خبير موصلي: داعش نهب نحو 5 آلاف مخطوطة من مكتبة أوقاف نينوى وعلى الحكومة إعادتها

07-04-2019
رووداو
المدرس في جامعة الموصل والخبير في علم المخطوطات عبدالإله علي حسين
المدرس في جامعة الموصل والخبير في علم المخطوطات عبدالإله علي حسين
الكلمات الدالة حوار عراقي
A+ A-

رووداو - أربيل

أكد المدرس في جامعة الموصل والخبير في علم المخطوطات، عبدالإله علي حسين، أنه الحكومة العراقية دورها سلبي في محاولة إرجاع المخطوطات التي سرقها مسلحو تنظيم داعش من الموصل بهدف تدمير حضارة وادي الرافدين، والتي تبلغ حوالي 5 آلاف مخطوطة، مشيراً إلى أنه "من المحتمل أن تكون هذه المخطوطات داخل الموصل أو في سوريا أو من الممكن أن تكون قد هربت إلى خارج أوروبا لأنها تحتوي على معلومات قيمة".

وقال حسين في حوار أجرتها معه شبكة رووداو الإعلامية إنه "نشكو في جامعة الموصل من نقص في بعض الأقسام الدراسية، ونحتاج إلى كتب، كما أنه يحب افتتاح قسم دراسة وتحقيق المخطوطات غير موجود في جامعاتنا".  

رووداو:  كيف هي أوضاع الموصل عموماً وخاصة من ناحية التربية والعلوم وكيف تقيمونها؟

د. عبدالإله علي حسين: كانت جامعة الموصل قبل دخول داعش جامعة رصينة والتدريس فيها جيداً، لكن عندما جاء الدواعش خربوا العلم، خربوا المعرفة، قتلوا الناس الأبرياء، حرقوا الكتب. كانت جامعة الموصل تمتلك مكتبة مركزية من أروع المكتبات بالعالم، كان عدد أطاريح الماجستير والدكتوراه وحدها فيها بالآلاف، أطاريح تراثية، حضارية، دمروها الدواعش، والآن تسلم الدكتور قصي كمال الدين الأحمدي المهمة، وهو يحاول مشكوراً رفع مستوى التعليم إلى درجة ما، والحمد لله بدأت (الجامعة) تتعافى تدريجياً وشيئاً فشيئاً بفضل الدكتور قصي.

رووداو: ما الذي تحسن في جامعة الموصل بعد زوال داعش؟

د. عبدالإله علي حسين: نحن تسلمنا جامعة الموصل وهي خراب، فما لم يتم تفجيره منها حُرق، ومنها كلية الفنون، لكن الدولة ليست حريصة على الإعمار والعمل في الإعمار يكتنفه البرود، لكن المنظمات والخيرين من الأساتذة والسيد رئيس الجامعة الحالي والطلاب أخذوا بإعمار الكليات، نحن عندنا منظمة فرنسية تسلمت الكلية وأعادتها إلى أحسن مما كانت عليه قبل داعش، كان الإعمار جيداً. لكن لازال بعض الكليات، مثل كليات الطب والهندسة والأقسام الداخلية للطلاب والمكتبة، لازالت محطمة. نحن نطالب دولياً بأن يعينونا على إرجاع هذا العلم، إرجاع جامعة الموصل، فجامعة الموصل جامعة علمية رصينة بالعالم، كانت تخرّج كوادر من كافة أنحاء العالم.

رووداو: كم في المئة من الأساتذة والطلبة الذين نزحوا، عادوا إلى جامعة الموصل؟

د. عبدالإله علي حسين: الأساتذة منهم من رجعوا ومنهم نزوح. أنا نزحت إلى كركوك بعد العداء الذي تلقيته من داعش مرتين بسبب كتابتي عن العصر التيموري والصفوي بشهادة الدكتوراه عن مكتبة كاشف الغطاء، فاعتبروني من الروافض، أنظر أي اتهام هو. رجعت جماعتي بعد أن حرقوا بيتي وكتبي، رجعوا بعض الأساتذة، ولازال بعض الأساتذة موجودين في منطقة كوردستان العراق، يروحون ويجيئون من الموصل وبيوتهم موجودة في أربيل وفي دهوك، حتى أن طلاباً عندنا، هناك باصات (حافلات) تنقلهم من أربيل إلى الموصل لأنهم معتزون بالأمان والاستقرار الموجودَيْن في منطقة كوردستان.

رووداو: كانت جامعة الموصل، في السابق، تمنح شهادات البكالوريوس والدبلوم العالي والدبلوم المهني والماجستير والدكتوراه في مئة تخصص علمي، هل مازال هذا قائماً؟

د. عبدالإله علي حسين: في جامعة الموصل نعم، مازالت تمنح الشهادات الرصينة المعترف بها دولياً، لأننا نحن أساتذة الموصل متشددون في العلم بطبيعتنا، أي أننا لا نعطي الشهادة للطالب إلا أن يكون صاحب علم وصل من المعرفة إلى ما تصبو إليه الجامعة. مازالوا ينالون شهادة الماجستير والدكتوراه والبكالوريوس، وحالياً تحتضن جامعة الموصل طلاباً من البصرة، من العمارة، من الناصرية، الكوت، ولا توجد أي مشكلة، متآخون متحابون في ما بينهم أي لا وجود لكلام الكراهية، بل على العكس، الطالب الذي جاءنا من الناصرية احتضنه طلاب الموصل كأنه أخ لهم، والحمد لله، ينالون الشهادات والدراسة عندنا مستمرة، بحزم وبعلم.

رووداو: كيف تتعامل بغداد مع جامعة الموصل؟

د. عبدالإله علي حسين: منذ اليوم الذي تسلم فيه الدكتور قصي السهيل، هذا الرجل أنا أعتبره رائعاً جداً من الناحية العلمية. أعطى صلاحية للدكتور قصي كمال الدين الأحمدي بأن يتصرف بما يحتاج. حالياً الرجل، قصي، أوعز إلى عمداء الكليات بإعطائهم الحرية بالتصرف ضمن القانون. أي أننا حالياً ناس محترَمون عند السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي الذي يحاول استرجاع مكانة جامعة الموصل إلى ما كانت عليه في الأعوام التي سبقت.

رووداو: ما هو المطلوب لتستعيد جامعة الموصل مكانتها السابقة؟

د. عبدالإله علي حسين: نحن نشكو من نقص في بعض الأقسام الدراسية. حالياً نشكو من المكتبة، نحتاج إلى كتب وأن تدعمنا المكتبات العربية والأجنبية، وخاصة كتب من إقليم كوردستان، تأتي إلى مكتبتنا وتكون علمية بحيث يستفيد منها الطالب في بحوثه في الدراسات العليا، لأننا نحن نحتاج إلى مصادر ومراجع لتعزيز البحوث العلمية، وهذا ناقص عندنا. ثم أن عندنا قسماً هو مجهول في العراق. قسم دراسة وتحقيق المخطوطات. أنا او طلبت من السيد الوزير ولو مقابلة لخمس دقائق، سأنوه عن هذا القسم. في كافة الدول، أنظروا إلى مصر، يوجد قسم دراسة وتحقيق المخطوطات في كل جامعة، لكنه ليس موجوداً عندنا. لماذا؟ هذا القسم مهم لكي نرى تراث الأمة، تراث العراقيين جميعاً، لكافة القوميات. هذا كله كان مسجلاً في المخطوطات. نريد أن نعيد هذا العلم لكي يعرف الشباب أن أجدادهم كانوا علماء، كانوا يكتبون للتاريخ، كانوا يكتبون الحالات الإيجابية فقط في العلم. لم يكن هناك تمييز بين هذا وذاك. تجد في المخطوطات كتابات بالفارسية، كتابات بالتركمانية، كتابات بالكوردية لعلماء. خاصة المخطوطات الموجودة بالموصل.

رووداو: ما هي هذه المخطوطات وأين هي وماذا حل بها؟

د. عبدالإله علي حسين: قبل أن يدخل الدواعش إلى الموصل، أنا كنت في مكتبة أوقاف نينوى، مكتبة الوقف السني، المكتبة المركزية، تحتوي على 4336 مخطوطة من أروع المخطوطات بالعالم، من أروعها علمياً وأدبياً وأخلاقياً. كانت تحتوي على مواد الطب، الهندسة، اللغة، البلاغة، الشعر وكافة المواضيع العلمية. دخل الدواعش، وسيطروا على مكتبة أوقاف نينوى. بخروج الدواعش، أخذوا المخطوطات؟ حرقوها؟ لا يبدو أنها محروقة لأن الخزانة الموجودة فارغة. فأخذوا هذه المخطوطات ومن المحتمل أنهم هربوها إلى الدول المجاورة، لأن هدفهم كان المال، وليس هدفهم الحضارة. هدفهم تدمير حضارة وادي الرافدين.

رووداو: إلى أي العصور التاريخية تنتمي هذه المخطوطات التي ضاعت؟

د. عبدالإله علي حسين: المخطوطات الموجودة، كانت تعود للقرن الأول الهجري إلى ظهور الطباعة، أعني ظهور المطابع الحجرية. هذه المخطوطات كان العلماء يكتبونها مشافهة على تلاميذهم. هي حالياً ليست موجودة. إذن لدينا مشكلة، وهي أن المخطوطات التي سُرقت من مكتبة أوقاف نينوى تحتاج إلى دراسة لإرجاعها.

رووداو: ماذا فعلت حكومة بغداد، وبالذات وزارة التعليم العالي، لاستعادتها؟ 

د. عبدالإله علي حسين: الحكومة دورها سلبي من ناحية المخطوطات لحد الآن لم يفكر أحد كيف يرجع المخطوطات وخاصة أنا أنادي الدكتور عبد اللطيف الهميمي م بان يسعى إلى إعادة المخطوطات المصورة والتي تحتوي على أقراص ونطلب من الوقف السني أن يعطي تحفيزات مالية لأشخاص من المحتمل أنهم يعرفون مكان هذه المخطوطات أي أنه من المحتمل أنها موجودة داخل الموصل 

رووداو: أين تتوقع أن تكون هذه المخطوطات موجودة؟

د. عبدالإله علي حسين: التقيت مع دكتورة في مؤتمر في مصر بجامعة قناة السويس وأخرتني بأنها ستتعاون معي على إرجاع المخطوطات، كما أخبرتها بأن أكثر المخطوطات العراقية خاصة التي تعود إلى الموصل احتمال أنها موجودة في تركيا كما أنه من المحتمل أن تكون موجودة في سوريا حالياً كما أنه من الممكن أن تكون قد هربت إلى خارج أوروبا لأنها تحتوي على معلومات قيمة بالطب والهندسة والرياضيات بالفلك. 

رووداو: هل أفاد طلبة وأساتذة جامعة الموصل من المعلومات التي تتحدثون عنها والتي كانت موجودة في تلك المخطوطات؟

د. عبدالإله علي حسين: إذا لم تتطلع على المخطوط نفسه لا تستطيع إرجاع المعلومة لأن العالم كان يجلس في مكان ما ويدلي المعلومة بالمشافهة وليس بالكتابة فالتلاميذ كانوا يكتبون المواضيع حيث تكون مدونة بعدة نسخ، ونحن كاختصاصيين نعمل على تحقيق المخطوط أي نأخذ المخطوطات التي تمت كتابتها أي حوالي 3 نسخ ونقارن بين المخطوط  ونختار أقربها إلى تأليف المؤلف ومن ثم نرجعها على شكل كتاب، لكن ذا لم تتوفر لدينا أي معلومة مدونة بالمخطوط، فكيف حينها نرجعها.

رووداو: أنتم متخصصون في علم المخطوطات، هل تعتقد أن تلك المخطوطات تم التعامل معها بالطريقة الصحيحة قبل أن يأتي داعش؟

د. عبدالإله علي حسين: أول ما تخرجت من الماجستير (علم المخطوطات) قمت بفتح دورات للاساتذة الموجودين في مكتب الأوقاف وتعلموا فيها كيفية صيانة المخطوطات، حيث كانت المخطوطات التي لدينا في الأوقاف يرعون على صيانتها وترميمها لكنها كانت لقمة سائغة للدواعش لانها تحتوي على معلومات قيمة.
رووداو: ماذا تعتقدون، أو كيف يجب التعامل مع هذه المخطوطات في حال استعادتها؟

د. عبدالإله علي حسين: يجب على الحكومة أو على ذوي الاختصاص أن يعلنون عن فهرس هذه المخطوطات ، وإعطاء شيء تشجيعي لعله أحد أفراد الموصل يدلي عن مكان هذه المخطوطات لنقوم نحن بإعادة هذا الصرح العظيم.

رووداو: تحدثتم عن كيفية التعامل مع المخطوطات، عن احتمال الإصابة بالأمراض في حال لم يعرف أحدهم كيف يتعامل مع المخطوطات؟

د. عبدالإله علي حسين: نحن خبراء في المخطوطات لأن أي باحث يريد أن يطلع عليها يقوم بتقليب المخطوطات بوضع يديه داخل اللسان ويقلب الأوراق وهذه تحتوي على فطريات لذلك لا بد من ارتداء قفازات قبل تقليبها لأان الفطريات ستنزل إلى معدة الإنسان وستؤدي إلى أمراض لذلك الاختصاصي يعمل على مراقبة المخطوط الدوري وأيهما أصابها المرض تعزل وأيضاً التي تحتاج إلى صيانة وترميم ويقوم بصيانتها حتى لا تكون عرضة للأمراض المختلفة لذلك نتعامل معها كما نتعامل مع أي مادة كيمياوية. 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب