معد فياض
منذ بدايات حضورها على خشبة المسرح العراقي، بشرت الفنانة آلاء نجم، بولادة ممثلة عراقية باسلوب متميز تقنيا واداء معتمدة على موهبتها المصقولة بدراسة اكاديمية بدأتها بمعهد الفنون الجميلة ثم كلية الفنون الجميلة والحصول على شهادة الماجستير، حيث اختارت موضوعا مهنيا بحتا يهم تقنية اداء الممثل العراقي: "الاتصال اللفظي واللالفظي في اداء الممثل العراقي".
تعلق على دراستها الاكاديمية العليا قائلة: "انا ممثلة قبل وبعد ان حصلت على شهادة الماجستير في المسرح.. الشهادة كانت لاغراض ثقافية معرفية بحتة وليس لحمل اللقب، واردت من خلالها ان احول تجربتي الادائية الى بحث علمي يطور عملي وعمل الآخرين، ما كنت اتمنى ان يوضع جهد دراستي وبحثي المضني على الرفوف، بل كنت اتمنى ان تتحول الى دراسة منهجية او في الاقل يستفيد منها زملائي الممثلين".
"دراستي في الماجستير منحتني معرفة اضافية في اسلوب البحث العلمي وزج التجربة العملية في هذا البحث، وبالتأكيد كان وما يزال وسيبقى لها اثر في ادائي كممثلة".
رووداو حاورت الفنانة آلاء نجم التي كانت قد انتهت مؤخرا من تصوير مشاهدها في مسلسل "ليلة السقوط"، الذي يستعرض "دراميا احتلال تنظيم داعش الارهابي للموصل وسنجار، في 2014، مجسدا معاناة اهالي الموصل ومآساة الازيديات اللواتي تم سبيهن من قبل التنظيم الارهابي وتعرضهن للتعذيب والاغتصاب، وشجاعة قوات البيشمركة والقوات العراقية في تحرير المدينة سنة 2017."
تلعب آلاء نجم دورا معقدا للغاية في هذا المسلسل الدرامي الضخم (ليلة السقوط) الذي سيتم عرضه على قناة MBC وعلى منصة Netflixالعالمية، حيث تحدثت عن دورها، وعن مسيرتها الابداعية في المسرح والسينما والدراما التلفزيونية، قالت: "اجسد في هذا المسلسل شخصية أم السعد، وهي أمراة عراقية من اهالي الموصل، دفعتها انتهازيتها للانتماء الى تنظيم داعش بعد احتلاله لمدينة الموصل".
وأشارت الى ان النص الدرامي يظهر الشخصية التي العبها بوصفها متلونة وتعاني من ظروف نفسية صعبة كونها غير متزوجة وليس لها عائلة واطفال، وهذا ما يزيد من صراعها الداخلي بين ذاتها وبين انتمائها المزيف لتنظيم داعش وبين ضميرها، وأترك باقي التفاصيل للمشاهد كي يحكم على هذه الشخصية والاداء".
ادوار معقدة وصعبة
الاء نجم، عرفت عبر ادوارها في عشرات الاعمال المسرحية، وخمسة افلام روائية، اثنان من افلامها الروائية الطويلة التي لعبت بها دور البطولة (كرنتينة)، اخراج عدي رشيد، و(صمت الراعي)، اخراج رعد مشتت، شاركا في مهرجانات سينمائية دولية وحصلا على جوائز مهمة، الى جانب أكثر من ثلاثين فلما قصيرا، اضافة الى الاعمال التلفزيونية اختيارها للادوار الصعبة والمعقدة، ممثلة في عشرات الاعمال المسرحية المتميزة.
تقول"انا ابحث عن الادوار الصعبة والمعقدة، لا يهمني قصر او طول الدور بل مدى اهميته وعمق فكرته وما سيبقى منه في ذاكرة المتلقي"، مضيفة "مثل هذه الادوار تستفز طاقتي الادائية وتحفزني لتحدي النمطية التي يقع فيها الممثل نتيجة تكرار الادوار المشابهة او استسهال اداء الدور ذاته، انا ممثلة باحثة، اجرب وابحث لامنح للشخصية ابعادها الحقيقية التي لا يتوقعها المشاهد ".
المسرح بيتي الاول
آلاء نجم بدأت مع المسرح، بل عرفت كممثلة مسرحية لسنوات عدة، وحصلت على جوائز عربية عن ادائها في مهرجانات في المغرب وتونس والاردن وفرنسا، منها جائزة مهرجان اصيلة عن مسرحية الاطفال "أليس في بلد العجائب"، لكن عينها بقيت على السينما. تقول "المسرح هو البداية، والمسرح هو الاعلان الشرعي عن ولادة اي ممثلة او ممثل، باعتقادي لا يمكن ان نسمي الممثل ممثلا ما لم يؤدي ادواره المميزة على المسرح، وهكذا يفعل غالبية نجوم السينما الغربية والعربية، حتى لو كانوا مشهورين، يؤدون في بداياتهم وبين فترة واخرى ادوارا متميزة وصعبة على خشبات مسارح نيويورك ولندن وباريس وموسكو والقاهرة وبيروت ودمشق"، مؤكدة "نعم عيني على السينما، انا احب الاداء امام الكاميرا السينمائية والتلفزيونية، مع ان تقنيات الاداء تختلف كما هو معروف بين المسرح والسينما والتلفزيون، ولكن لي ان اسأل اين هو الانتاج السينمائي او التلفزيوني؟ انه متقطع وشحيح للغاية، لهذا اجدني دائمة الحضور على خشبة المسرح".
السينما والانتشار عالميا
وهي تفضل السينما باعتبارها تحقق لها الانتشار والشهرة، تقول "ان الانتشار والشهرة والتطلع للوصول الى الانتشار العربي والعالمي طموحات مشروعة للغاية ويجب ان يشتغل عليها الممثل ما استطاع اليها سبيلا، ولكن من خلال موهبته وادائه المتميز، لهذا انا أهتم بالعمل الفني ذاته، بقصة وسيناريو الفلم والمخرج وفريق العمل من ممثلين وفنيين، ولا يهمني ان يكون دوري قصير او بطولة في الفلم بقدر ان يكون دوري مؤثر وان يكون ادائي متميزا وان ارضى عنه".
"في كل العالم نجد ان السينما هي الاكثر تاثيرا على المشاهدين، وهي من تحقق الشهرة، لكن للاسف ان السينما العراقية، ان صح لنا ان نطلق عليها هذا المصطلح، بطيئة، هناك افلام سينمائية ولا توجد سينما عراقية، والافلام التي عملت بها ما تزال قليلة، وبعضها عرض في المهرجانات الدولية ثم نامت في علبها حتى اليوم".
في انتظار دور متميز
مع ذلك ما تزال آلاء نجم في انتظار الادوار التي تستطيع ان تبرز من خلالها موهبتها، خاصة في السينما، تقول "ان ما اديته في السينما العراقية، وحتى في التلفزيون، ما يزال قليلا وقليل جدا قياسا لمسيرتي الفنية وتاريخي.. اما عن طبيعة الادوار التي ابحث عنها فهي كثيرة، انا بطبعي احب تادية الادوار الصعبة في الافلام الروائية حيث استطيع ان ابرز من خلالها تقنياتي الادائية.. والموضوع يعتمد على طبيعة الادوار التي تسند لي، واستطيع القول اني راضية عن ادواري في المسرح والسينما، اما عن تجربتي مع الدراما التلفزيونية فهي ما زالت قليلة ومتقطعة، بل شحيحة".
وتتساءل ألاء نجم عن سبب عدم انتاج روايات لكتاب عراقيين معروفين وتحويلها للسينما او حتى للدراما التلفزيونية، او معالجة قضايا معاصرة تهم حياتنا اليومية، وباعتقادي الجمهور سوف يقبل على مثل هذه الاعمال".
غياب النجوم
تعترف آلاء نجم، بانه "ليس هناك في العراق نجوما سينمائيين او معروفين في الدراما التلفزيونية، واذا وجدوا فهم اقل من عدد اصابع اليد الواحدة، والامر ينطبق على الاخراج والمونتاج وباقي عناصر الانتاج السينمائي والتلفزيوني، وهذا سببه قلة الانتاج والممارسة والتجربة، كما ان غالبية ممثلينا، نساء او رجال، لا يشاهدون افلام عربية او غربية متميزة ولا مسرحيات بلغات اخرى".
وعلى ذكر اللغات، نسألها بالمسافة الفاصلة بين الاعمال المسرحية والتلفزيونية بين العرب والكورد، وفيما اذا كانت اللغة هي الحاجز؟، تجيب "اللغة هي احد الحواجز، كما ان الانتاج الدرامي والمسرحي الكوردي شحيح، وليس هناك تواصل بين المسرح العراقي العربي والكوردي، ويجب ان نضع حاجز اللغة جانبا فهناك وسائل ترجمة الكترونية، او في الاقل يتابع المتلقي اساليب الاخراج والاداء وحركة الممثل، والا لماذا نشاهد اعمال مسرحية باللغات الانجليزية او الالمانية او الفرنسية او حتى باللهجة التونسية صعبة الفهم بالنسبة لنا، الاكثر من هذا انا مثلت في مسلسل كوردي عربي، يجب ان تكون هناك برامج تعاون ولقاءات بين الفنانين والمؤسسات الثقافية العراقية، العربية والكوردية وهذا اغناء للمنجز الفني العراقي".
المهرجانات تجربة غنية
شاركت آلاء نجم في مهرجانات سينمائية ومسرحية دولية وعربية، وحصلت على العديد من الجوائز، وكانت آخر مشاركاتها في مهرجان الجونة السينمائي على البحر الاحمر في مصر، والذي اسسه ويديره بنجاح الفنان العراقي الكبير انتشال التميمي.. وشكل حضور نجمة عراقية متألقة مثل آلاء نجم والممثلة زهراء غندور، التفاتة مهمة تعكس، في مثل هذه المهرجانات الصورة المتألقة للابداع العراقي ولحضور المرأة العراقية الحضارية لتمثيل الانجاز الفني العراقي.
تعلق على حضور الفنانين العراقيين في مثل هذه المهرجانات، قائلة "اجد من المهم جدا ان تشارك الفنانة او الفنان العراقي في مثل هذه المهرجانات الدولية فنيا وثقافيا، لمشاهدة آخر الافلام الراقية من كافة الجوانب، المنتجة حديثا والمختارة بعناية، والتعرف على المخرجين والفنانين والمنتجين عن قرب، ولنعكس صورة حضارية عن العراق".
وأضافت "انا سعيدة بان يكون مدير ومنظم المهرجان شخصية ثقافية وفنية عراقية مثل انتشال التميمي، وان تحضر الفنانة العراقية زهراء غندور هذا المهرجان، وشعرت بالسعادة والفخر لمشاركة المخرج العراقي أحمد ياسين الذي حصل فلمه الروائي الطويل (الجنائن المعلقة)، خلال عرضه ضمن اعمال المهرجان، على جائزة مقدمة من ميروكوال فيجول سليوشن عن خدمات المؤثرات البصرية والتلوين للمشاريع".
"ليلة السقوط" والانتشار عربيا وعالميا
تضع آلاء نجم اصبعها على نقطة مهمة للغاية، تتعلق بانتشار الممثل، تقول "الانتشار، سواء كان عربيا ام عالميا، يعتمد على الانتاج وليس على الموهبة فحسب، انا لا اخفي عليك باني اتطلع للانتشار عربيا وعالميا، ولكن السينما والدراما التلفزيونية صناعة، وصناعة صعبة عربيا".
وتابعت بقولها: "لنأخذ مثلا الانتاج الاخير الذي مثلت فيه، وأعني مسلسل (ليلة السقوط)، وهو انتاج ضخم، عربيا، لكن عالميا يعتبر بسيطا امام اعمال يكلف انتاجها أكثر من 200 مليون دولار، حيث تجاوزت تكاليف انتاجه، مبدئيا، 5 ملايين دولار، بينما تؤكد الشركة المُنتجة (بلا حدود للإنتاج الفني)، بان الميزانية مفتوحة، ومثل هذا العمل الذي شارك في كتابته واخراجه وتصويره واداء ادواره نجوم عرب وكورد من العراق ومصر وسوريا والاردن، سيحقق للمشاركين انتشارا واسعا خاصة وانه سيعرض على شاشة الـ(MBC) ومنصة نيتفليكس العالمية".
يُذكر ان مسلسل (ليلة السقوط) من تأليف وسيناريو الكاتب المصري مجدي صابر، واخراج السوري ناجي طعمة، ومدير التصوير الفنان التونسي محمد مغراوي، ووضع موسيقاه التصويرية المؤلف الموسيقي المصري ياسر عبد الرحمن ، وشارك في تجسيد ادواره : طارق لطفي واحمد صيام من مصر وصبا مبارك من الاردن وباسم ياخور وكندا حنا وميلاد يوسف ومحمد قنوع من سوريا، وجواد الشكرجي وذو الفقار خضر وآلاء نجم ورياض شهيد وسمر محمد، ومجموعة كبيرة من الفنانين العرب، وتم تصوير مشاهده في عاصمة اقليم كوردستان، اربيل وضواحيها، وسيكون العمل جاهزاً للعرض مطلع العام المقبل، 2022، بعد أن استغرق الإعداد للعمل سنتين.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً