاسرائيلي كما شرحت لك، فالشعب الفلسطيني لديه هدف ثابت هو تحرير فلسطين، من العدوان والاستيطان الاسرائيلي، واستعادوا القدس والأقصى وعودة اللاجئين إلى الوطن وتحرير الأسرى، وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة، من اجل هذا الهدف نمارس كل هذه الأشكال. 
 
رووداو: هناك أسلوب جديد حالياً.. من العام 2021؟
 
خالد مشعل: غزة كمثال، مارسنا فيها حروباً ومقاومة، لكن غزة استمرت سنتين أو ثلاث مسيرات العودة السلمية، أي غزة مارست الشكلين السلمي والعسكري، ومنذ 10 سنوات، قلت للرئيس الفلسطيني أبو مازن في رام الله، أخبرته أن نلتقي وإياهم على وسيلة في المقاومة، انطلاقاً من إيماننا نحن الإثنين بالمقاومة الشعبية كعامل مشترك، إضافة لإيماننا بالمقاومة المسلحة، لنفعل مقاومة شعبية حقيقة بوجه الاحتلال لكن مع الأسف هم يقبلون المنطق هذا لكن لا يفعلون، فحماس منفتحة، ففي رمضان الماضي قبل عام، اسرائيل اعتدت على حي الشيخ جراح وسكانه، واقتحمت المسجد الأقصى وساحته، وكان هناك مرابطون ومرابطات، لكن العنف الاسرائيلي وسقوط الشهداء، أدى لاستنجادهم بالمقاومة، التي لا تستطيع أن تقف مكتوفة اليد، لأننا شعب وقضية واحدة وخاصة إذا كان العنوان هو القدس، بل يحسب لغزة والشعب الفلسطيني، وانظر إلى التاريخ، فإن كل الشعوب التي تتطلع لتقرير المصير، منها الفيتنامي وجنوب أفريقيا وأميركا اللاتينية، الشعوب تمارس كل أشكال النضال، السلمي والعسكري وبطول نفس من أجل تحرير الأوطان. أما الجانب الآخر، صواريخ حماس تستخدم فقط بقرار وطني فلسطيني ومن أجل القضية الفلسطينية، ليس من أجل لا إيران ولا أي دولة في المنطقة، وكما قلت لك، لسنا جناحاً عسكرياً لأي دولة. 
 
رووداو: حسناً، كلامك هذا الذي تقوله، كان يقبل به الناس مائة بالمائة عندما كنت أنت رئيس حركة حماس، وكانوا يصدقون الكلام الذي كنت تقوله. لكن اليوم، وبعد مشاركة السيد إسماعيل هنية في مراسم عزاء قاسم سليماني، تحديد التوقيتات، بعد استخدام المسيرات والصواريخ، التي تفوح منها رائحة أسلوب الفصائل المسلحة الإيرانية الذي تتبعه في العراق وسوريا واليمن. لم يعد هذا الكلام مقنعاً.
 
خالد مشعل: دعني أخبرك الحقيقة، أن ستراتيجية ورؤية وموقف حماس في هذا الموضوع الحساس، لم تتغير لا في عهد خالد مشعل ولا إسماعيل هنية، وكلانا جزء من الحركة وقيادتها، ولديهم نفس الستراتيجية والقناعة، لكن هناك بعض الفروق في التصريحات، التي قد تحوي زيادة او خطأ وتستفز بعض الناس، نحن نعترف بذلك، حتى في عهدي حصلت بعض التعبيرات التي استفز بها بعض الناس، لكنها لا تعكس ستراتيجيتنا ورؤيتنا. كما أن أولئك الذين يركزون في قضية إيران، هناك دول وشعوب في المنطقة غير راضية عن سياسة إيران ولها الحق في التعبير عن ذلك، لكن عليهم أن يطمئنوا ويثقوا ان حماس ليست تبعاً لأحد، لكن سؤالي الكبير، بدلاً أن ندور في هذا الجانب، لماذا لا تبادر الدول العربية والإسلامية السنية الأخرى، أن تؤدي واجبها بطريقة حقيقية تجاه القضية الفلسطينية. وسأضرب لك مثالاً، إن كان هناك إنسان يكاد يغرق في بركة ماء، من يمد له حبل النجاة يشكره، لأنه أنقذ حياته، بينما لو مر قريب منك ونظر إليك دون أن بفعل لك شيئاً، وأتى أحدهم من بعيد وهو من غير عرقك ومذهبك وأنقذك، فستشكره وتلوم الأقرب إليك، لكن كنت بحاجة، واليوم الشعب الفلسطيني بحاجة لم يساعده في الصمود ومواجهة العدوان الصهيوني، ونحن في حماس لسنا في جيب إيران ولا سوريا ولا مصر ولا الأردن ولا قطر ولا تركيا ولا أي بلد عربي، نحن أحرار، ومن يدعمنا نقول له شكراً، لدينا قرارنا المستقل، وإن أخطأنا في بعض التصريحات هذا لا يعكس تغييراً في جوهر رؤية حماس وستراتيجيتها، أرجو ان نفهم الأمر على هذا النحو.
 
رووداو: هل تضايقت من مشاركة إسماعيل هنية في مراسم عزاء قاسم سليماني؟
 
خالد مشعل: لماذا ننزعج، أعرف أن هناك شعوباً تراه بصورة مختلفة لأن لديه اجندته في المنطقة، لكن بالنسبة للشعب الفلسطيني، قاسم سليماني دعم المقاومة الفلسطينية، فهناك اختلاف في الرؤية بين طرف وآخر باتجاه نفس الشخص، ومن يدعمك عليك أن تقول له شكراً وإن توفي عليك أن تعزي فيه، وبالتالي رئيس الحركة، إسماعيل هنية، ذهب لهذا العزاء، بقرار قيادة الحركة وليس بصورة منفردة. 
 
رووداو: هل شاركت حينها؟
 
خالد مشعل: لا، لم أكن وقتها في قيادة الحركة.
 
رووداو: لأنك كنت كذلك في 2020، بعد أن أعيد انتخابك رئيساً للمكتب السياسي.
 
خالد مشعل: أصبحت في قيادة الحركة خلال آب الماضي.
 
رووداو: لو أنك كنت حينها رئيس حماس، هل كنت ستذهب؟
 
خالد مشعل: أنا لا أجيب على أسئلة افتراضية، لأنني رجل لدي من الثقة الشجاعة الأدبية، والثقة بعد الله في نفسي وموقفي ما أعبر عن أي قضية عندما تصبح أمامي أو مسؤولاً عنها.
 
رووداو: لكن في ذلك الوقت بالتحديد، زود مصدر صفحة إندبندنت العربية، بمعلومات تقول إنكم انزعجتم من ذلك الموقف؟
 
خالد مشعل: لا، أنا لم أعلق على هذا الموضوع، ولا يستطيع أحد ان يعبر بالنيابة عني. 
 
رووداو: هناك صورة يهمني كثيراً أن أعرضها عليك. هل تراها أم أنت بحاجة إلى عويناتك؟
 
خالد مشعل: لا لا، أراها.
 
رووداو:  في هذه الصلاة، يظهر إسماعيل هنية، لكنك لا تظهر. أولاً لماذا لست في الصورة؟ وثانياً، هل من الضروري أن تكون حماس في هذه الصورة؟
 
خالد مشعل: يجب أن تسأل من صنع هذه الصورة لماذا صورتي ليست موجودة.
 
رووداو: لكن ربما سيكون هناك سؤال عن مواقفك، أم أن مواقفك لم تضعك في الصورة؟
 
خالد مشعل: سأجيبك، لكن ليست سراً أن الناس في إيران عتبوا على خالد مشعل لأنه خرج من سوريا ويحملونني هذه المسؤولية، وهذا موقف اعرفه، وبالنسبة لي لم أخطئ بحق أحد، ولم أسيء لا لسوريا أو إيران أو طرف عربي او مسلم أو في الساحة الدولية، قدّم دعماً لحماس او وقف إلى جانبها، وفي المقابل، أنا صاحب قرار مستقل، لست خاضعاً لأحد، بإمكاني الذهاب يميناً ويساراً، أو أتقدم وأتراجع وفق مصلحة القضية وقراري أنا كرئيس للحركة، وإن زعل أو غضب أحد، هذا شأنه، لكن أنا لي استقلاليتي.
 
رووداو: ألست نادماً على قرارك الرحيل عن سوريا؟
 
خالد مشعل: لا لماذا أندم؟!
 
رووداو: هل النتائج على هذا النحو أفضل لحماس؟ لو أن حماس بقيت في سوريا، هل كانت النتائج ستختلف؟
 
خالد مشعل: لا طبعاً، خروج حماس كان هو الصحيح، لأنه حين خروجها لم تكن تبحث عن مصلحة، على العكس، كانت لنا مصالح كثيرة داخل سوريا، حماس أرادت أن تتجنب الوقوع في المحظور، القيادة السورية في ذلك الوقت عتبت على قيادة حماس، وكانت تريد منا أن نصطف مع الدولة والنظام ضد الشعب، لذا نحن رفضنا ذلك وانسجمنا مع مبادئنا، ونحن لم ندخل الأزمة السورية، لا وقفنا مع النظام ضد الشعب ولا مع الشعب ضد النظام، هذا موقفنا المستقل.  
 
رووداو: لو أن قطر طلبت منكم غداً، أن تتفقوا في الموقف من أمر آخر أو ممارسة دور ما، هل يعني هذا أنكم ستغادرونها أيضاً؟
 
خالد مشعل: عندما نوضع في لحظة حرجة، يطلب منا مواقف أو تنازلات نحن مقتنعين بها وصادمة لمبادئنا ومواقفنا وقناعاتنا، وفي التدخل في قرارنا، بالطبع نحن أحرار، نفعلها مع الجميع. 
 
رووداو: دعنا لا ننسى الصورة، أن تندرج حماس في إطار صورة تضم الحوثيين وفصائل المقاومة العراقية.
 
خالد مشعل: باختصار، أنا لا أحب أن توضع حماس في سياق لون واحد من ألوان الأمة، التي أراها بكل مكوناتها، عرباً وغيرهم، مسلماً ومسيحياً وشيعياً وسنياً، هذه أمتي، وليست لدي مشكلة بالتنوع الكامل، لكن أن أوضع في إطار لون واحد، هذا لا يناسبني في حماس، وأنا أعبر عن الحركة التي هي جزء من كل مكونات الامة الشاملة، وأن يقتطع جزء من الأمة وتوضع حماس فيها، هذا غير مقبول.
 
رووداو: في هذا الإطار! أي أنكم لا ترتاحون لإدراج إسمكم في إطار ما يعرف الآن باسم جيهة المقاومة، التي تسمى أيضاً السلاح المنفلت. والجهات الشيعية أيضاً ليست راضية عنها، وكذلك في اليمن وفي سوريا وحزب الله. لا تريدون ضم اسمكم إلى جملة واحدة معهم.
 
خالد مشعل: قلت بشكل عام أن وضعنا في لون واحد وشريحة واحدة أمر غير مقبول، وأن أكون بجانب من يقاتل اسرائيل، نحن نصطف معه لكن لا نضع حماس مع قوة في بلادها معارضة لأنظمتها أو هي جزء من الحالة السياسية أو العسكرية في بلادها، في وجه اسرائيل كلنا نصطف معاً، لكن لا يوضع تماثل بين من يقاتل العدو الصهيوني وبين قوة لديها قناعتها في بلاد عربية لديها أجندة وبرنامجها السياسي أو العسكري، هذه حالة مختلفة مع من يقف في وجه إسرائيل أياً كانت طائفته أو مذهبه أو عرقه.
 
رووداو: سؤالي الأخير سيكون عن الإخوان المسلمين، لا شك أن أصول وجذور حركة حماس تأتي من مدرسة الإخوان. لكنكم في العام 2017 توصلتم إلى تعديل دستوركم، ومن حيث التنظيم تحولتم من حركة إخوانية إلى حركة مختلفة. من العام 2017 إلى اليوم، جئتم إلى هذه الصورة التي تقولون إنه لا ينبغي أن تكونوا في تلك الصورة. تغيرت مكانتم، وإن قلتم إنها لم تتغير. انحرفتم عن خط إخواني إلى خط إيراني.
 
خالد مشعل: هذا استنتاج خاطئ، أولاً، الوثيقة السياسية في 2017 تعبر عن التطور السياسي والفكري لحركة حماس وتعكسه، وليست تغييراً للميثاق عام 1987.
 
رووداو: دقيقة واحدة.. أنتم اليوم إخوان أم لستم من الإخوان؟
 
خالد مشعل: الأمر الأول أن الوثيقة عام 2017، هي الوثيقة السياسية التي تعبر عن التطور السياسي والفكري لحركة حماس وليس تغييراً للميثاق، ثانياً، نحن إخوان مسلمون كنا وما زلنا، نحن في فلسطين، كانت هناك حركة الإخوان المسلمين، وهذه الحركة انخرطت عام 1987 في المقاومة ضد العدو الصهيوني، وأسمت نفسها حركة حماس، لكن هذا الإسم لا يلغي انتماءها لحركة حماس، كالجماعة الإسلامية في لبنان، حركة النهضة في تونس، تجمع الإصلاح في اليمن، كلهم إخوان لكن اسمهم هكذا، انتماء حماس فكرياً لمدرسة الإخوان كان ومازال وهو مستمر، ولكن نحن لدينا استقلالية في قرارنا التنظيمي، منذ أن نشأت حماس عام 1987 وقرارها مستقل وليست تبعاً، لكن نحن مدرسة إخوانية، فحماس لن تتخلى عن مدرستها الإخوانية، لكن قرار حماس عندها ليس عندنا مرجعية غير مجلس شورى حماس، لا أن نقول حماس تركت الإخوان وذهبت إلى ايران. لدينا علاقة مع إيران منذ 1991، وعلاقتي مع الدول العربية لا تلغي ذلك، أعطيك مثالاً بعد الذي جرى في مصر 2013 اتصل بي مسؤول عربي في دولة عربية كبيرة وقال: هذه فرصة بأن تصرح تصريحاً واضحاً أنكم لم تعد لديكم علاقة بالإخوان، قلت له: هذا لا يليق بالرجال فعله، اليوم الإخوان في حالة نكبة ومعاناة، هل أطعنهم في ظهرهم؟ من جانب آخر، شخصياً لم أكن إخوانياً وتنصلت عنهم، كنت ومازلت في مدرسة الإخوان الفكرية ولكن بتنظيم مستقل، المعادلة سهلة، أنا جزء من مدرسة الإخوان فكرياً وتاريخياً، لكن نحن تنظيم فلسطيني مستقل، ولسنا تبعاً لأحد لا شرقاً ولا غرباً، أعيد، نحن حركة مستقلة، معركتنا مع الإحتلال الصهوني وهدفنا استعادة الوطن.
 
رووداو: أشكرك كثيراً. سيكون هذا آخر كلامي، وأريد أخذ كلمة منكم عنه. هذه صورة القدس خلفنا. كل المسلمين يعرفون هذا المكان بمجرد أن يروا الصورة. عندنا في كوردستان مدينة، كان رئيس جمهورية العراق الأسبق جلال طالباني، ولكي يعرّف الإخوة العرب بأهميتها عندنا، كان يقول دائماً إنها كالقدس لنا، هذه المدينة هي كركوك، وكان الرئيس مام جلال يقول: كركوك قدس كوردستان. هل تعرف كركوك؟ وما هي ملاحظتكم على قول مام جلال: كركوك قدس كوردستان؟
 
خالد مشعل: أولاً، أنتم لستم غرباء عن القدس فصلاح الدين حررها، الكورد لهم بصمة في تاريخهم العظيم تجاه القدس، نحن معكم شركاء، هذه قبلتنا الأولى، وهذا مسجدنا المبارك، وأرض الإسراء والمعراج، والرسول في تلك الليلة أمّ الأنبياء والمرسلين، وهذه قدسنا سنصلي فيها، وجلال طالباني رحمه الله، وكذلك الرئيس مسعود بارزاني، وكل القيادات الكوردية عندكم، يفخرون بالقدس كما نفعل نحن، وجميعنا نتعاون في تحريرها ونصلي فيها، وشهر رمضان يذكرنا بالقدس كما يذكرنا بمكة والمدينة والمسجد الحرام والمسجد النبوي، ونؤدي رسالتنا باستعادة فلسطين والأقصى معاً. 
 
رووداو:  أشكرك جزيل الشكر. أرجو أن يحمل شهر رمضان القادم معه الخير والسعادة لكل مدن العالم بدون تفريق بينها.
 
خالد مشعل: وأنا أشكرك على هذا اللقاء، ومن خلالك أوجه تحية لكل أهلنا في إقليم كوردستان رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً والسياسيين، وعامة الناس ونتمنى لهم الخير والأمن والأمان وأن يحقق الله الخير لهم ولإمتنا جميعاً.
 
رووداو:  ذكرتم أنكم التقيتم عدداً من القيادات الكوردستانية من قبل، من هم هؤلاء؟
 
خالد مشعل: الأستاذ مسعود رأيته في اسطنبول خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية، ورأيت الرئيس العراقي، برهم صالح، كان موجوداً في الوفد، ورأيت مجموعة من القيادات الكوردية في ذلك الوقت وسلمت عليهم، كما سلمت عليك.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

مادلين اولبرايت تتوسط بارزاني وطالباني

عدنان المفتي لرووداو: وقف إطلاق النار بين الحزبين الكورديين تحقق برعاية أميركية مباشرة

لم تنجح اية محاولة محلية او فردية للتقريب بين الحزبين المتقاتلين، الاتحاد الوطني الكوردستاني والديمقراطي الكوردستاني لوقف القتال..محاولات بذلها السياسي الكوردي عدنان المفتي، وكذلك محاولة الناشطة الاميركية في مجال حقوق الانسان، كاترين بورتر، حتى تدخلت تركيا بقوة لايقاف هذا النزيف.