رووداو – أربيل
يقيم الأمير السابق لتنظيم "أنصار الإسلام" في النرويج بعد خروجه من السجن، ويدلي بتصريحاته لوسائل الإعلام، وبعد أن أفرجت محكمة نرويجية عن ملا كريكار في يوم 17 آذار/مارس، تحدث لشبكة رووداو الإعلامية للمرة الأولى.
وتحدث ملا كريكار في هذه المقابلة عن وجهة نظره حيال تنظيم داعش، والكارثة التي حلت بسنجار، وأبدى دعمه لاستقلال كوردستان، كما تحدث عن الأحزاب الإسلامية الكوردية، وكذلك وجهة نظره عن تركيا، فيما شنّ هجوماً لاذعاً على إيران.
وقال ملا كريكار إن سوريا ستنقسم، ولكن لا يوجد أي مستقبل لمقاطعات كوردستان سوريا، وفيما يلي نص المقابلة التي أجرتها شبكة رووداو الإعلامية مع ملا كريكار:
رووداو: كيف هي حياتك بعد المحاكمات التي واجهتها في النرويج؟
ملا كريكار: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله، أنا الآن أنتظر قرار المحكمة النرويجية، فقد صدر قرار بتسليمي لإيطاليا، ومنذ 6 أشهر لم يصدر عنهم أي شيء، ولكنني لا أعتقد بأن تكون هناك وثائق بين أيديهم من أجل تسليمي، والنرويج بلد محكوم بالقانون، وقادته لا يستطيعون فعل شيء دون وثائق.
رووداو: لماذا يريدون تسليمك لإيطاليا؟
ملا كريكار: الموضوع هو أن شاباً كوردياً ساعد شاباً من كوسوفو للذهاب إلى سوريا، وقد قامت الاستخبارات الإيطالية بحفظ صور ومحادثة هذين الشابين، وبعد التحقيقات تبين أن ذلك الشاب قد التقط صورة معي أيضاً، وبناءً على ذلك تم الادعاء بأنه جرى تأسيس جماعة إرهابية، وقد أصبح الاختطاف والأنشطة الإرهابية فقاعةً إعلامية، وهناك تهم عجيبة وغريبة يتم سماعها، منها أنني قمت بتأسيس جماعة في إيطاليا عن طريق "سكايب" من داخل سجون النرويج.
رووداو: هل هناك شك بأن تكون الاستخبارات الأمريكية وراء هذه الأحداث؟
ملا كريكار: لا أعتقد أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية وراء هذا الملف، فالولايات المتحدة الأمريكية تركتني وشأني الآن، ولكن فيما مضى حاكمتني 61 مرى بتوجيه 40 تهمةً مختلفة، وحالياً يخجل السياسيون النرويجيون من الاعتراف بأخطائهم، وأنا منذ 14 عاماً محروم من حقوقي هنا، وهذا الموضوع استغرق وقتاً طويلاً وكلف الكثير، دون التوصل لأي نتائج.
رووداو: وضعك المعيشي ليس جيداً، فلماذا لا تعود إلى كوردستان؟
ملا كريكار: لقد جئت إلى النرويج كلاجئ عن طريق الأمم المتحدة، ويجب أن أخرج أيضاً بطرق قانونية، فالسلاسل والأغلال تقيد قدمي، واسمي مدرج على قائمة الإرهاب، وليس من السهل أن أعود هكذا، لقد جئت إلى هنا بطرق قانونية، وسأخرج بالطرق ذاتها.
رووداو: ألم تتحدث إلى الأطراف السياسية من أجل أن تعود؟
ملا كريكار: ليست لدي مشاكل مع أي حزب أو طرف سياسي، وغالبية أقاربي وأصدقائي يعملون مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني، حركة التغيير، الاتحاد الوطني الكوردستاني، والأحزاب الأخرى، وبعض الكورد في كوردستان إيران أيضاً عرضوا علي العودة، ولكن لم يتضح شيء إلى الآن.
رووداو: في حال عدت إلى كوردستان، هل ستتجه إلى أربيل أم إلى السليمانية؟
ملا كريكار: في حال عدت، فسوف أتوجه إلى السليمانية، فلطالما كنت في السليمانية، وهناك أكون أكثر تأثيراً، وفي حال لم تكن لي صفة محددة، فأنا أرغب بأن أكون أستاذاً جامعياً، أو أن أقوم بتأسيس مركز للبحوث السياسية، وحتى لو كنت بعيداً عن السياسة، فأنا أرغب في أن أكون في السليمانية.
رووداو: هل وضعت أي شروط فيما يتعلق بقضاة المحكمة؟
ملا كريكار: لا، ففي دولة يحكمها القانون، لا يستطيع المتهم تحديد القاضي، لقد طلبت بأن يحاكمني القاضي رزكار، لأنه قاضٍ وقور، وهو من حاكم صدام حسين، وليحاكمني أنا أيضاً، وفي النرويج حققت معي المحكمة حول شكوى رفعها ضدي المسؤول في الاتحاد الوطني الكوردستاني، خيلي حمه، كل هذه الادعاءات كاذبة، إنها مجرد حرب فكرية، وأولئك الذين توجد مشاكل سياسية بيننا، يخشون لساني وأفكاري وأخلاقي، لذلك يختلقون التهم ضدي.
رووداو: سبق أن أسست حركة بمسمى حركة "جيا"، ما الهدف منها؟
ملا كريكار: حركة "جيا" هي مدرسة فكرية وسياسية، وأنا أريد تأسيس جمعية لأولئك الذين يؤمنون بأفكاري، سواء خلال حياتي، أو بعد مماتي، وسأصدر قراري حول هذه المدرسة، وهم من جهتهم سيتخذون قرارهم في أي وقت يمكن أن يتحولوا إلى حزب سياسي أو منظمة، فأنا أريد أن أفعل مثلما فعل كل من، ماركس، وسيد قطب، وأن أكتب تجاربي وأجعل منها قاعدة فكرية، لكي تبقى آرائي وأفكاري معروفةً لدى الناس حتى بعد مماتي، وعندئذ سيكون بإمكانهم تأسيس حركة وتغيير المجتمع.
رووداو: هل هذا يعني أنها ليست منظمة سياسية حالياً؟
ملا كريكار: كلا، فلا يوجد مكتب سياسي وأعضاءُ مجالس، وفي هذه الحركة لا يوجد قائد ومسؤول، إنها أساس مدرسةٍ فكرية، وضمن حركة "جيا" لا أحد يعتبر أميراً أو عاملاً، بإمكانهم أن يكونوا مثل التيار الصدري العراقي، أو هيئة العلماء في السعودية، كما أن بإمكانهم عقد اجتماعاتهم في أربيل أو أنقرة، وإن كانوا 500 شخص، فليكن من بينهم 50 مؤسس يقومون بإعداد برنامج ولوائح حركتهم، على ألا يصبحوا أحزاباً بين الناس.
رووداو: هل طرأت أي تغيرات في أفكارك، وهل لا زلت تؤمن بالجهاد في كوردستان؟
ملا كريكار: أنا أؤمن بالإسلام الذي هو عقيدة وشريعة، وجهاد أيضاً، برأيي غالبية كوردستان تعتبر "ديار الكفر"، ولكن أبناؤها مسلمون، القوانين التي يتم تطبيقها في كوردستان، تعتبر كفراً ويجب أن تتغير، نحن لا نحارب الناس بالمدافع، نحن نحارب فكرياً، ونُظهر وثائقنا، صحيح أن كوردستان هي "ديار الكفر"، ولكن هذا لا يعني أن الناس كفار.
رووداو: ألا تعتقد بأن عبارة "كوردستان ديار الكفر" تدفع الشباب الكوردي باتجاه التطرف الجهادي؟
ملا كريكار: كلا، فعندما كان رسول الله في مكة، كان ذلك المكان "ديار الكفر"، ونحن لا نريد من أحد أن يقتل، فإن استطعنا فسنطبق الإسلام، وإن لم نستطع فسوف نهاجر.
رووداو: ماذا ستفعلون لو امتلكتم السلطة؟
ملا كريكار: بلا شك سنطبق الإسلام، سوف نصفع العلمانية، نحن نؤمن بالإنسانية، وأعلم أن حريتنا تنتهي حين تبدأ حريات الآخرين، ولكن إذا وصل الأمر إلى مستوى "كسر الأيادي"، فلن نسمح لأحد بأن "يكسر أيادينا"، بل نحن من "سيكسر الأيادي".
رووداو: سبق أن اندلعت اشتباكات بين عدد من المسلحين وقوات مكافحة الإرهاب، في منطقة "سنكاو" بإقليم كوردستان، مما أسفر عن مقتل المسلحين، وكان أولئك المسلحون قبل ذلك أعضاء في جماعة "أنصار الإسلام" ومقيمين في أوروبا، هل لديك أي معلومات عنهم؟
ملا كريكار: في الحقيقة، أحداث "سنكاو" كانت كذبة من صنع، محمود سنكاوي، وكانت مسرحية مُعدّةً مسبقاً، فكيف يمكن إرسال 4 مسلحين من أوروبا إلى تلك المنطقة الجغرافية مع بنادق "كلاشنكوف"؟، المرء لا يذهب حتى إلى "صيد الخنازير" بهذه الطريقة.
رووداو: كيف تُعرّف داعش؟
ملا كريكار: داعش جماعة جهادية مثل باقي الجماعات التي تقاتل في سوريا العراق، ولكن لا أحد يبايعهم، وحين يسمون أنفسهم بـ"الخلافة"، فهذا لا يعني أنهم أصبحوا كذلك، ولدي وجهة نظر حيال أفكارهم ومعتقداتهم، وكذلك حول المبالغة في القتل وسفك الدماء.
رووداو: كيف تنظر إلى ما فعلوه بالكورد الإزيديين؟
ملا كريكار: لا أعلم شيئاً في هذا السياق، حيث سمعت بعض الأشياء من الطرف المقابل فقط، تماماً مثل مسرحية "الإمام الحسين والسيدة زينب" واقتيادهم إلى دمشق مقيدين بالسلاسل، وأنه يتم اقتياد الإزيديين بنفس الطريقة، ومن ثم بيعهم، ولو كنت قائد قوة جهادية، ما كنت لأفعل ذلك بالإزيديين كما فعل داعش، وعندما كنا أصحاب قوة في حلبجة، لم نفعل ذلك بحق الإزيديين.
رووداو: ما هي نظرتك للأحزاب الإسلامية في إقليم كوردستان؟
ملا كريكار: لا أعتقد بأن تتحد الأحزاب الإسلامية في حزب واحد، لأن الجماعة الإسلامية تتبع لإيران، فيما يتبع الاتحاد الإسلامي لجماعة الإخوان المسلمين، وأفكارهم مختلفة، كما أن "الحركة الإسلامية" مختلفة عنهما، ويجب أن يتحدوا في جبهة واحدة، ولكنهم لا يفعلون ذلك، ومصالحهم لا تلتقي، والإخوة في الجماعة الإسلامية يتبعون لإيران 100%.
رووداو: ألا يُعتبر هذا الكلام عن الجماعة الإسلامية قاسياً؟
ملا كريكار: كما لا أشك بمعرفتي باسمي، كذلك لا أشك في ارتباط الجماعة الإسلامية بإيران، أنا أعرف، علي بابير، منذ 34 عاماً، وأعلم (أي بعير استقبله، وأي تمساح زاره).
رووداو: لقد دعمت حركة التغيير في عام 2009، هل تزال على نفس الموقف؟
ملا كريكار: في ذلك الحين كان هناك مشروع لحركة التغيير، ولكن سقطت الحركة في نظري الآن، ولا أعلم إن كانت العقبات التي تعترض طريقهم كبيرة، أم أنهم يتعرضون لضغوط خارجية، وفي حال انضمت حركة التغيير للاتحاد الوطني الكوردستاني، فإنها تكون قد أقدمت على آخر الأنشطة.
رووداو: كيف ستكون أوضاع كوردستان برأيكم؟
ملا كريكار: أوضاع كوردستان تتجه نحو الأسوء، لأنهم لم يكونوا صوتاً واحداً ولا ينظرون لكوردستان كأمة، فكوردستان تتمتع بالفيدرالية منذ 25 سنة، وهذه التجربة ليست قليلة، ففي دولة "غامبيا" على سبيل المثال، هناك 7 أحزاب، علماً أن "غامبيا" لا تعادل سوى أحد أحياء مدينة أربيل أو السليمانية، ولكن لم يعد فيها نظام، ولا أحد يعلم ما الذي يحدث.
رووداو: كيف تُقيّم العلاقات بين العراق وإقليم كوردستان؟
ملا كريكار: بإذن الله سننفصل عن العراق مستقبلاً، ولو أنهم أعلنوا دولة كوردستان هذا الأسبوع، فسوف أكتب تهنئنةً يوم غد، وأنا أدعم انفصال كوردستان عن العراق، ففي عام 1921 جعلوناً جزءاً من هذه الدولة بالقوة، وهي دولة منهارة، وفي المرة الأولى التي اشترى فيها العراق طائرات حربية، قام بقصف الكورد في السليمانية، والله العظيم لو أنهم أعلنوا الدولة الكوردية فقط في حيّ صغير من أحياء مدينة أربيل، فسوف أدعم هذه الدولة، فعندما أصبحت موريتانيا دولة، لم يكن هناك بناء عالٍ لكي يرفعوا عليه علم البلاد.
رووداو: هل تدعم الاستفتاء؟
ملا كريكار: لقد أضاعوا هذه الفرصة، والناس لا يثقون بهذه الأحزاب، فالاتحاد الوطني الكوردستاني يريد بناء "اتحاد القذافي"، كما أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني يريد بناء "نظام ملكي" دستوري، وهو ما سيتحول إلى "سرطان"، ولا توجد أي مصلحة وطنية بمطالب هؤلاء، فالتيموريون في قارة آسيا كانوا أبناء جبال، وقد حولوا جبالهم إلى دولة، كما أن "حامد حواتي" كان مثل ملا مصطفى البارزاني، وكان قائد ثورة إريتيريا عام 1961، فكلاهما قاد ثورة، وفي عام 1994 أصبحت إريتيريا دولة، في حين أن أحزابنا تتصارع فيما بينها منذ 1994، وإيران استغلت هذه الأوضاع وحولت بلدنا إلى دمار.
رووداو: ولكن لتركيا أيضاً يداً في إقليم كوردستان مثل إيران، فلماذا تتحدث عن إيران بقسوة؟
ملا كريكار: إيران وتركيا لا تتشابهان، فعلاقات تركيا والحزب الديمقراطي الكوردستاني جيدة، ولكن الاستخبارات التركية ليست متوغلة في جسد الحزب الديمقراطي الكوردستاني، أما إيران فتستثمر في منطقة الاتحاد الوطني الكوردستاني، وحولت قادة الاتحاد الوطني الكوردستاني إلى شيعة، وإيران تخوض معركة بقاء أو فناء، كما أنها تربح مليار دولار شهرياً من منطقة الاتحاد الوطني الكوردستاني.
رووداو: ما هي نظرتك حول سوريا ومقاطعات كوردستان سوريا؟
ملا كريكار: سوريا ستنقسم، وسيتم إعلان دولية شيعية في طرطوس، وحالياً تعقد إيران اتفاقيات مع الجماعات الجهادية الأخرى لكي تستقر في مناطق سوريا، وبهذه الطريقة يفعلون كما حدث في لبنان، كما أنهم يبنون دولة علوية تمتد من بانياس إلى طرطوس، وتكون مرتبطة بلبنان، ويقومون بحماية حزب الله أيضاً، بالإضافة إلى أن السنة سيصبحون دولةً أيضاً، أما الكورد فلا يزال مصيرهم غامضاً، لأن مصالح الأطراف السياسية السورية تتطابق مع مصالح تركيا، وتركيا بدورها تقف ضد الدولة الكوردية، لذلك لن يكون هناك مستقبل للكورد في سوريا.
من هو ملا كريكار
هو الأمير السابق للتنظيم المتشدد المعروف باسم "أنصار الإسلام"، وهو تنظيم مُدرج في قائمة الإرهاب، وقد بدأ بالحركة الجهادية في منطقتي "حلبجة وهورامان"، وهاجر إلى النرويج عام 1991، ولكن تنظيمه استمر بأنشطته في إقليم كوردستان، وقد صدرت بحقه مذكرة اعتقال بتهمة ممارسة أعمال إرهابية، وهناك حُكم عليه بتسليمه للعراق من قبل السلطات النرويجية منذ عام 2003، ولكن لم يتم تسليمه حتى الآن بسبب مخاوف من أن يتم الحكم عليه بالإعدام، وقد سُجن في النرويج من عام 2012 وحتى مطلع 2016، بسبب تهديده لسياسيين نرويجيين بالقتل.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً