(غرباء بالكامل) فلم بأربع لغات..والنسخة العربية (أصحاب ولا أعز) أثارت الجدل

30-01-2022
معد فياض
A+ A-

رووداو ديجيتال

Perfect Strangers (غرباء بالكامل)، باللغة الايطالية: Perfetti sconosciuti، والإسبانية:  Perfectos desconocidos ،والفرنسية: Nothing to Hide(لا شيء نخفيه، أو كل شيء مكشوف)، Le Jeuيعني بالإنجليزية: The  Game (اللعبة)، أما النسخة العربية فحملت عنوان( أصحاب.. ولا أعز).

أربعة أفلام تندرج تحت تصنيف دراما اجتماعية كوميدية (لعمر 13 سنة) ، بنسخ مختلفة: الايطالية، وهو الاصل من انتاج 2016، ثم الاسبانية والفرنسية وأخيرا العربية، تعتمد ذات القصة والاحداث والسيناريو واسلوب الاخراج والديكور، حتى تكاد تبدو نفس النسخة بلغات مختلفة، لولا متعة التغيير في إداء الممثلين.

قصة الفلم ذات النسخ الاربع (الايطالي والاسباني والفرنسي والعربي)، ببساطة تدور حول سبعة اصدقاء قدامى، ثلاث ازواج وعازب واحد، يلتقون في ليلة خسوف نادر للقمر بالكامل ومشاهدة هذه الظاهرة التاريخية التي ستحدث مرة اخرى عام 2033، في إحدى الأمسيات وخلال حفل عشاء في بيت صديق وزوجته، الاسماء هنا مختلفة حسب لغة الفلم.

على مائدة العشاء، وبعد سماع قصة صديقهم، العازب، الفكاهية المشكوك فيها لامرأة عجوز اكتشفت أمر علاقات زوجها خارج نطاق الزواج عندما يتعرض لأزمة قلبية مفاجئة في الباص، او المترو، وعند وفاته في المستشفى بعد أن بحثت في الرسائل على هاتفه المحمول غير المؤمّن . تدخل مجموعة الاصدقاء، بعد سماع هذه القصة، في نقاشات حول الاسرار التي يخفيها الازواج، نساء ورجال،  في الموبايلات المشفرة بكلمات او ارقام سرية، وعندما ينفي الازواج، الرجال، اخفاء اية اسرار في موبايلاتهم، تقترح صاحبة الدعوة، ومن باب اضافة نوع من الاثارة على الدعوة، القيام بلعبة مفادها فتح هواتف الجميع ووضعها على الطاولة وسماع كل الرسائل الصوتية والنصية وقراءة الايميلات والاتصالات بصوت مسموع  من قبل الجميع، ومشاركة المعلومات على هواتفهم مع شركائهم. المقترح الذي توافق عليه الزوجات اولا يلاقي عوائق من قبل الرجال ومع ذلك يرضخون للضغوطات وتتم الموافقة على خوض اللعبة، ومع تقدم اللعبة، تبدأ المزيد من فضح الأسرار والخيانات الزوجية، ويعترف الصديق العازب بانه شاذ جنسيا(مثلي)، وتبدأ العلاقات في الانهيار، مما يثير الشكوك حول صداقاتهم وزيجاتهم.



لا نريد هنا التحدث عن تفاصيل الحكايات التي وردت في القصة لعدم كشف المفاجآت لمن لم يشاهد النسخ الثلاث او في الاقل اية نسخة كونها متشابهة، ولمن فاته مشاهدة الفلم فانا احرضه لمشاهدته.

النسخ، الاسبانية والفرنسية والعربية مقتبسة من الفلم الايطالي الشهير Perfect Strangers(بالإيطالية: Perfetti sconosciuti)، الذي تم عرضه في ايطاليا في 11 فبراير(شباط) عام 2016، وهو من إخراج باولو جينوفيز، وحقق نجاحاً تجارياً، وتم نسخ الفلم وتقديمه حول العالم بإجمالي 18 نسخة، وكان من بطولة: جوزيبي باتيستون بدور بيبي، آنا فوجلياتا بدور كارلوتا، ماركو جياليني بدور روكو، إدواردو ليو بدور كوزيمو، فاليريو ماستندريا بدور ليلي، ألبا رورفاكر بدور بيانكا، وكاسيا سموتنياك بدور إيفا.

وتحمل النسخة الاسبانية من الفلم اسم Perfectos desconocidos،
من إخراج Álex de la Iglesia ، و بطولة: إدوارد فرنانديز بدور ألفونسو، إرنستو ألتيريو في دور أنطونيو، خوانا أكوستا بدور آنا، إدوارد نورييغا بدور زوج آنا، دافني فرنانديز بدور بلانكا، بيبون نيتو في دور بيبي، بياتريس أوليفاريس بدور صوفيا، ماريا خيسوس هويوس بدور أبويلا، غونزالو تورالبا في دور جافي، فالنتينا مينديز بدور روزا، ألبرتو بانغ في دور جوردي، ولويس لوبوس نيغروس في دور فيسينو أسنسور. وحقق الفيلم 18.9 مليون يورو في شباك التذاكر عام 2018.



اما النسخة الفرنسية المعروضة حاليا على شاشة نيتفليكس تحت اسم: 
Nothing to Hide و(بالفرنسية Le Jeu The Game (اللعبة)، انتاج عام 2018 من إخراج فريد كافاي، مقتبس، ايضا، من الفيلم الإيطالي، Perfect Strangers  للمخرج باولو جينوفيز. والفلم الفرنسي من بطولة: بيرينيس بيجو في دور ماري، سوزان كليمان في دور شارلوت، ستيفان دي جرودت في دور فنسنت ، زوج ماري، فنسنت الباز بدور توماس، جريجوري جاديبوا في دور بن، دوريا تيلير في دور ليا ، زوجة توماس المتزوجة حديثاً، روشدي زيم بدور ماركو، زوج شارلوت، وفلور فيتوسي بدور مارغو، ابنة ماري وفنسنت.

ولا تختلف قصة واحداث وديكور وحتى هيئات ابطال النسخة العربية من الفلم الايطالي (غرباء بالكامل) التي حملت عنوان (أصحاب ولا أعز)، عن بقية النسخ الايطالية والاسبانية والفرنسية، هو من إخراج وسام سميرة وبطولة منى زكي، إياد نصار، عادل كرم ونادين لبكي وجورج خباز وفؤاد يمين، وهو انتاج لبناني مصري إماراتي. وتم تصوير مشاهد الفيلم في بيروت، وعرض على منصة نتفليكس في 20 يناير(كانون الثاني) 2022. 



وعلى عكس كل النسخ، الايطالية والاسبانية والفرنسية من الفلم، والتي لاقت نجاح جماهيري، وكتب عنها النقاد باعتبار ان القصة تناقش التغييرات الاجتماعية في ظل وجود الموبايل وان تكنولوجيا الاتصالات الذكية هذه حصرت حياتنا في هذه الاجهزة، فإن العرب، المصريين خاصة بل وحصرياً، وكعادتهم، اثاروا ضجة مفتعلة تدخل فيها، وايضا كعادته، الازهر، وتمت مهاجمة الفلم، على مواقع التواصل الاجتماعي، بصورة عامة والممثلة المصرية منى زكي، باعتبار ان هناك افكار طارئة على المجتمع العربي الاسلامي ومخربة للعائلة، وان تناول موضوع الخيانات الزوجية واعتراف احد ابطال الفلم بانه شاذ جنسياً، يعد خرقاً للتقاليد والاخلاق الاجتماعية.

ووجد الأزهر فرصة ثمينة للتهجم على الفن والفنانين من خلال هذا الفلم حيث أصدر فتوى بشأنه أكّد فيها أن "تشويه المفاهيم الدِّينية، والقِيم الأخلاقية، بهدف إثارة الجَدَل، وزيادة الشُّهرة والمُشاهدات أنانيَّة ونفعيَّة بغيضة، تعود آثارها السَّلبية على استقامة المُجتمع وانضباطه وسَلامه"، وكأن المجتمع العربي صورة من جمهورية افلاطون الفاضلة وجاء هذا الفلم ليشوهها.

وهاجم البعض من المصريين، بينهم اعلاميين وفنانين، في مواقع التواصل الاجتماعي الفنانة، منى زكي، حيث اعتبروا مشاهدها "خروج عن المألوف والاخلاق". مما دفع بالفنانة منى زكي للخروج عن صمتها والرد على الحملة التي استهدفتها، مدافعة عن فلمها "أصحاب ولا أعز"، وقالت خلال لقائها ببرنامج "نتفليكس"، إنها مستعدة للعب نفس لعبة فيلم "أصحاب ولا أعز" في الحقيقة، والتي يترك فيها اللاعبون هواتفهم المحمولة على طاولة الطعام ويسمحون للآخرين بأن يستمعوا إلى كل الاتصالات والرسائل النصية التي تأتيهم، وأضافت: "اللعبة أكيد ألعبها في الحياة العادية، لا مشكلة لأن ليس لدي أسرار رهيبة في حياتي عموماً".

وتضامنت نقابة المهن التمثيلية في مصر مع، منى زكي، من خلال بلاغ تقدم به.

تقدم نقيب المهن التمثيلية  ضد أحد الاشخاص لإساءته إلى عدد من أبطال الفيلم عبر فيديو على يوتيوب مستخدمًا ألفاظًا تعد طعنًا بالأعراض على حد تعبيره.

وأصدرت النقابة بياناً أكدت فيه أنها  "تحرص على القيم الأصيلة للمجتمع المصري، مركّزة على  أن دور الفنون والقوى الناعمة أن تعالج القضايا الشائكة، وأن تدق ناقوس الخطر على ظواهر كثيرة، قد تتسرب لمجتمعنا، ويجب أن يتصدى لها فنانو مصر ومبدعوها بأعمالهم، والتي تكشف كثيراً منها، وتعطي رسالة لتنبيه الجميع، وهذا هو دور الفن في عمومه ودور فنون التمثيل خصوصاً". منبهة الى أن "النقابة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي اعتداء لفظي أو محاولة ترهيب معنوية لأي فنان مصري أو النيل منه، نتيجة عمل فني ساهم فيه مع مؤلفه ومخرجه"، مشيرة إلى أن"النقابة ستقوم بدعم الفنانة منى زكي، في حال محاولة البعض اتخاذ أي إجراء من أي نوع كان تجاه الفنانة عضو النقابة".

من جانبها ردت المنتجة التنفيذية لفلم (أصحاب ولا اعز)، ميادة الحراكي في مقابلة معها لـCNN بالعربية، على الحملة التي هاجمت الفلم، قائلة: "ومن قال إن كل ما تقدمه السينما العربية يجب أن يشبه الجميع، ليس على السينما بالضرورة تجسيد واقع معين، أو التعبير عن مجتمع بأكمله، الأفلام للترفيه وهذا فن قائم على حرية التعبير، وللمتلقي الحرية أيضاً في المشاهدة، أو عدمها، وكذلك تعبيره عن الإعجاب، أو الانتقاد، كما أننا لا نروج لشيء من خلال هذا الفيلم، كل ما في الأمر أننا انطلقنا من فرضية معينة لاستعراض ما يمكن أن تحمله الهواتف التي بين أيدينا من أخطار على علاقاتنا، ومن يشاهد الفيلم حتى نهايته يمكنه فهم ما أقوله تماماً".



من المؤكد أن غالبية من المتلقين العرب قد شاهدوا احدى نسخ فلم (غرباء بالكامل)، واستمتعوا بأحداثه، لكن البعض منهم هاجم النسخة العربية (أصحاب ولا أعز) باعتبارها تسيء لتقاليد الأسرة العربية، مع أن هذه التقاليد تختلف من بلد ومجتمع عربي لآخر، ومن المؤكد ، وانا شاهدت النسخ الأربع من الفلم، فان أحداثه تعالج، وبجرأة ووضوح، مشاكل مسكوت عنها في المجتمعات الغربية والعربية.

والغريب في أمر الضجة التي أثارها البعض من الإعلاميين والفنانين والمتطرفين الإسلاميين حول مشاهد فلم (اصحاب ولا أعز)، مع انها طبيعية، تناسوا بأن السينما المصرية قدمت أفلام رائعة في معالجة المشاكل الاجتماعية منذ بداياتها، وغالبيتها تضمنت مشاهد أكثر جرأة مما موجود في (أصحاب ولا أعز)، لكنها مشاهد كانت تخدم الحدث الفني وجوهره، ولم تتعرض تلك الافلام لمثل هذه الضجة كون المجتمع المصري كان أكثر تنويراً وثقافة ووعياً قبل هجوم التطرف الديني.

ومع تشابه أحداث فلم (غرباء بالكامل)، فان التمايز ومتعة المشاهدة تكمن في أداء الممثلين وأسلوبهم ولغاتهم وطبيعة مجتمعاتهم، فمتعة اداء الممثلين الايطاليين والاسبانيين المبنية على خفة روحهم وسلاسة حركتهم وروح النكتة التي يتمتعون بها تختلف، بالتأكيد عن أسلوب السينما الفرنسية التي طغت على الأداء، رغم أن القصة والسيناريو نفسه، إلا الأداء شابه في بعض مشاهده برود الروح الفرنسية، رغم حضور السخرية التي يشتهرون بها. وما ميز النسخة العربية (أصحاب ولا أعز) هو الأداء المتميز للفنانتين: المصرية منى زكي واللبنانية نادين لبكي، اللتين منحتا الفلم نكهته الخاصة والمميزة.

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب