نَويد محمد زادة... من لاعب كرة قدم هاو إلى الشهرة في السينما

09-03-2019
رووداو
الكلمات الدالة نويد محمدزادة
A+ A-

رووداو- السليمانية

ولد بطهران في 17 نيسان 1986، كان الطفل الثاني عشر لعائلة كوردية من كوردستان إيران، دخل مجال العمل المسرحي والتمثيل في العام 2003. نويد محمدزادة، ممثل سينمائي معروف حالياً، واستطاع خلال فترة قصيرة نيل الشهرة في مجال السينما والمسرح في إيران. لقي نويد الكثير من الإشادة على دوره في فلم "لستُ غاضباً" واعتبره كثير من السينمائيين جديراً بنيل جائزة سيمرغ (العنقاء) الكرستالية التي منحت في مهرجان (فجر) للأفلام الثاني والثلاثين.

فاز بهذه الجائزة مرتين كما حصل على جائزة أفضل ممثل في حفل (حافظ).

من كرة القدم إلى التمثيل

كان نويد لاعب كرة قدم، حتى أنه سجل اسمه في نادي (سايبا) الإيراني المعروف، لكن مشاهدته فلمين غيرت مسار حياته.

"كنت في المرحلة الأولى الإعدادية، وكنت حينها منشغلاً بكرة القدم. ذات مرة عرض علي ابن خالة لي فلمين فيديويين، أحدهما فلم (قيصر) والثاني (سوت دلان) لعلي حاتمي، تأثرت كثيراً بالفلم وبأداء بهروز وثوقي المبهر".

تأثر كثيراً بالفلمين، فتوجه نويد اليافع في اليوم التالي إلى محل لتأجير الأفلام وطلب أفلاماً، فقال صاحب المتجر: "لن أعيرك أفلاماً إيرانية بل أفلاماً أجنبية مدبلجة بالفارسية"، وأعاره فلمي "ذو الوجه المخدوش" و"الأب الروحي"، وبطل الفلمين هو آل باتشينو.

أدرك نويد أنه لم يعد قادراً على النزول بعد ذلك إلى ساحة كرة القدم، ويقول: "تركت الكرة، لكن والديّ منعاني من الانضمام إلى دورة لتعلم التمثيل إلى أن أكملت الدراسة، فالتحقت بالجامعة وشاركت في دورة بمركز الفنون السبعة في كرج".

في البدء، كان له دور صغير في فلم "بين الغيوم" من إخراج (روح الله حجازي)، ويقول: "حصلت لقاء ذلك الدور على مئة وخمسين ألف تومان ما أفرحني كثيراً"، وكان أول أداء مسرحي مهني له في مسرحية "دقيقة صمت" من إخراج (آيدا كيخاني) في العام 2010، رغم أنه شارك قبل ذلك بسنوات في المهرجانات الجامعية.

كيف اختير للعمل في فلم “لستُ غاضباً”؟

فلم “لستُ غاضباً” من إخراج (رضا دورميشيان) أنتج في العام 2013، ثم سُحبت إجازة عرض الفلم في قاعات السينما الإيرانية، حيث تقول وزارة الثقافة والإرشاد الإيرانية إن الفلم حاصل على إجازة إنتاج، لكن تم الخروج عن نص السيناريو الذي قدم لاستحصال الإجازة، عند الإنتاج، وكان دورميشيان قد شاهد جميع الأعمال المسرحية لنويد، وآخر ما شاهده قبل “لستُ غاضباً” كان مسرحية "ويران".

كانت (باران كوثري) التي عملت سنوات في المسرح مع نويد قد اطلعت على سيناريو الفلم، ويقول نويد: "أخبرتني السيدة باران كوثري بأنها اطلعت على سيناريو فيه شخصية مطابقة لك، لكن لا أعرف كيف أخبر المخرج بذلك"، وكانت تجهل أن دورميشيان كان يفكر بنفس الأمر.

في أول لقاء بينهما، سلم دورميشيان السيناريو إلى نويد، فقرأه كله في تلك الليلة، ليتصل بالمخرج في الساعة الرابعة فجراً، فخرجا معاً لتناول (الباجة) التي يقول عنها نويد "إنها أهم وجبة (باجة) في حياته"، ويضيف "أصابني السيناريو بلوثة من الجنون، فأدرك رضا حينها أنه ظفر بالمجنون الذي كان يبحث عنه، وكان كلانا يعرف بأننا لسنا طبيعيين ويجب أن نعمل معاً".

الشخصية الرئيسية في الفلم كانت شاباً اسمه (نويد) وكان من "المفصولين" من الدراسة الجامعية، وعن تقمصه لهذه الشخصية، يقول نويد: "أعجبني الدور كثيراً، لأنه كان كوردياً وكنت أنا أيضاً كوردياً. كنت مولعاً بكون الشخصية كوردية، وكنت أتحدث بالكوردية في بعض مشاهد الفلم. صحيح أنني من مواليد طهران لكنني أصلاً من مهران في محافظة إيلام".

“لستُ غاضباً” أغضب نويد

قبل انتهاء مهرجان فجر الثاني والثلاثين للأفلام بليلتين، تلقى هذا الممثل الكوردي تأكيدات بأن جائزة أفضل ممثل لدور رئيسي ستكون له. كان نويد ورضا دورميشيان مشاركين في المهرجان بفلم “لستُ غاضباً”. كان أول فلم يسند فيه دور البطولة لنويد، ويعتبره "أحب أعمالي السينمائية والمسرحية إليّ".

لكنهما سمعا قبل انتهاء المهرجان بليلة واحدة أنه لا يمكن لأحد الفوز بجائزة المهرجان عن فلم “لستُ غاضباً”، ويقول نويد "كانت الإشاعة قد انتشرت".

في يوم منح الجائزة، اتصل دورميشيان بنويد هاتفياً وقال له: "يجب أن نوقع على رسالة نعلن فيها انسحابنا وأننا لا نريد الجائزة".

فرد الممثل الكوردي: "دعهم لا يمنحوني الجائزة، ولكن دعهم أيضاً لا يأخذوا من وثيقة تبرر حرماني من حقي، في أي مكان من العالم يحصل شيء كهذا، أن يوقع المرء على أنه لا يريد جائزته".

يبدو وكأن نويد كان يخطط منذ صغره لنيل جائزة سيمرغ الكرستالية، وبعد عشر سنوات أتيحت له فرصة الفوز بها لكن تم القضاء على حلمه. عن ذلك، قال نويد لبرنامج (35) على شبكة الإنترنت: "منذ العام 2003 كنت أتمرن أمام المرآة على اللحظة التي أتسلم فيها جائزة سيمرغ الكرستالية، ولما بلغت السابعة والعشرين قيل لي إن الجائزة لي بأصوات سبعة محكّمين، لكن لا يجوز لك تسلمها، يجب أن توقع على أنك لا تريد الجائزة".

كان نويد قد اتخذ استعداداته لتسلم الجائزة، ولكن قبل إعلان ومنح الجائزة بثلاث ساعات، تأكد له أنه لن يحصل عليها، ويصف ذلك اليوم بأمرّ أيامه.

كان أعضاء فريق إنتاج الفلم قد وقعوا على وثيقة تراجعهم، ويقول الممثل الكوردي الذي لم يوقع عليها: "ماكانوا ليمنحونا الجائزة، سواء أوقعنا على التنازل عنها أم لا، كانوا يريدون فقط أرضاء ضمائرهم، وإلا فإن التراجع هو أن تتراجع بنفسك لأ أن يقولوا لك انسحب. كنت أبكي".

بعد عامين من ذلك اليوم، فاز نويد بجائزة أفضل بطولة ثانوية عن فلم "الأبد ويوم واحد" في مهرجان فجر. عندما تسلم الجائزة، قال له أحد المحكمين "لم تعد تطلبنا ديناً"، لكن نويد يرى أن المهرجان مازال مديناً له "فهذه جائزة سيمرغ عن "الأبد ويوم واحد" ولكن أين جائزة “لستُ غاضباً”؟ هذه الجائزة عن فلم آخر، فما علاقتها بـ”لستُ غاضباً”؟"

في ليلة توزيع الجائزة، كان نويد يمثل في مسرح "شيكلك"، ويقول: "المسرح يحسّن مزاجي"، وكانوا يعتقدون أن نويد سيفوز بجائزة مهرجان فجر، لذا كلفوا ممثلاً آخر ليحل محله، ثم جاء مخرج المسرحية (كيومرس مرادي) في أثره، ويقول: "جاءني كيومرس في الساعة السادسة، وكنت أذرف الدموع كطفل وأنا في سيارته، لكن عندما دخلت قاعة المسرح نسيت كل شيء، وعندما صفق لي الجمهور، نسيت أنه كان ينبغي أن يصفّق لي في مكان آخر في ذلك اليوم".

بعد انتهاء أعمال مهرجان فجر بيومين، انكشف كل شيء، ويرى الممثل الكوردي "أنهم لو عرفوا بأن الأمور ستنكشف بعد يومين، أنا واثق من أنهم لم يكونوا ليكلفوا نفسهم سحب الجائزة منا. أسوأ جملة سمعتها كانت "إن هذا في صالح السينما" لكن ما الذي قيل بعدها؟ قالوا "اصمتوا ولا تتسلموا الجائزة، وستمنح إجازة العرض لفلم “لستُ غاضباً” ولكن أين هي الإجازة؟ لم يحدث شيء، لكننا مازلنا نتألم إلى الآن".

يتحدث فلم “لستُ غاضباً” عن شخص يريد تعويد نفسه على أن لا يغضب، لكن الفلم نفسه وما جرى في فجر آلم نويد، ولهذا يقول: "أصابتني السينما الإيرانية بمصاب وأنا في السابعة والعشرين، جعلني أشعر وكأني في الأربعين، ولو أني التزمت الصمت دقيقة عند تسلم جائزة سيمرغ، فهذا ليس انفعالاً، بل لو أني تسلمت الجائزة قبل عامين لم يكن مقرراً أن يحدث شيء، وإذا تم الآن عرض “لستُ غاضباً” ماذا سيحدث؟ والله لن يحدث شيء".

صوّت نويد لرئيس جمهورية إيران، حسن روحاني، ويرى أنه لو استمر إيقاف إجازات الأفلام على حاله "فإن هذه الحكومة ستسجل رقماً قياسياً في مجال سحب الإجازات من الأفلام". عرّفت الحكومة فلم “لستُ غاضباً” على أنه "فلم مشجع على الفتنة"، ويرى نويد أنه قصة شخص مضطهد، وشخصيته جزء من المجتمع، الجزء الذي يعاني من المجتمع ويحبه الناس.

كان “لستُ غاضباً” أول فلم يلعب فيه نويد دور البطولة، ولم يكن حينها وجهاً معروفاً لمشاهدي السينما الإيرانية، لهذا كان المشاهدون بعد عرض الفلم ينادونه بـ: نويدزادة، محموزادة، السيد لستُ غاضباً، ومازالوا يسمونه نويدزادة.

نويد من الممثلين الذين يحبون مشاهدة أفلامهم مع الجمهور، وعن فلم “لستُ غاضباً” يقول: "أنا هكذا عموماً، عندما ألعب دوراً في فلم، أريد الذهاب فوراً ومشاهدته مع الجمهور، سواء أكان جيداً أم لا".

نويد وفلم "لانتوري"

أنتج فلم "لانتوري" في العام 2016 ويروي قصة عصابة إجرامية بهذا الاسم. رئيس عصابة لانتوري شاب اسمه (باشا) يقع في حب امرأة اسمها (مريم) لكن عندما ترفضه مريم، يرش وجهها بماء النار.

يحب نويد دوره في فلم "لانتوري"، رغم أنه يعتقد بأن الدور الذي لعبه يمثل "جزءاً خطيراً من المجتمع"، والفلم صنع أساساً للقضاء على رش ماء النار والعنف، ويحب أن يمثل في أفلام "تتحدث عن مشاكل المجتمع".

"الأبد ويوم واحد"... فلم العام

"الأبد ويوم واحد" فلم لـ(سعيد روستايي) عرض في العام 2017، وفاز في مهرجان فجر بسبع جوائز، منها جائزة أفضل بطولة ثانوية لنويد.

وحسب نويد، كان هو وسعيد صديقين منذ سنوات ويفكران بنفس الطريقة، لذا "أخبرت الناس قبل البدء به بسنة بأن سيناريو جيداً لمخرج جيد في الطريق. الدور كان مكتوباً لي. كنت واثقاً من مصير "الأبد ويوم واحد"، بل كنت أعلم أن مبيعاته ستكون جيدة".

كان نويد يتمنى لسنوات أن يأتي أشخاص ويجروا تغييراً متعمداً في السينما، كالذي فعله (محسن نامجو) في مجال الموسيقى، وفي لقائه مع (35) أكد أن ظهور دورميشيان وروستايي "يكاد يفعل هذا لحسن الحظ".

"الأبد ويوم واحد" قصة عائلة غارقة في المشاكل، ومنها الفقر والبطالة والعلاقات الطبيعية بين أفراد العائلة الواحدة.

فنان ملعون في "الغضب والضجة"

كان مقرراً أولاً أن يلعب دور فنان ملعون في فلم "الغضب والضجة"، ثم جرى الحديث عن لاعب، وفي الأخير تبين أنه دور مغن. يقول عن دوره: "يزعجني كثيراً أن أجد امرأتين تصبحان ضحية رجل واحد، هذا الأمر حدث في مجتمعنا، لا يهمني من هو المذنب، لكن الذي يهم هو أن امرأتين ذهبتا ضحية رجل واحد، هذا مرّ".

نويد الشهير

لنويد شهرة جيدة في مجال السينما والمسرح الإيرانيين، ويقول: "مازلت أعيش في نفس المكان الذي كنت فيه قبل ست سنوات، أتناول الطعام كما أشاء وألبس ما أريد، لا يهمني في أي جزء من طهران أعيش، ولا سيارة عندي حتى الآن، أتمشى وآكل (الفلافل) وأتمتع".

اختيار الأفلام يؤثر

بفضل شهرته، تعرض عليه أفلام كثيرة، لكن نويد يقول: "يكفي أن يكون لي فلم جيد في السنة. فليس ضرورياً أن تتواجد في كل مكان، بعد فجر لم أتمكن من المشاركة في كثير من الأفلام، لكن خوفاً على نفسي اخترت مسرحيتين متزامنتين. المسرح جيد جداً لتعثر فيه على نفسك".

الجوائز:
 
قررت لجنة التحكيم في مهرجان فجر الثاني والثلاثين للأفلام منح جائزة سيمرغ لأفضل ممثل لنويد محمدزادة، لكن ضغوطاً من خارج مجال السينما أخرجت فلم “لستُ غاضباً” من التنافس ومنحت الجائزة لـ(رضا عطاران)، ويقول نويد أن ذلك كان أسوأ لحظات حياته الفنية.

وعن دوره في فلم "الأبد ويوم واحد" فاز بجائزة سيمرغ لأفضل ممثل في مهرجان فجر الرابع والثلاثين، كما فاز كأفضل ممثل بالتمثال الذهبي في حفل "عالم الصور" السادس عشر.

وكان في العام 2015، فاز بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فلم "ناهد" في مهرجان براتسلافا الدولي، وعن دوره في فلم "بلا وقت، بلا توقيع" فاز بجائزة سيمرغ الكرستالية في مهرجان فجر الخامس والثلاثين للأفلام، كما فاز بجائزة أفضل ممثل في مهرجان فينيس، وفي الحفل العشرين للسينما الإيرانية، حصل على التمثال الذهبي ودبلوم فخري، وفاز أيضاً بجائزة أفضل ممثل في مهرجان آسيا – باسفيك للعام 2017، وفي مهرجان براتسلافا التاسع عشر للأفلام في سلوفاكيا منح جائزة أفضل ممثل وأهدى الجائزة إلى المتضررين من زلزال كرمانشاه.

وعن جائزة سيمرغ، يعتبر نويد نفسه فائزاً بها ثلاث مرات، أي أنه يرى أنه فاز بها عن فلم “لستُ غاضباً” أيضاً".


تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب