البزق الكوردي في حياة زياد الرحباني

31-07-2025
الكلمات الدالة زياد الرحباني البزق الكورد
A+ A-
رووداو ديجيتال

بعد وفاة الفنان اللبناني المعروف زياد الرحباني، نجل الفنانَين الشهيرَين فيروز وعاصي الرحباني، انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لمقابلة قديمة له، يتحدث فيها عن آلة البزق (الطنبور) ويصفها بأنها آلة كوردية.
 
في مقابلة تلفزيونية مع المقدم عماد دبور على قناة تونسية بُثت عام 2019، يشير الفنان إلى أن البزق، الذي يحتل مكانة بارزة في الموسيقى، ذو أصل كوردي، ويصفه بأنه الآلة القومية للكورد.
 
وعندما سُئل عما إذا كان أصل الطنبور يونانياً، يجيب زياد الرحباني قائلاً: "أصله كوردي".
 
وأضاف: "الأتراك أيضاً يتحدثون عنها كما لو كانت لهم، على أنها تركية، لكنها كوردية. إنها الآلة القومية الكوردية".

 

 

وحول علاقته العميقة بهذه الآلة، يعزو الرحباني السبب إلى والده، الفنان الراحل عاصي الرحباني، قائلاً: "والدي علّمني البزق، فقد كان يلحّن عليه. لا أعرف لماذا اختار البزق وليس العود".
 
وفي جزء آخر من الحوار، يتم التطرق إلى القدرات التقنية للآلة، كما يؤكد زياد الرحباني أن البزق يمكنه عزف "ربع التون" الذي يعد أساسياً في الموسيقى الشرقية، لكنه في الوقت نفسه يشير إلى محدوديته قائلاً: "في الأساس، له وتران فقط، لذا فإن العزف عليه محدود، لكن [والدي] لحّن كل ألحانه عليه".
 
زياد يتحدث عن البزق الكوردي
 
لم يتحدث زياد الرحباني عن هذه الآلة مرة واحدة فقط، ففي مقابلة أخرى، أكد على أصالة آلة الطنبور كآلة كوردية، مشيراً إلى أن للموسيقى الكوردية تأثيراً مباشراً على أعماله.
 
في عام 1995، أجرت صحيفة "السفير" اللبنانية مقابلة مع زياد الرحباني، تحدث فيها بالتفصيل عن هوية آلة البزق قائلاً: "آلة البزق ليس لها هوية واضحة حتى اليوم، ولكن برأيي البزق آلة كوردية، وهي بأي حال الآلة القومية للكورد، رغم أن البعض يقول إنها تعود للعرب الرُحَّل".
 
ويكشف الرحباني أن إحدى أغاني ألبوم "بما إنو" تأثرت بعمق بالموسيقى الكوردية والأرمنية، ويقول في هذا الصدد: "الموسيقى تأثرت بشكل كبير بالموسيقى الكوردية والأرمنية... لو كانت لدينا كل آلاتهم التراثية، لكان هذا التأثير أكثر وضوحاً".
 
وأشار إلى أنه تعرف على هذا الجو الموسيقي عن طريق فرقة "نوروز" الفلكلورية الكوردية، وكانت لديهم خطط للعمل المشترك، ويصف أسلوب عزف الفرقة بأنه يعتمد على عزف عدة عازفين على البزق معاً في آن واحد.
 
وفيما يتعلق بعلاقته الخاصة مع آلة البزق يعزو زياد الرحباني السبب إلى والده عاصي الرحباني، قائلاً: "كان والدي يلحّن على البزق.. كان لدينا طنبوران في المنزل، وأعطاني والدي واحداً لا يزال معي حتى اليوم"، كما كشف أن أغنية فيروز الشهيرة "علّموني" قد لحّنها والده على آلة البزق". 
 
هذه التصريحات لزياد الرحباني هي تكرار لنفس الآراء التي سبق أن ذكرها في المقابلة التلفزيونية، والتي أعلن فيها بوضوح أن البزق "أصله كوردي".
 
يُعرف زياد الرحباني كأحد النجوم اللامعة في الموسيقى والمسرح العربي الحديث، وقد توفي عن عمر ناهز 69 عاماً في 26 تموز 2025، بعد صراع طويل مع مرض تشمع الكبد. 

 

 
أنهت وفاة الرحباني مسيرة فنان غيّر وجه الثقافة اللبنانية والعربية لأكثر من نصف قرن بأعماله الموسيقية الرائدة ومسرحياته السياسية النقدية.
 
وُلد زياد عاصي الرحباني، نجل الأسطورتين الفنيتين فيروز وعاصي الرحباني، في 31 كانون الثاني 1955. نشأ في بيئة فنية تركت تأثيراً عميقاً على مستقبله. ورغم أن بداياته كانت مع الشعر، إلا أنه سرعان ما اتجه إلى عالم الموسيقى والمسرح.
 
عاصي الرحباني وفيروز
 
في سن السابعة عشرة، اشتهر بأول ألحانه لأغنية والدته "سألوني الناس". لم يحقق هذا اللحن نجاحاً كبيراً فحسب، بل كان بوابة لتعاون طويل الأمد مع فيروز، أدخل فيه زياد أسلوباً جديداً إلى موسيقى الرحبانية؛ حيث مزج الموسيقى الشرقية مع الجاز والبلوز، مُحدثاً بذلك ثورة في الموسيقى العربية.
 
كما أحدث زياد الرحباني ثورة أخرى بمسرحياته. فقد ابتعد عن مدرسة المسرح الخيالي والمثالي لوالده وعمه (الأخوين رحباني) واتجه إلى مسرح واقعي وسياسي وكوميديا سوداء. أصبحت مسرحياته مثل "بالنسبة لبكرا شو؟" (1978)، و"فيلم أميركي طويل" (1980)، و"بخصوص الكرامة والشعب العنيد" (1993) مرآة للمجتمع اللبناني في زمن الحرب الأهلية وما بعدها؛ حيث انتقد الفساد والطائفية والمشاكل الاجتماعية بلغة ساخرة وحادة.

 

 

عُرف الرحباني بمواقفه السياسية اليسارية وتأييده للحزب الشيوعي اللبناني. وكان دائماً مدافعاً صلباً عن القضية الفلسطينية ومناهضاً للظلم والجور.
 
توديع زياد الرحباني
 
كانت حياة زياد الخاصة مليئة بالتقلبات، فقد انتهى زواجه من دلال كرم بالانفصال، ونشأت بينهما لاحقاً مشاكل قانونية حول نسب ابنهما "عاصي". كما ارتبط بعلاقة طويلة مع الممثلة اللبنانية كارمن لبس، وقد انعكست هذه التجارب في العديد من أغانيه وأعماله الفنية.
 
بعد نقله إلى المستشفى في حزيران 2025، تدهورت حالته الصحية وتوفي في 26 تموز 2025، وقد أعلنت وزارة الثقافة اللبنانية رسمياً خبر وفاته.

 

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

رواية "ڤیان وولات"

رواية "ڤیان وولات" تُخلّد مأساة الأنفال في ملحمة حب ومقاومة

في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتكاد الذاكرة الجماعية أن تتآكل تحت وطأة الحاضر، يأتي الأدب ليؤدي دوره الأسمى: أن يكون حافظاً أميناً للحكايات الإنسانية، وشاهداً صلباً على آلام التاريخ وانتصارات الروح. ومن هذا المنطلق، يبرز عمل أدبي جديد للكاتبة الكوردية السورية أمل حسن، بعنوان "ڤیان وولات"، ليلقي الضوء على واحدة من أعمق جراح الذاكرة الكوردية والعراقية: كارثة الأنفال في منطقة بارزان.